اعتبرت الكاتبة الإسرائيلية عميرة هس أن الخطوات والصياغات التي اختارها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أو كاتبو خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس، توضح أنه تنازل عن الإسرائيليين كجمهور مستمع، وذلك من خلال استخدام “احتلال كولونيالي، وحرب إبادة نفذتها إسرائيل، مجاز، إسرائيل دولة فوق القانون”، وغيرها.
وأضافت الكاتبة، في موقع صحيفة “هآرتس”، أن الخطاب يعج بكلمات من هذه “العائلة”، بحيث بات من الصعب استخلاص المضمون الأساسي الذي وقف لأجله أبو مازن في الجمعية العامة، والموجه للدول الغربية أساسا، وهو “انسوا العودة للمفاوضات مع إسرائيل مثلما جرت حتى اليوم. نلتقي، ونتحدث، وإسرائيل تبني المستوطنات، ولا تلتزم بالتزامات بسيطة مثل إطلاق سراح أسرى”.
وبحسب الكاتبة فإن العنوان السياسي الرئيسي لخطاب عباس هو أن الفلسطينيين لن يعودوا إلى المفاوضات بشكلها السابق بدون تحديد هدف محدد، وهو دولة في حدود 1967 إلى جانب إسرائيل، أو بدون تحديد جدول زمني ملزم.
واعتبرت الكاتبة أن الكلمات والتصريحات التي اختيرت تشير إلى محاولة لتعديل ما أسمته “الانطباع السيء” الذي تركته الخطابات السابقة له على أبناء شعبه. ففي هذه المرة تحدث إلى الفلسطينيين باللغة التي تعكس الواقع الذي يعيشونه. وتضمن الخطاب رسائل وشعارات أطلقت في السنوات الأخيرة في المظاهرات ضد تجديد المفاوضات مع إسرائيل، أو أطلقتها تنظيمات فلسطينية غير حكومية في مؤتمرات دولية.
كما كتبت أن الحديث عن اختيار صياغات تكتيكية لتحسين صورة أبو مازن التي تتراجع أمام أبناء شعبه، وإنما لأنه يئس حقا من المفاوضات مع إسرائيل.
ولفتت الكاتبة إلى الفارق الكبير بين أبو مازن الذي يتحدث هنا عن الإنجازات الكمية والنوعية لحركة المقاطعة الشعبية الدولية، ضد “سياسة الاحتلال والأبرتهايد”، وبين أبو مازن الذي قال مرة إنه يعارض مقاطعة إسرائيل، وإنه يعتبرها “جارة”.
كما أشارت أيضا إلى الفجوة السحيقة بين قوله في خطابه “لن ننسى، ولن نغفر، ولن نسمح لمجرمي الحرب بالهروب من العقاب”، وبين من أحبط في العام 2010 تمرير “تقرير غولدستون” في مجلس الأمن، والذي فحص في حينه شبهات بارتكاب جرائم حرب من قبل إسرائيل في الحرب العدوانية في كانوني 2008 و 2009، والتي أطلق عليها “الرصاص المصبوب”.
وتضيف هس، أن من سمع أبو مازن يقول في مكتبه لمجموعة من الشبان الإسرائيليين إن “التنسيق الأمني مقدس”، سيجد صعوبة في تصديق أن نفس الشخص يقول اليوم إن “الدمار الذي تسبب به العدوان الأخير لا مثيل له في العصر الحديث”، باعتبار أن أجهزة الامن المسؤولة عن هذا الدمار هي ذاتها التي تنسق معها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية “تنسيقا دائما ومقدسا”.