عجبا لما رأيت وما سمعت ..في سوائل الاعلام المختلفة ..التي تسارع في كل مرة للإشادة بحلف الدم الذي يربط الطائفة المعروفية بالدولة بعد فرض قانون التجنيد الاجباري عليها منذ سنوات الخمسين مستثنية باقي الأقليات منه ..كما تشيد بذلك معها.. والتي تخدم تطوعا في اجهزة الامن المختلفة .
فيسارع المسؤولون للمشاركة في تشييع الجنازات والى القاء خطب الرثاء على جثامين الشهداء ( الضحايا ) ناثرين دموع التماسيح فوق نعوشهم . مطلقين الوعود العرقوبية والكلمات المعسولة عن نيتهم بإعطاء الحقوق وتحقيق المساواة .. وذلك بعد ان قدمنا وما زلنا نقدم كافة الواجبات اتجاه الدولة… هذه الدموع التي تسارع بالجفاف حالما يغادرون القرى.. ولتتبخر الوعود لتذهب ادراج الرياح كما ذهبت من قبل… فعلى ماذا حصلنا من حقوق غير المزيد من التمييز وعلى ماذا حصلنا من ميزانيات غير الفتات !!!
ان حلف الدم المزعوم نتيجة الخدمة الالزامية والجبرية وتقديم خيرة شبابنا في ساحة المعركة وعلى مذبح الحرب.. من الذين سقطوا ضحايا وشهداء في سبيل لقمة العيش بعد ان سدت الابواب في وجوههم.. كل ذلك على امل ان ينعم من بعدهم من ذويهم واولادهم واحفادهم بالعيش الكريم والسلام والأمن.. ولكن للأسف تجيء النتيجة عكسية تماما لما توقعوا.. فها هي دماؤهم تصرخ من تحت التراب على ما يعانيه ممن تركوا خلفهم ..من التمييز الصارخ وعدم اعطائهم الحقوق والمساواة التي اطلقوها ساعة توديعهم في خلال مراسم الجنازة ..
اهلنا الأعزاء.. كفاهم ضحكا على ذقوننا وكفانا ضحكا على انفسنا.. اننا كما قال المرحوم كمال جنبلاط – لا نعادي ولا نعتدي ولكننا نحارب وننتصر.. فنحن طلاب حياة لا طلاب موت.. فنحن نبغي حلف حياة لا حلف دم.. كم بالحري اذا كان هذا الحلف لم يجر علينا سوى المآسي والدموع ومزيد من التمييز والاضطهاد وسلب الحقوق ..
ان اكثر من 80% من خيرة اراضينا قد نهب وسلب او تم شراءه بطرق ملتوية عن طريق سماسرة الارض من ذوي الضمائر المستترة والمنفصلة والمأجورة .
وان كافة قرانا من الجليل والساحل والكرمل لا زالت تعاني من التضييقات وخنقها عن طريق الاعلان عن مناطقنا محميات طبيعية وتنفيذ مشاريع عامة على حساب اراضينا او سلبها لإعطائها الى مستوطنات زراعية قريبة.. او بناء مستوطنات فوقها ..
هذه التضييقات التي جاءت نتيجة سن قوانين مجحفة كقانون اراضي البور وقانون تركيز الاراضي وقانون المحميات الطبيعية الخ …هذه القوانين التي سدت الطريق امام اقرار الخرائط الهيكلية وتوسيع مسطحات البناء او تخصيص قسائم للأزواج الشابة ( او الجنود المسرحين ) ..لتدفع الشباب بالبناء غير المرخص ليتسنى لها تقديمهم للمحاكم وتغريمهم بعشرات الاف الشواقل واستصدار اوامر هدم بحق البعض من الدور ..غير ابهين بنسبة التزايد الطبيعي ..وغير مكترثين لحلف الدم المزعوم ولدماء الشهداء التي سفكت لتذهب هدرا دون تقدير او مقابل ..غير سامحين لذويهم او ابنائهم او احفادهم ببناء سقف يأويهم ويقيهم حر الصيف وبرد الشتاء ..
كما وحدث ولا حرج عن الميزانيات الهزيلة التي تمنحها او تخصصها الدولة لسلطاتنا المحلية ..هذه الميزانيات التي احيانا لا تكفي لدفع رواتب الموظفين في السلطة المحلية والتي تُدخل السلطة المحلية في دوامة الديون والعجز دائما ..ومن لا يصدق ليفحص ويقارن كل رئيس سلطة محلية لدينا ميزانيته بميزانية اقرب مستوطنة قريبة منه ..وليرى الاجحاف في ميزانيات التعليم والثقافة والتربية وليقارن كم يحصل الطالب اليهودي مقابل الطالب في بلدته ..
اهلنا الاعزاء ..ان قرانا لا تزال تراوح في ادنى سلم القرى والبلدات من حيث الميزانيات والتطوير ..اذ لا زالت قرانا تعاني من نقص في البنى التحتية العصرية من شبكات مياه ومجاري وطرق وارصفة وانظمة سير ومؤسسات تعليمية وتربوية ونوادي ومراكز ثقافية ودور عجزة ..وملاعب ومكتبات عامة اذ ان مياه المجاري لا زالت تجري في بعض الاحياء والطرقات مليئة بالحفر والارصفة معدومة وهناك نقص في الغرف التدريسية وحتى في بناء مدارس حديثة ..الخ
كما ان لا يوجد أي منطقة صناعية مرخصة ..ولم تعمد الدولة على تصنيع قرانا اسوة بما تبنيه من مصانع في اصغر الكيبوتسات والمستوطنات القريبة من قرانا ..الامر الذي يدفع بغالبية السكان للعمل في خارج القرية …ليظلوا اجيرين كادحين يلهثون خلف لقمة العيش ..ناهيك عن نسبة البطالة العالية بين المواطنين خاصة النساء والفتيات ..
كما لم تقم الدولة بتخصيص مياه للري ليتسنى للمزارعين العيش بكرامة من زراعة اراضيهم ..
كما تعارض الدولة وتمنع من المواطنين مخصصات وهبات من قبل وزارة الزراعة كمياه للري وبناء اقنان دجاج وحضائر ابقار واغنام عصرية او بيوت بلاستيكية كما هو الحال لدى المستوطنات والكيبوتسات المجاورة لنا ..
ان القيادات كافة لدينا تدرك وتعرف وتعي ذلك وتدفن رأسها في الرمل كالنعام ..ورغم هذا لا زالت تمسح الجوخ للمسؤولين في السلطة.. على اختلاف مراكزهم ..فألى متى هذا الذل والهوان واراقة ماء الوجه ..فاين انتم من وصية المرحوم سلطان باشا الاطرش الذي قال :
ان كاس الحنظل بالعز اشهى من ماء الحياة مع الذل
فاين عزة النفس منكم ! فكفاكم ذلا وهوانا ..
اننا مواطنون في هذه الدولة قبل الكثيرين منذ الاف السنين ..ولنا الحق في الحياة والعيش الكريم ..اسوة بباقي السكان خاصة اليهود منهم ..كم بالحري بعد ان قدمنا ولا زلنا نقدم كافة الواجبات اتجاه الدولة ..
اهلنا الاعزاء
كفنا وعودا عرقوبية فاين انتم من الايمان اولستم مؤمنين ..ان المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين ..!! فقد لُدغنا وما زلنا نُلدغ منذ ستين عام ونيف ..فكفانا لدغا ..وان الاوان ان نتعلم الدرس ونتخذ العبرة ..ونعتبر ولنقف ولو لمرة واحدة وقفة عز وكرامة وعنفوان ..كما وقف اهالي بيت جن في 1987 في هبة الزابود المباركة للدفاع عن الارض والعرض ..
كي ننتزع حقوقنا المشروعة ..اذ ان الحقوق تؤخذ ولا تعطى ..فامل ان تترجم الوعود التي سمعت من رئيس الحكومة والمسؤولين في الاجتماع الاخير وان تترجم على ارض الواقع والا تبقى في الهواء او حبرا على ورق ..ان الجماهير وضعت ثقتها بكم فامل ان تكونوا موضع ثقتهم والا يخيب الظن بكم ..كما حدث حتى اليوم ..فكفى للسلطة مماطلة وكفانا وعودا عرقوبية ودهنا.. فقد ملت الاذان سماع هذه الاسطوانة المشروخة ..فان الاجيال القادمة من ابنائكم ستحاسبكم على التقصير فكم بالحري رب العالمين .. فأيقظوا ضمائركم من سباتها وحكموها من اجل المصلحة العامة والنهوض بقراكم لتلحق بركب التطور والتمدن لتكونوا لائقين بان تكونوا ابنائها ..لكي ننعم جميعا حاضرا ومستقبلا بعيش كريم وكرامة..!!