يتساءل كثيرون عن دور الأديب والمثقف في المجتمع، فالأديب والمثقف جزء من المجتمع، وعليهم مسؤولية الانتباه لقضايا مجتمعاتهم، واستقراء أحواله وتشجيع الايجابيّات والتّحذير من السّلبيّات، وفي لقاء مع نخبة من الأدباء والمثقّفين، أبدى أحدهم مخاوفه من جرأة بعض الكتّاب في طرح الأمور، فقد تلحق جرأتهم الأذى بهم، ومع أنّ مخاوفه ليست في مكانها، إلا أنّ إحدى المثقّفات قالت: من يغضب من قول الحقّ “فليبلّط البحر”! وأضافت علينا أن نفرّق بين الجرأة والوقاحة، فالجرأة مطلوبة والوقاحة مرفوضة.
وعقّب مثقف آخر بسرده حكاية شعبيّة تقول:” يحكى أنّ والدة جحا سألته يوما: ليش طاقيتك مخزوقه يا جحا؟ فأجاب:
لأنّني أقول الحق!
فاستغربت ذلك وقالت له: قل الحقّ ولو على نفسك، ولا تحسب حسابا لأيّ شخص…فلا أحد يغضب من قول الحقّ سوى الجهلاء. فسألها: هل أنت متأكّدة من ذلك. فأجابت: نعم.
فسألها مرّة أخرى: أخبريني كيف أنت حامل وأبي متوفّى منذ خمس سنوات؟”
فانهالت على رأسه ضربا بحذائها!” فصاح: هل عرفتِ الآن “ليش طاقيتي مخزوقة؟”
فتساءل مثقفنا صاحب المخاوف قائلا:
ومن قال لكم أنّنا لا نعيش في جهالة؟ فلولا الجهل ما كانت هذه أحولنا.
ومع أنّنا بعيدون عن عصر جحا المعروف، إلا أنّ لكل عصر جحاه…والامام عليّ يقول:” لا تستوحشوا طريق الحقّ لقلّة سالكيه” ومن يبتعد عن طريق الحقّ ويسكت على الفساد والافساد، والسّلبيّات الموجودة فهو شريك فيها بشكل وآخر. وعلى المثقّفين أن يأخذوا دورهم في المجتمع، وأن يساهموا في بناء مجتمعهم، وأن يقوموا بدور النّاصح للسّياسيّ، ولصاحب المسؤوليّة، وهو بالتّالي سيتقبّل النّصيحة، ورحم الله عمر وهو القائل:” من رأى منكم فيّ اعوجا فليقوّمه” ورحم الله ذلك الأعرابيّ الذي ردّ عليه: “والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقوّمناه بسيوفنا” فردّ الفاروق:” الحمد لله الذي أوجد في أمّة الاسلام من يقوّم اعوجاج عمر”.
فهل من يمارسون الفساد والافساد سيبلّطون البحر أم سيشربون مياه البحر الميّت، أم سيعودون إلى طريق الصّواب؟