جاء المطران بطرس المعلم من البرازيل ليضع حجر الأساس لمشروع كنيسة سيدة الجليل، في قرية جديدة تقع في مرج البقيعة التي أنشئت سنة 1952 ، مباشرة بعد تهجير وتدمير ما يقارب 400 قرية عربية. بقينا بدون اذن لبناء كنيسة في هذه القرية حتى جاءنا من البرازيل سيادة المطران بطرس المعلم.
سُيم مطراناً اصيلاً لأبرشية عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل، بالرغم من محاولة أحد رؤساء الوزراء للحكومة الاسرائيلية عرقلة ذلك، سمعته يتحدث في التلفزيون وقال المطران بطرس “انه ليس منّا – לא משלנו” وقد حاول افشال وصوله للبلاد، قد يكون السبب، لأن المطران بطرس عُرف بالاستقامة والوطنية، بالنزاهة وبحبه للناس، بالإنسانية وبدعوته للتعايش المشترك بين أبناء الطوائف والديانات، أضف إلى ذلك تعمقه في اللاهوت. أقول “كيف ليس من منّا؟؟!! فهو ابن عيلبون، وينحدر من عائلة كريمة خدمت الوطن والكنيسة. غادر سيادته البلاد قبل قيام الدولة طلباً للعلم، ومُنع من العودة”.
عينت في لجنة التحضير لاستقبال سيادته في يومه الأول في كاتدرائية مار الياس وفي دار المطرانية، احببناه قبل أن نراه، وقبل أن نتعرف على سيادته شخصياً زاد حبنا وتقديرنا له بعد معرفته عن قرب. اجتمعنا بسيادته من أجل بناء كنيسة في القرية، وجدته متحمساً جداً لبناء الكنيسة، لم نكون بحاجة لإقناع سيادته بأن رعيتنا بحاجة لكنيسة، رافقنا في غالبية الاجتماعات مع المهندس، حيث تطور الموضوع من بناء كنيسة متواضعة الى التحضير لمشروع يشمل في البداية القاعة الرعوية وكنيسة كبيرة ، كي تخدم قريتنا النامية مع امكانية تطوير المشروع ليشمل مرافق اخرى تحتاجها الرعية والكنيسة.
لمست في هذه الجلسات بأن لسيادته معرفه كبيرة في هندسة الكنائس، لقد تجلى ذلك في رؤيته ثلاثية الابعاد للمخططات ثنائية الابعاد، أضف إلى ذلك فقد كان شريكاً فعالاً في القياسات، أكثر من مرة كان يأخذ المسطرة من المهندس ويعيد القياس ويطلب تعديلاً معيناً. في إحدى المراحل أخرج من درج المكتب في المطرانية، كتيباً شمل صور لكنيسة القديس بطرس وبولس للملكيين الكاثوليك في حريصا لبنان، وأطلعنا على دوره في بناء تلك الكنيسة الضخمة والجميلة.
في عهد سيادة المطران بطرس استصدرنا رخصة البناء الاولى (طلب من المهندس تعديلها بحيث تشمل القاعة الرعوية والكنيسة)، باشرنا ببناء الطابق السفلي، تابع سيادته العمل شخصياً من المكتب ومن خلال زياراته المتعاقبة لمعاينة تقدم البناء في الموقع، وكأن أجراس الكنيسة العتيدة تقرع فرحاً ترحب بسيادته وتقول ها قد بدأ حلمنا يتحقق .
لم يقبل سيادته أن يضع حجر الأساس لمشروع كنيسة سيدة الجليل، قبل انهاء بناء الاساسات والمسطبة والجدران. وضع سيادته حجر الاساس يوم 3 أيار سنة 2003 . شارك في الاحتفال رجال دين من مختلف الديانات وجمع غفير من سكان القرى المجاورة. لم يتحدث سيادته فقط عن الكنيسة بل قال “عرب هذه البلاد ، مسلمون ، مسيحيون ودروز كانوا وسيبقون اخوة ومتحابين”. جملة قليلة الكلمات عميقة المعنى، هكذا كان مطراننا، إن قال فعل، عرفته انساناً متواضعاً، تقياً ، ورعاً وأشد استقامة من المسطرة.
أطال الله في عمرك يا سيدنا بطرس المعلم أنك تستحق التكريم أولاً بمحبة الناس التي قد حظيت بها بجدارة وثانياً بتكريم اسرة اللقاء لك في هذه الامسية، اشتراكك في مؤتمرات مركز اللقاء ومداخلاتك أعطت بُعداً وعمقاً اضافياً لهذه المؤتمرات واني أشهد بذلك من خلال مشاركتي في غالبيتها.