ليس سهلا أن تكون امرأة سورية في هذه الأيام. والحقيقة أنّه ليس من السهل أن تكون سوريًّا إطلاقًا، ولكن الأمر يزداد سوءًا إذا كنت امرأة. في إطار الحرب الأهلية الفظيعة التي تشتعل في البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، تحوّلت فتيات سوريات إلى “بضاعة” مطلوبة، وتتمّ المتاجرة بهنّ في السوق كما لو كنّ أغراضًا، سواء كانت أسرهنّ هي التي تبيعهنّ للزواج من كل من يدفع أكثر، أو كنّ من المختطفات اللواتي يُبعنَ كرقيق للجنس في سوق العبيد.
وككلّ بضاعة، كلّما كانت نادرة أكثر، فإنّ السعر يرتفع. ولذلك فكلّما كانت العروس أصغر سنّا، وبالطبع إذا كانت عذراء، فإنّه بإمكان أسرتها جني أرباح أكبر مقابل بيعها. وكما في كلّ مرة، حين تنضمّ الحرب إلى المعادلة، تبدأ السوق السوداء بالازدهار ..حيث تحوّلت بنات الأسرة فجأة إلى أشياء ثمينة، وإلى بضاعة مطلوبة في “سوق اللحوم” الذي يُحسن استغلال حالة اللاجئين. فبعضهنّ لا زلن أطفالا، ليس هناك سيطرة على مصيرهنّ، وبالتأكيد ليس لهنّ دور في اتخاذ القرارات. في بعض الحالات تكون الفتيات أنفسهنّ راضيات عن قرار الزواج، فهذا قد يعني إنقاذهنّ من الاغتصاب. . فالمحظوظات منهنّ يتم زواجهنّ من شاب صغير، وأحيانًا يكون هو أيضًا طفل، بينما قد تجد أخريات أنفسهنّ رقيقًا للجنس لرجل كبير السنّ أو عجوز، وأحيانًا جدّ لأحفاد.
تجدر الاشرة الى انه نُشر في نهاية الأسبوع الأخير في صحيفة نيو يورك تايمز مقالا في الموضوع، والذي يصف – من بين أمور أخرى – خطوبة فتاة ذات 13 ربيعًا فقط، والتي تمّ ترتيب زواجها من ابن عمّها البالغ من العمر 18 عامًا. وصفت الفتاة بأنّها هادئة، نحيفة وخجولة، والتي تخشى أنّها بسبب زواجها لن تستطيع إنهاء دراستها، “ولكن لا أحد يُصغي إليها”.
هذا ووفقًا لمعطيات اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة)، التي وُصفتْ في المقال، فمنذ بداية الحرب في سوريا تضخّم عدد العرائس الصغيرات تضخمًا ملحوظًا، وذلك أساسا بسبب التهديد على أمنهنّ والجانب الاقتصادي. على سبيل المثال، فإنّه في نحو ثلث (32%) حالات الزواج المسجّلة والتي تمّت في مخيّمات اللاجئين السوريين في الأردن في النصف الأول من هذا العام، قد كان سنّ النساء أقلّ من 18، وذلك أيضًا دون حساب عدد الزيجات غير المسجّلة. وللمقارنة، فقد كان الرقم في السنة الماضية 16% وفقًا لمعطيات اليونيسيف (أو 23% وفقًا للسلطات الأردنية).
وهكذا تتواصل هذه الدائرة المستحيلة من الزواج بدافع الخوف من الاغتصاب والفقر، والذي لا ينجح دومًا في إنقاذ الأوضاع: قد تجد النساء المتزوجات من مقاتلين الذين عادوا للصراع مع السلطة في سوريا أنفسهنّ أكثر عرضة للخطر. في حالات أخرى تتحوّل النساء إلى ضحايا الاغتصاب والعنف من قبل أزوجهنّ، ولا يملكن دائمًا القدرة على الهرب.