الجمال صفة مرغوبة ومألوفة ويتمناها كل إمرءٍ في هذا الكون، وإن بني البشر على إختلاف مللهم ونحلهم وانتماءاتهم الطائفية، العقائدية والسياسية، يرغب كلٍ منهم ويصبو الى أن يكون جميلاً بقدر المستطاع، لأن في نظره يمكن أن يكون هذا الجمال عاملاً مساعداً في الوصول الى المكانة، الشهرة، الاحترام وربما الحب.
فالإنسان ان يكون صاحب قدّ وقامة هيفاء ممشوقة ورشيقة أمر جميل جداً ، والاجمل بكثير أن يتوّج هذا القد وهذه القامة الرشيقة رجلاً كان أم إمرأة، شاباً أم شابة، عقل رزين وقول موزون وسمات خلاّقة لتكون الصورة أجمل وأكمل.
وكون المرء غنياً صاحب ثروة طائلة وأموال كثيرة ومتعددة أمر جميل أيضاً، والاجمل أن يكون هذا الغني حكيماً في تصرفاته، عاقلاً في إدارة شؤونه المالية وبتسخيرها لمصلحته هو ولمصلحة مجتمعه أيضاً، لا أن يبذرها لتذهب أدراج الرياح، ويعمل كذلك على منفعة المجتمع بشتى الوسائل التي يراها ملائمة ومجدية وأن يكون كريماً بماله بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
وكذلك جميل أن يكون المرء عالماً دارساً مثقفاً ومضطلعاً وعلى قسط وافر من المعرفة، والأجمل أن يكون هذا المرء صريحاً فيما يقول يهدي ويرشد بإخلاص دون مواربة، يعمل جاهداً على نشر الثقافة والتوعية في صفوف المجتمع إذا إستطاع الى ذلك سبيلاً.
أما أن يكون الانسان مقاولاً بناءًا وصاحب ورش كبيرة مثابراً وصادقاً في وعوده وينفّذ الاتفاقات بموعدها المحدد جميل جداً، والاجمل أن يقوم هذا المرء بتنفيذ أعماله وإتفاقاته على الأصول وبموجب التعليمات دون اللجوء الى الغش وعدم التمشّي بموجب المواصفات ويطبق أقواله فعلاً.
وكون المرء تاجر ليعتاش ويتعامل في هذه المهنة أمر جميل جداًوالأجمل أن يتّقي ربه في عدّة أمور مثلاً : لا يجني ربحاً فاحشاً، أن تكون بضاعته من نوعية صحيحة وجودة أكيدة بعيداً عن الغش والاختلاس والتمويه، وهدفه الوحيد والاوحد أن يحصل على رزقه وعلى لقمة عيشه بالحلال وفقط في الحلال لا بالكذب والتدليس.
وكذلك أن يكون المرء كاتباً ناقداً أديباً صحفيّاّ شيء جميل جداً، والأجمل أن يكون هذا الكاتب والناقد والأديب والصحفي موضوعيّاً بعيداً عن المراءاة ومراعاة الوجوه أو الكتابة لغرض في نفس يعقوب أو من أجل الحصول على ثروة أو أرضاء لفلان وكيل المديح له أو القدح لعلاّن وذمّه لأن في ذلك فقدان الجميل والاجمل.
جميل جداً أن يكون المرء صاحب مصنع ومراكز متفرعة ومختلفة وكبيرة ومنتشرة في كثير من الانحاء، والأجمل أن يكون هذا المرء قد وصل الى ذلك بجدّ وكدٍّ وإستقامة، لا بطرق ملتوية وغير مشروعة ومألوفة، وكذلك يترتب عليه أن ينتج بأمان وبنوعية وجودة متناهية بعيداً عن الغش والصّلف.
وأن يكون الأنسان مسؤولاً في مؤسسة أو ممثلاً في إطار إجتماعي جماهيري وربما سياسي وموضع ثقة الآخرين جميل جداً، والأجمل أن يتحلّى ذلك الانسان بالتواضع وبحسن المعاملة والتعامل بعيداً عن العنجهيّة والكذب والوعود البرّاقة التي لا رصيد لها، يعي وجع الآخرين ويقدّر مشاعرهم ويعمل على مساعدتهم قدر المستطاع.
وأخيراً، كثيرة هي الأوصاف والصور القلمية التي يمكن أن نتحدّث عنها في هذه العجلة ولا حصر لها، إلاّ أني أكتفي بهذا القدر مما ذكر على أن تكون نموذجاً يقف عند قراءتها الكثيرون ليعملوا معاً على إصلاح ما يمكن إصلاحه، لأن الإستقامة والأمانة والعمل الجاد النابع من الايمان الصادق والقناعة الاكيدة المرتكزة على قيم خلاّقة في مبادئ حب الانسان وإحترامه من خلال المساواة، لا بد الاّ وسيؤدي ذلك الى تغيير جذري ولو تدريجيّاً في كثير من الظواهر السلبية المتفشّية في صفوف المجتمع الواحد.