أغرب زواج” للكاتب المقدسيّ جمعة السّمان. يقع هذا الكتاب الصادر عام 2015 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، في 196 صفحة من الحجم المتوسط، ويحمل غلافه الأوّل لوحة للفنانة رشا السرميطي.
يواصل الكاتب جمعة السّمان مطالعاته وكتاباته، رغم وقوفه على عتبة العقد التّاسع من عمره، ونحن إذ نتمنى له الصّحّة الجيّدة والعمر المديد، لنكبر فيه هذا النّشاط، مع التّذكير بأنّه من المواظبين على المشاركة الفاعلة في ندوة اليوم السّابع الثقافية الأسبوعيّة في المسرح الوطني الفلسطينيّ في القدس، وقد صدر له في الأسابيع القليلة الماضية عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس كتاب” أغرب زواج” وهو الكتاب الثّالث الذي يصدر له خلال السّنوات القليلة الماضية. وكان صدر له كتاب”تصبحون على حبّ” وكتاب”همس في أذنها”.
والقارئ لهذا الكتاب سيجد أنّه مجموعة نصوصه تتفاوت بين الخاطرة والمقالة، كانت تقترب أحيانا من فنّ القصة والأقصوصة ثمّ لا تلبث أن تبتعد عنها، ويتّضح أيضا أنّ الكاتب لم يهدف إلى تصنيف كتابه تحت أيّ صنف أدبيّ بعينه، وإنّما أراد التعبير عمّا يجول بخاطره كيفما تيسّر له.
وكاتبنا الذي عاش ومرّ بتجارب طويلة خلال عمره المديد، أراد أن يفيد الجيل الجديد بهذه التّجارب التي صقلتها حلاوة التّجربة ومرارتها، وسنجد نصوصه تتطرّق لمواضيع شتّى، تتفاوت بين الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة، وكأنّي به يريد تكريس الايجابيّات والتنبيه والتّحذير من السّلبيّات. ولكي يحقّق ما يصبو إليه فقد ارتكز في لغته على الأسلوب الحكائي وما يتطلّبه من لغة انسيابية، ونجده يقترب في بعض النّصوص من التقرير الصّحفيّ. وثقافة الكاتب تنعكس جليّة فيما يصبو إليه.
ففي نصّ “أغرب زواج” الذي عنون الكاتب كتابه به، طرح السّمّان قضيّة موجودة في مجتمعنا وفي غيره من المجتمعات العربيّة، وهي حَمْل فتاة سفاحا من شابّ قد يكون أوهمها أو وعدها بالزّواج، وأمثال هذه الفتاة قد يتعرّضن للقتل من قبل ذويهن، لكنّ هذه الفتاة كانت جريئة، فواجهت الشّاب وواجهته بالحقيقة فقالت له:” وهذا الزّرع من بذره في أرضي؟ معدوم الضّمير…حقير الأخلاق…قرب موسم الحصاد…وقد شحذتُ المنجل…ولك الخيار…بين موسم خير وحياة أسرة…أو منجل فناء وموت…تنتهي فيه سيرة حياة أب نذل”ص24 وبالتّالي فإن الشّاب خاف ورضخ خصوصا بعد أن رأى غضب الجمهور، “وكان بين الجمهور إمام جامع الحيّ…لمح كبر بطن الفتاة….وشعر بجبن الشّابّ وتوتّره…أمسك بيد الشّابّ…تتبعهما الفتاة…دخل إلى بيته…واستدعى رجلين شهدا على عقد قرانهما” ص25.
وهكذا فقد حلّ الكاتب هذه العقدة بالزّواج…وهذا الحلّ موجود أيضا في مجتمعنا…ونلاحظ كيف أنّ الكاتب كان متعاطفا مع الفتاة، وجعل منها لبؤة؛ لتحمي نفسها، في حين وصف الشّابّ بالحقارة والنّذالة.
وفي “حكاية ضاق بها الخيال” ص141 يطرح لنا الكاتب حكاية خرافيّة تتمثل بشاب أحبّ زميلة له في العمل، لكن والده وقف ضدّ زواجه لأنّه كان قد حجز له ابنة عمّه منذ طفولتهما، ولمّا كان الشّاب بحاجة إلى المال، فقد احتال على والده الذي باع أرضا بعشرين ألف دينار، وربط له في الطّريق، واحتال كقطاّع الطّرق وأخذها من والده، وعاد لوالده بعرض زواجه من حبيبته دون أن يكلّف الأب أيّ مبلغ ماليّ، زاعما بأنّه حصل على قرض من البنك، فوافق الأب، وبعد الزّواج عاش الولد عذاب الضّمير فاعترف لوالده بفعلته، ليكتشف أنّ الوالد كان يعرف الحقيقة منذ البداية.
وهذا النّص فيه قصّ واضح.
وفي النًصّ الأخير “للهّ درّك غزّة، يتغنّى الكاتب ببطولات أبناء قطاع غزة الذين تصدّوا للعدوان الاحتلاليّ عليهم، وقدّموا دماءهم رخيصة دفاعا عن وطنهم.