في أجواء ثقافية دافئة، احتضنت مكتبة ومقهى “كتابُن” في مدينة الناصرة، مساء الأحد الماضي (15 شباط) عشرات المبدعين ومحبي الأدب، ورفاق المناضل الراحل نمر مرقس، رئيس مجلس كفر ياسيف المحلي، وسكرتير لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية سابقاً، واحد قادة “يوم الأرض” الخالد، وذلك بمناسبة عيد ميلاده، الذي صادف في اليوم نفسه، وتكريما لمؤلفه، “أقوى من النسيان” الذي يستعرض من خلاله سيرته الذاتية، ومن خلالها سيرة شعبنا الفلسطيني في هذه الديار، منذ الفترة الأخيرة للانتداب البريطاني على فلسطين، مرورا بنكبة شعبنا الفلسطيني وفترة الحكم العسكري البغيض، وهبة الجماهير العربية في يوم الأرض، وشتى المؤامرات التي تعرض لها شعبنا، وابرز معاركه النضالية التي شارك فيها الراحل، وكان في القسم الاكبر منها قائدا، ومعلما، ومثقفا، ترك بصمات كبيرة على الكثير من الاجيال التي تتلمذت على يديه، والذين كان من بينهم شاعرنا الفلسطيني الكبير، الراحل محمود درويش.
أدار الأمسية، الكاتب والصحفي وليد ياسين، مستعرضا محطات عدة من تاريخ نمر مرقس ورفاقه الشيوعيين والقوميين العرب في هذه الديار، وعمله في مجال الصحافة، خاصة حين كان قائدا نقابيا في نقابة المعلمين، وعمل على اصدار نشرة خاصة للمعلمين، مهمتهما غرس الروح الوطنية في نفوسهم ومنهم الى نفوس طلابهم، وكذلك عمله محررا لمجلة “الغد” الشبابية، ورعايته للفن والادب، واهتمامه بتعريف القراء على الثقافة الانسانية. ووصف مرقس بأنه سيزيف الفلسطيني الذي كابد وضحى من اجل تثقيف الاجيال.
ثم تحدث الشاعر حسين مهنا، فاستعرض محطات بارزة في كتاب “اقوى من النسيان”، مركزا على الجوانب الانسانية والوطنية والاجتماعية التي ميزت نمر مرقس، ونضاله وتصديه للسلطة وسياسة التهجير، وكفاحه من اجل حقوق شعبنا، بكل فئاته، ودفاعه عن الأرض والبقاء في الوطن، وحقوق الأقلية العربية. وتطرق الى جوانب انسانية عرفها عن الراحل من خلال مزاملته طوال سنوات من عمره.
وتحدثت المربية الهام بلان، ايضا، عن بعض الجوانب التي تركت تأثيرا في نفسها، من خلال قراءة كتاب الراحل ومحطات حياته النضالية، معتبرة ان هذا الكتاب يجب ان يتواجد في كل مكتبة وفي كل مدرسة، كي تتعلم الاجيال تباعا تاريخ شعبنا كما سجله نمر مرقس.
واستعرض الكاتب والصحفي عودة بشارات في مداخلة مستفيضة، سيرة ومسيرة نمر مرقس وشعبنا الفلسطيني كما وثقها في “اقوى من النسيان”، مشيرا الى العديد من محطات النضال التي خاضها نمر مرقس في اطار الشبيبة الشيوعية والحزب الشيوعي ونقابة المعلمين والمجلس المحلي ولجنة الرؤساء، وبطولات الوطنيين في مواجهة الشاباك والمتعاونين وشرطة الحكم العسكري، والتي وثق الراحل قسما كبيرا منها في كتابه.
وتخللت الامسية وصلة غنائية لابنة الراحل الفنانة أمل مرقس بمرافقة العازف المبدع نسيم دكور، بدأتها برثائية “أباي”، واختتمتها بوصلة قصيرة من الاغاني التي كان الراحل يعشقها، من الفولكلور وحتى محمد عبد الوهاب.
ومن ثم شاهد الحضور الفيلم الوثائقي “أقوى من النسيان” من اخراج الفنان باسل طنوس، والذي يجري فيه لقاءات مع عدد من رفاق ومرافقي مسيرة نمر مرقس، تحدثوا فيها عن ذكرياتهم معه ورؤيتهم لشخصيته ولمواقفه الانسانية والوطنية.
وقدمت رفيقة الفقيد نبيهة مرقس مداخلة قصيرة استعرضت من خلالها جوانب لم يتطرق اليها الراحل في كتابه، وشكرت منظمي الامسية والمشاركين فيها على احياء ذكرى ميلاد رفيق دربها في هذه الاجواء الفنية والثقافية التي كان يحب.
ثم قدم رئيس القائمة المشتركة المحامي ايمن عودة ملاحظات حول الكتاب ومواقف المناضل نمر مرقس.