إنَّها نوسْتَالْجيا… لا أَكْثَر!
يا قَرْيَةً أُلْبِئْتُ من رُضابِها
دَرَجْتُ في شِعابِها
رَكَضْتُ مِثْلَ شادِنٍ
على ذُرى هِضابِها ..
هَلْ تَذْكُرينَ حُبِّيَ الكَبيرَ
رَغمَ ما مَضى منَ السِّنينْ .
وبَعْدَما لَبِسْتِ أَفْخَرَ الثِّيابِ
صِرْتِ يا عَزيزَتي
بِشَوكَةٍ ومُدْيَةٍ أَراكِ تَأْكُلينْ .
وشَعْرَكِ الحَريرَ لِلنَّسيمِ كُنْتِ تُرْسِلينْ .
قَصَصْتِهِ ..
قَيَّدْتِهِ ..
وصِرْتِ حينَاً بَعْدَ حينٍ تَصْبُغينْ .
وقَدُّكِ الرَّشيقُ صارَ مُثْقَلاً
وكُنْتِ مِثْلَ مُهْرَةٍ تُسابِقينَ الرّيحَ حينَ تَجْمَحينْ .
وَصِرْتِ يا رَهينَةَ الحَضارَةِ الشَّوهاءِ والفُتونْ .
نَظّارَةً سَوداءَ تَلْبَسينْ .
وبَعْدَ ذا .. !
فَهَلْ تُرى تُصَدِّقينْ .
إنْ بُحْتُ يا حَبيبَتي بِسِرِّيَ الدَّفينْ .
وقُلْتُ : إنَّني أَراكِ رَغْمَ ما اعتَراكِ من جُنونْ .
فَلّاحَةً فَتِيَّةً تَعودُ من حاكورَةٍ
بِسَلَّةٍ مَليئَةٍ ( بَنْدورَةً )
وسَلَّةٍ من عِنَبٍ وتينْ .
وكُلَّ صُبْحٍ تَنْثُرُ الحُبوبَ لِلحَمامِ ،
ساعَةً يَطيرُ …
ساعَةً يَحُطُّ آمِنَاً
وساعَةً يَصْطَفُّ فَوقَ أَسْطُحِ البُيوتِ ،
مِثْلَما يَصُفُّ لِلصَّلاةِ مُؤْمِنونْ .
وبَيدَرَاً أَراكِ ..
حَقْلَ حنْطَةٍ ..
وراعِياً على السُّفوحِ
عَينُهُ على القَطيعِ لَحْظَةً بِلَحْظَةٍ
وفي يَمينِهِ
شَبّابَةٌ تَسيلُ سُكَّرَاً
وعَنْبَراً
على قُلوبِ مُتْعَبينْ .
وديكُ أُمِّ قاسِمٍ
أَسْمَعُهُ يَسْتَنْهِضُ النِّيامَ باكِرَاً
فَذي الحُقولُ بِانْتِظارِ مِنْجَلٍ وحاصِدٍ
وكَرْكَراتِ نِسْوَةٍ من خَلفِ حاصِدينْ .
ومُنْشِداتٍ يا بِلادَ الخَيرِ يا أُمَّ الَّذينْ .
تَجَذَّروا في الأَرضِ صابِرينْ .
وبَعْدُ .. يا عَزيزَتي
هَلْ أَسْتَطيعُ أَنْ أُعيدَ ما انْقَضى
من غابِرِ الأَيّامِ والسِّنينْ !!!
….. لكِنَّها نُوسْتالْجيا تَمُرُّ مِثْلَ نَسْمَةٍ
أَو جَرْعَةٍ من ماءِ واحَةٍ
في عُمْرِيَ المَأْسورِ بِالشَّقاءِ والحَنينْ .
( البُقَيعة / الجَليل شُباط 2015 )