ضرب سمير جعجع الحديد وهو في اقصى حماوته في حربه ضد وصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، فهو وبغض النظر عن الطبيعة المختلفة بين الرجلين لم يترشح في اي وقت كي يصل الى بعبدا، فالغاية معروفة منذ ما قبل انعقاد الجلسة الاولى في الجلس النيابي، وكان يعي جعجع من ضمن حقوقه في ادارة اللعبة السياسية والتنافس القائم على الساحة المسيحية ان مجرد ترشحه للرئاسة الاولى سوف يصل في يوم من الايام الى القاعدة التالية: يلتقط بطريرك الموارنة اعادة احياء «العداوة» بين الرجلين مما يدفعه الى البوح: لقد شبعنا من عون وجعجع ولنفتش عن مرشح من خارج هذه الدائرة ونجح الدكتور سمير جعجع في «مسعاه» او مهمته الاساسية على خلفيات عدة وفي طليعتها إما ان يكون مكلفاً بهذه المهمة او بالاحرى ليس بحاجة الى هذا التكليف فهو ومنذ العام 1988 او ما قبله بقليل لم «يبلغ»عون في قيادة الجيش ورئاسة الحكومة.
وتقول مصادر مقربة من التيار الوطني الحر انه لا لزوم للشكوك بنوايا جعجع التي لاقى بها العماد عون لدى عودته من المنفى حيث كان في وضعية «الجمل بنية والجمال بنية»، وتسرد هذه المصادر مسألة الانفتاح الاساسية التي انطلق بها عون منذ العودة وزيارته الاولى كانت لضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثم زيارة جعجع في السجن، وكان من المفترض ان تتلاقى هاتين الزيارتين بنوايا مقابلة ولكن العكس حصل وذهب جعجع الى اقصى ما يمكنه الذهاب والى حيث لا يجرؤ احد الى التحول نحو الاتفاق الرباعي لمواجهة ميشال عون ووضع يده في كف حزب الله ليس من ضمن مسلسل غرام مستدام بل من اجل مواجهة عون.
ولكن تقول هذه المصادر ان التيار الوطني الحر استطاع اجتياح جبيل وكسروان والمتن الشمالي والجنوبي وجزين اي اغلب المناطق المسيحية واصبحت له كتلة نيابية وازنة وفاز ايضا في العام 2009 بالرغم من كل ما سيق بحق الجنرال من اتهامه الساعي الى الباس المسيحيين «التشادور»!!!
ولم يكن رئيس حزب القوات اللبنانية ليخرج من معراب تضيف المصادر الا وفق تدابير امنية مشددة وحتى انه قاطع اجتماعات الاقطاب الموارنة في بكركي وبرئاسة البطريرك الراعي من اجل هذه الدواعي، وفجأة ازيحت الاخطار عن سيد معراب وبات يتنقل بين بعض السهرات الخاصة وباتت طريق باريس غير محفوفة بالمخاطر او حتى الدخول الى بكركي مرات عدة، فالجنرال يستأهل التعب والمغامرة والمخاطرة الى الحد الاقصى حتى ولو كان طالب العلم من الحريري في فرنسا، وتلفت هذه المصادر الى ان هذا التعب المرهق لجعجع ما كان ليحصل الا لهدف وحيد: رمي الحصى والحجارة في درب عون دون اسباب جوهرية اللهم اذا كان الاعتقاد ان الجنرال سوف يشارك في اقامة الجمهورية الاسلامية في لبنان!!
وتشير هذه المصادر انه لو قيّض لجعجع ما استحقه عون من عطف طائفة كبرى في البلد لما تأخر دقيقة واحدة وهو القائل مرارا ان القواعد الشعبية بين القوات وحزب الله متشابهة ولكن قرار الحزب كان واضحاً، استجار جعجع بالطائفة السنية الكريمة وفق عناوين 14 آذار والتي اطلقها عون بالذات منذ العام 1989 فتم احراج عون لاخراجه من منزله السياسي الاول فخرج من 14 اذار واستدار لتفاهم سياسي يقيه الذي توقعه منذ سنوات وهي الاصولية ودعا الجميع الى المائدة لتكون جامعة سياسية وطنية لدرء الاخطار وكانت الاستجابة المزيد من رمي الاتهامات على عون، ولم يتمكن الجنرال من الاقدام على دعسة نحو الانفتاح حتى كانت الرقابة القواتية حاضرة ابتداء من تمزيق اعلام التيار وصولا الى مسألة لاسا وبطبيعة الحال زيارته الى سوريا وارض المسيحيين الاوائل.
واشارت المصادر نفسها الى ان الجنرال كان في كافة المحطات معرض تشويش وصولا الى الخيانة حتى زار بطريرك الموارنة مار بشاره بطرس الراعي سوريا فتلقى السهام المماثلة ممن اصبح يزوره بشكل دوري، وكيف لا والجنرال عون مرشح للرئاسة ويفتح حواراً مع «تيار المستقبل» وهذين الامرين يستأهلان ليس زيارة بكركي فحسب انما الاقامة عند الرئيس سعد الحريري لأيام، هي زيارة باريسية لم تكن للاطمئنان على صحة نجل الشهيد رفيق الحريري بمقدار ادخال السكينة الى قلب جعجع من ان عون قد يبتعد عن قصر الرئاسة في بعبدا أو ابعاده مهما كانت الصعوبات.
وتتابع هذه المصادر سردها وسبر أغوار زيارة الدكتور جعجع الى بكركي أول من امس ليحين موعد التوضيح لأركان من الصرح البطريركي حول كلام نقله جعجع عن البطريرك «من ان غبطته لم يتمكن من اقناع الجنرال بحضور جلسات الانتخاب»، هذا الكلام تم نفيه ظهر امس حين قال احد اركان بكركي: ان نقل هذا الكلام غير صحيح وهذا بمثابة خطأ ارتكبه جعجع اعلامياً»، وهذا النفي بحد ذاته يوحي بمدى سعي الدكتور جعجع لإزاحة عون عن رغبته بالترشح والوصول الى بعبدا مع العلم ان غبطة البطريرك لطالما كانت اولويته انتخاب رئيس للجمهورية بشكل فوري وهذه الرغبة الكبيرة يعرفها الجميع من الاقطاب.
وبالرغم من عدم تقصير التيار الوطني الحر في الرد وحتى انتقاد جعجع في مناسبات عدة الا ان من يزور الموقع الالكتروني للقوات اللبنانية تضيف المصادر، لا تتحكم به الحيرة بالتفتيش عن صورة العماد عون السياسية فيه فكيفما قرأت او شاهدت من مقالات او صور موزعة على يمين الموقع او يساره او حتى وسطه يمكن الاستدلال بسهولة الى محاولة التركيز على عقل و ذهن العماد عون او عدم اهليته من: «المستر عون» الى «الفاهم غلط» الى سلسلة من الصور المأخوذة لعون وهو في وضعيات يستدل منها انها بالطبع مقصودة ولكن الا يوجد غير عون في هذا المتراس مع «طنسا»؟ فهناك قضايا مسيحية على الحزب الذي يحمل شعار الصليب ان يعطيها بعض الاهتمام من مسائل اجتماعية واقتصادية وانمائية وصولا الى الامل المطلوب: انتقاد داعش التي اصبحت لدى القوات مجرد ثوار يريدون تحصيل حقوقهم!!
تقول هذه المصادر المقربة من التيار الوطني الحر ان اشياء مريبة تحصل في توجيه العقل الشعبي المسيحي، بحيث يعتقد القواتيون انهم وحدهم باستطاعتهم مواجهة داعش فيما يهرب الجنرال: اما كيف وباية طريقة سوف تحصل المواجهة وهي بطبيعة الاحوال سوف تكون متكافئة؟؟!! الى حد بعيد وهي ستتم بالحسنىواللسان النظيف والحوار البناء ولا ننسى ان داعش لديها قرطاسية مدرسية مدروسة ابتداء من الساطور وصولاً الى جز الرقاب، وتتحكم الحيرة بهذه المصادر حول بعض القيادات القواتية التي لديها رؤية بعيدة ونشأة وطنية صافية كيف انها صامتة او قيل لها ان تصمت، ولكن الا تعرف نشأه واهداف هذه المنظمات التي تقول «بعضمة لسانها» ان المسيحيين اهل ذمة والشواهد على ذلك كثيرة بالصوت والصورة.
وتطرح هذه المصادر جملة من المواقف القواتية التي تراجعت عنها وهي مفصلية وحيوية للمسيحيين:
1- تناسى القواتيون الاجهاز على القانون الارثوذكسي.
2- طرحوا جانبا المشاركة الحقيقية للاقطاب على طاولة البطريرك.
3- نفي من بكركي والمطران بولس مطر حول قول البطريرك انه لم يستطع اقناع العماد عون بحضور جلسات الانتخاب.
4- الموقف الرابع يتلخص بما ينادي به الدكتور سمير جعجع من ضرورة احترام الديموقراطية والتمثيل الشعبي وصولا الى السؤال: هل لدى العماد ميشال عون نواباً مسيحيين في كتلته ام لا؟ هل يمثل ثاني اكبر كتلة نيابية في المجلس النيابي؟
هل لديه عوائق جسدية وفكرية وتنقصه الرؤية الاستراتيجية؟
هل باع المسيحيين لحزب الله واصبحوا من اهل الشيعة؟
هل لا يحق له التحاور مع رئيس اكبر كتلة في البرلمان اللبناني وهو الرئيس سعد الدين الحريري؟
هل نوابه سارقون؟
هل وزراؤه غير مؤهلين لادارة ما يتسلمونه في الدولة؟
هل يؤيد عون ويدعم الجيش اللبناني بشكل كامل؟
اسئلة برسم اجوبة واضحة وبالارقام كي يعرف المسيحيون طريقهم نحو الوحدة بديلا عن التناحر والفرقة والتي اوصلتهم نحو السؤال الاصعب: هل يهاجرون كما هاجر بالقرب منهم مسيحيو العراق وسوريا وفلسطين…. قليل من التهدئة تقرب القلوب بعيدا عن الكرسي الفاقدة لبعض ارجلها منذ الطائف؟