وفي هذا السياق ومع الشريط التلفزيوني نضيف خبرا عن يوم دراسي خاص بالمجتمع الدرزي في اسرائيل عقد مؤخرا في الناصرة وتم نشر، وتم نشره يوم امس، في موقع المصدر الشفاعمري وجاء فيه:
بمشاركة عدد من الأكاديميين الدروز وغير الدروز أقام مركز مدى الكرمل –المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية – يوم السبت الأخير في فندق العين في الناصرة يوما دراسيا عن دروز إسرائيل تحت عنوان: الدروز في إسرائيل وأزمة الواقع العربي: جدلية الجزء والكل.
ترأس الجلسة الأولى والتي كانت بعنوان “إشكالية الواقع الدرزي في السياق الإسرائيلي والفلسطيني” ابن قرية يركا الدكتور يسري خيزان ومما جاء في كلمته الافتتاحية:”يأتي هذا اليوم الدراسي تتويجاً لعمل المجموعة البحثية التي نشطت في مركز مدى خلال العامين المنصرمين ويكتسب هذا اليوم الدراسي أهمية خاصة لسببين أساسيين. الأول أنه وللمرة الأولى تبادر مؤسسة بحثيةأكاديمية عربية في الداخل لطرق الموضوع الذي طالما ظل حكرا على المؤسسات الأكاديمية والسياسية الإسرائيلية، ذلك أن القناعات التي سادت في السابق كانت تقوم على أن أي محاولة لطرق الموضوع أو أي مواضيع جزئية من المكون العربي العام قد يفسر على أنه استمرارية لسياسة الدولة التي قامت على تجزئة الكل أو تجسيدا للموروث الاستعماري الغربي الذي لم يوفر جهدا لاستغلال التنوع الديني والمذهبي والاجتماعي للمجتمعات العربية وتوظيفه من أجل السيطرة والهيمنة.
السبب الثاني لأهمية هذا اليوم الدراسي أن انعقاده يأتي في ضوء أحداث جلل تعصف بالشرق الاوسط العربي أدت فيما أدت إلى سقوط أنظمة وتفكك دول وتمزيق مجتمعاتواستعار حملات لتعميق التجزئة والتفرقة في المجتمع العربي من خلال اختلاق قوميات جديدة وتكرار السياسة ذاتها التي طبقت في الحالة الدرزية خلال سنوات الخمسين والستين وبالتالي فإنه من الضروري إحداث تغيير جذري في الخطاب النقدي العربي يترفع عن التخوين والمؤامرة، بل يقوم على ابراز التنوع داخل المجتمع العربي كامتياز قيمي وليس كنقطة ضعف، فالحركة الوطنية الفلسطينية وكذلك القومية العربية ومجمل الحركات الثورية التي ظهرت في المنطقة العربية تميزت على الدوام بعنصر التنوع، وبهذا شكلت التحدي الأيديولوجي الأكبر لايديولوجية اللون الواحد والمطلق.
رغم كل ما تقدم لا بد من الإقرار أن إسرائيل نجحت خلال العقود الماضية في فصل الدروز عن محيطهم العربي والإسلامي من خلال سياسة منهجية اِمتدّت من فرض الخدمة العسكرية الإجباريةوانشاء المحاكم المذهبية واختلاق القومية الدرزية وتطبيق برامج التدريس الخاصة بالدروز والتي كان لها مردود واضح على صياغة الهوية،لا يقلّ أهمية عن ذلك نجاح إسرائيل في خلق انطباع عام بأن الدروز باتوا شركاء متساوين في المجتمع الإسرائيلي وأنهم دُمجوا في مؤسساته السياسية والأمنية. إلاّ أن واقع الأمور يُظهر صورة مغايرة تمامًافالخدمة في الجيش والتصويت لصالح الأحزاب الصهيونية لم يحصن الدروز من التهميش والاستغلال الأمر الذي تمثل بمصادرة الأراضي وانعدام الخرائط الهيكلية والبناء غير المرخص، التمثيل في الجهاز الإداري للدولة والتحصيل العلمي المتدني، والأهم من ذلك إعادة صياغة الذاكرة الجماعية للدروز من منطلقات الفكر الصهيوني.
أما الكلمة الأولى في الجلسة فكانت للبروفيسور أمل جمال المحاضر في جامعة تل أبيب ومدير مركز إعلام والذي تحدث إلى جمهور الحاضرين حول موضوع جدلية المادي والروحاني في تكوين الحالة الدرزية، شدد من خلالها على أن العقيدة الدينية لا تفسر بالضرورة السلوكيات السياسية عند الدروز في إسرائيل.
تلتها ورقة لطالبة الدكتوراة في جامعة القدس سماح خطيب حول تباين خطاب الحقوق المدني والقومي في مفهوم المواطنة في الديمقراطية الاثنية ومحاولة صياغة مفهوم مواطنة جديد عند الدروز كأقلية أصلانية.
أما الكلمة الثالثة فكانت للاستاذ أمير خنيفس طالب دكتوراه ومدرس في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة لندن والتي كانت بعنوان:”الاعتراف وسياسة السكوت عند الدروز خلال فترة الانتداب البريطاني”، فيها أشار إلى أبعاد عدم اعتراف السلطات البريطانية بالطائفة الدرزية كأقلية دينية مستقلة،على التصرف السياسي عند الأغلبية الساحقة من الدروز الذين قطنوا فلسطين خلال تلك الفترة، وموقفهم المحايد أتجاه الصراع بين القوى الساسية المتنافسة على السيطرة في فلسطين.
أما مداخلة السيدة غاده السمان، طالبة للقب ثاني في جامعة بير زيت، فقد كانت حول العلاقة بين نظام المعرفة الدينية في المذهب الدرزي والعزلة التي تكونت لدى الدروز عن محيطهم العربي معتبرةَ أن هذه العزلة هي استمرار لمفهوم المعرفة المنغلق على ذاته عند الدروز، وبالتالي فإن سلوكيات الدروز هي استمرار للعقيدة الدينية التي يقوم عليها المذهب الدرزي.
هذا وترأست السيدة غادة الجلسة الثانية والتي كانت تحت عنوان: “الواقع الدرزي بين الخصوصية والعام” حيث أفتتحتها مداخلة لطالبة الدكتوراة في جامعة بار إيلان السيدة أبتسام بركات والتي تحدثت للحضور حول موضوع “محدوديات القضاء الجغرافي المجندر في المجتمع الدرزي.”تلتها مداخلة للأستاذ خالد فراج تطرق من خلالها إلى مواقف المجتمع الدرزي من مسألة الخدمة في الجيش مظهرا أنه عند الحديث عن هذه المسألة تطرح فورا مسألة تمثيل الدروز ومن الذي يحق له التحدث في الموضوع. تلاها مداخلةللدكتور عبد الرحمن الزعبي، باحث مستقل مختص بالطرق الصوفية حول “القواسم المشتركة بين الطريقة الخلوتية والموحدين الدروز في إسرائيل”.
هذا واختتم الجلسة الكاتب والأديب محمد علي طة والذي تحدث عن السيرة الذاتية للشاعر سميح القاسم على مدار الخمسة عقود الأخيرة من خلال مداخلة بعنوان: “سميح القاسم ينسف الأطر بدون استئذان”.