– لا يحمل الطرح الاقتصادي-الاجتماعي لكحلون، ولا اقتراحاته للإصلاحات الاقتصادية تصوّرًا اقتصاديًّا مغايرًا للنظام الليبرالي القائم في دولة إسرائيل، بل يطرح تعديلات على السياسة الليبرالية عن طريق أدوات السوق الحر الذي ينتقده.
– لا يحمل كحلون أي طرح جديد خارق للإجماع القائم، ولا رؤية نقديّة ثورية يسارية حقيقية.
– يفصل كحلون بين السياسي والاجتماعي، ولا يرى أيّة علاقة بين إنهاء الاحتلال والعدالة الاجتماعية.
أصدر برنامج دراسات إسرائيل في مدى الكرمل ورقة جديدة من أوراق “شخصيات في السياسة الإسرائيلية” تتناول هويّة وزير المالية الجديد موشيه كحلون، جاء فيها أن نجم موشيه كحلون برز في سماء السياسة الإسرائيلية في سنوات 2009-2010 بعد أن أدخل إصلاحات جذرية على سوق الاتصالات الخليوية. هذا الإصلاح الذي فتح باب المنافسة بين شركات الاتصال وكانت نتيجته المباشرة خفض الأسعار للزبائن وتقليص حجم الفواتير. على غرار هذا الإصلاح صرّح كحلون في حملته الانتخابية أنه سيدخل إصلاحات مماثلة على سوق القروض المالية والبنوك وسوق المسكن.
تبدو هذه الإصلاحات للوهلة الأولى وكأنها إصلاحات اقتصادية اجتماعية، جاءت لتحمي المستهلك “المواطن” من عمالقة وبطش السوق، ولكن إذا نظرنا بتمعّن نرى أنها جاءت من وحي فكر السوق الحر والاقتصاد الليبرالي؛ والتي تخلق أرضًا تنافسية حرّة خالية من القيود تُحدد الأسعار فيها بناء على العرض والطلب وليس وفق سياسات حكومية تحمي المستهلك/المواطن. تتوافق هذه النظرة مع مبادئ كحلون الاقتصادية والاجتماعية والتي نشأ عليها في حزب الليكود. اذ تعود مشاربه الفكرية والسياسية إلى التيار الليبرالي في حزب الليكود، ممثل الطبقة البرجوازية والطبقة الوسطى. وقد قرر كحلون الخروج من الحياة السياسية في العام 2012 مدّعِيًا أنه لا يوافق على سياسات الحكومة الاقتصادية التي أصبحت جائرة وتزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتحصر المال في أيدٍ قليلة. وهنا يمكننا أن نعتبر هذا نقيضًا لإيديولوجيته الليبرالية.
عند عودته إلى الحياة السياسية في العام المنصرم مع حزبه الجديد “كولانو”، حمل كحلون راية التصحيحات والاصلاحات الاقتصادية وراية العدل الاجتماعي، لكنه لم يعرض طرحًا اقتصاديًّا مغايرًا للنظام الليبرالي القائم في دولة إسرائيل، ولم يطالب بعودة النظام شبه الاشتراكي ولا بسيطرة الدولة على الاقتصاد. بل طرح تعديلات رأى ضرورة إدخالها على النظام القائم ليكون أكثر عدلاً ويحقق مساواة بين شرائح المجتمع. وقد يعود هذا الموقف إلى مشارب كحلون السياسية وترعرعه في الحزب الليبرالي. من الملاحَظ أنّه حتى أكثر المعارضين للسياسات الاقتصادية القائمة في إسرائيل لا يطرح بديلاً جذريًّا، بل يوافق على الإطار العام للسياسات القائمة، وبذلك يتبنى كحلون -شأنه في هذا شأن غالبية الأحزاب والقيادات الإسرائيلية- الطرحَ الاقتصادي الليبرالي ولو طالب بترويضه. الانضواء تحت الإجماع الإسرائيلي ينسحب كذلك على مواقف كحلون وحزب “كولانو” في الجانب الأمني وقضية الاحتلال، والمقصود أنه لا يعرض بديلاً يخرق الإجماع الإسرائيلي في هذه المحاور أيضًا. ويمكن القول إنّه باستثناء تاريخ كحلون الشخصي وتجربته الناجحة في وزارة الاتصالات وخفض أسعار الاتصالات وخفض العمولات المصرفيّة (وهي أدوات مقبولة في النظام الليبرالي)، لا يحمل كحلون أي طرح جديد خارق للإجماع القائم، ولا رؤية نقديّة ثورية يسارية حقيقية. فهو يفصل بين السياسي والاجتماعي، ولا يرى أنّ هناك أيّ علاقة بين إنهاء الاحتلال والعدالة الاجتماعية.
للاطلاع على الهويّة، الرجاء الضغط هنا