يتفنن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في تمرير الوقت على خلفية ان الاستحقاق الرئاسي مؤجل حتى اشعار آخر على حدّ قول مصادر متابعة لحركة جنبلاط بعدما خرج من قبضة اللاعبين المحليين انتخاب رئيس للجمهورية في فرصة نادرة اتيحت لهم كون «الاجندات» الخارجية حملت في جدول اعمالها ما هو اهم واكبر من مسـألة استحقاق رئاسي كان اشبه بتفصيل صغير في لعبة الامم، لكن التطورات وارتباط افرقاء النزاع بمحاور اقليمية اطاحت تلك الفرصة لتعود «صناعة الرئيس» الى سابق عهدها في انتظار مسار البوصلة الاقليمية التي تحدّد الشخصية التي ستدير لعبة الحكم في البلد وبمقياس المصالح الاقليمية والدولية.
يدرك الزعيم الاشتراكي تقول المصادر ان وصول احد اقطاب الصف الاول من الموارنة كالعماد ميشال عون وسمير جعجع يصيب منه مقتلا، فهو لا يكن الود لهما ولا لاي قطب ماروني يشتم فيه بأسا، لذلك لجأ الى التصويب ضد مقولة «الرئيس المسيحي القوي» كون الامر يلغي الكثير من قوة جنبلاط ويعطل دوره كبيضة قبان منذ الحروب الاهلية العبثية، وهو لولا خوفه من الرئيس الراحل حافظ الاسد لما شارك في توقيع «الاتفاق الثلاثي» مع الوزير الراحل ايلي حبيقة، كونه بالفطرة يمتلك نزعة استعلائية على السياسيين الذين وصلوا الى مواقع مسؤولة من الصفوف الشعبية. «فالبيك» في طبعه يغلب على «الرفيق» والاشتراكية ليست سوى شعار يتسلى به حفاظا على صداقات ورثها عن والده الراحل فتحت له اروقة اقليمية ودولية.
وتشير المصادر الى ان موقف جنبلاط الاخير من انه سيسحب ترشيح النائب هنري حلو للرئاسة الاولى في حال سحب عون وجعجع ترشيحيهما ليس سوى مزحة جنبلاطية، خصوصاً انه غالباً ما يتناول الامور بلغة ساخرة، فالزعيم الدرزي يعرف جيداً ان صناعة الرئيس باتت في المطابخ الخارجية والى ان يقدّر الله امراً كان مفعولا، وان المجريات المرعبة في المنطقة تحتل سلم اولوياته لان صراع الكبار اطاح دولاً وانظمة وان كلامة حول «ضرورة المحافظة على لبنان غورو» يدل على قلقه الوجودي في لعبة صراع البقاء اذ يجب المحافظة على الجمهورية قبل الانتقال الى انتخاب رئيس لها، فلهيب الحرائق في المحيط يلفح الساحة المحلية والتكفيريون باتوا رقما صعبا في المعادلة الشرق اوسطية، و«داعش» موجودة على الساحة المحلية كما زميلتها «جبهة النصرة»، وان رفضه في السابق لتحالف الاقليات كونه يشكل مقتلا لها، الا ان المجريات لا تسمح له بالسباحة في بحر الاكثرية بعد اعلان «دولة الخلافة»، وهذا ما يقض مضجعه، خصوصا ان الدروز في سوريا وقفوا الى جانب النظام السوري.
وتضيف المصادر ان جنبلاط اثر تسارع المتغيرات الزلزالية في المنطقة من العراق الى سوريا اصبح اشد قناعة بوجوب «النأي بالنفس» عند احداث المحيط الا ان هذا النأي لا يقدم ولا يؤخر بعدما انزلق البلد ان الوحول السورية حيث المعارك في جرود عرسال مستمرة بين الجيش من جهة و«جبهة النصرة» من جهة اخرى اضافة الى مجموعات «حزب الله» التي تقاتل التكفيريين على طول امتداد السلسلة الشرقية، وما يقلق «البيك» الشريط الحدودي الذي تسيطر عليه «النصرة» في الجولان السوري ويخشى تمددها الى منطقة شبعا وجرود العرقوب لحشر «حزب الله» وايقاعه بين ناري التكفيريين من جهة واسرائيل من جهة اخرى.
واشارت المصادر الى ان هم جنبلاط في المرحلة الراهنة وضع الدروز في مربع الحياد الى ان تنحسر الستارة في مسرحية لعبة الامم داعيا شباب الجبل الى «الانفتاح وقبول الاخر والحوار لصون الوطن» اثر لقائه وفدا من منظمة الشباب الاشتراكي في منطقتي اقليم الخروب وعاليه في الاول من امس مركزا على اهمية الرياضة في بناء شخصية الانسان. ولعل الطريف في الامر ان «البيك» رياضي في زمن «قيامة البنادق».
(موقع بنت جبيل)