” على قدر حب المرأة يكون انتقامها” جملة قالها شكسبير تؤكدها الدراسات الآن.. فالمرأة إذا جُرحت أو خانها الرجل تلجأ إلي أشكال عديدة من الانتقام سواء من الزوج أو الطليق.. وقد يصل هذا الانتقام إلي حد القتل.. هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة لمعهد”بوك” البرازيلي للدراسات الاجتماعية تتحدث عن لجوء المرأة للانتقام من الرجل.. متضمنة المواقف التي تجعل المرأة تنتقم من الرجل.. وأشكال الانتقام الذي يصل للقتل.. وشملت إحصائيات عالمية تؤكد على أن عدد منهن مستعدات لقتل الزوج الخائن.. وفي نفس الوقت أكدت الدراسة أن المرأة إذا شعرت بتأنيب الضمير عند تفكيرها في الانتقام تستطيع بعدد من الخطوات أن تتراجع عما تنوي فعله في الرجل..
كيف تنتقم المرأة؟ وأكدت تلك الدراسة البرازيلية أن المرأة التي تنتقم هي تلك التي تبقى صامتة إلى أن يحين الوقت للتحرك، أما تلك المرأة التي تصرخ ولا تتوقف عن توجيه الإهانات واختلاق المشاجرات فهي لا تمثل خطراً كبيراً، لأن التنفيس يعتبر طريقة للتخلص من الآلام النفسية الداخلية، وأكثر ما يخيف الرجل هو صمت المرأة ودموعها، ولكن إذا كان الانتقام هو الهدف فإن الدموع تغيب، ويمكن أن تلجأ المرأة للانتقام من زوجها لأسباب كثيرة، من بينها معاملته السيئة لها أو عدم احترامها أو عدم تحمل مسؤولياته كرجل، ولكن الانتقام الأكثر خطورة عندما تكتشف خيانته لها مع امرأة أخرى. وأضافت الدراسة أن المرأة يمكن أن تقتل إذا شعرت بأن زوجها يخونها من دون أن تشعر بأي ندم، لأنها تعتبر نفسها مدمرة، وهي لن تهدأ إلى أن تدمر من خانها، وتدل الإحصائيات العالمية على أن نسبة 18% من النساء مستعدات لقتل الزوج الخائن، وأكثر ما يجعل المرأة عدوانية وخطيرة هو إذا جرحت عاطفيا، لأنها لا تنسى ذلك الجرح أبدا، وبعد الانتقام تشعر بنوع من الرضا عن ذاتها واستعادة كرامتها. وأكدت الدراسة أن هناك طرقا عديدة تفكر فيها المرأة من أجل الانتقام، فإذا كانت هناك خيانة زوجية فهناك ثلاث طرق لانتقام المرأة تتمثل في معاملته بالمثل، أي خيانته أيضاً، وثانياً طلب الطلاق وعدم التراجع مهما حصل، وثالثاً وهو الأخطر تفكير المرأة بقتل زوجها؛ لأنها هي لا تستطيع أن تخونه كما خانها هو، أما المرأة التي تشعر بإهانة زوجها لها وعدم احترامها فترد على ذلك بعدم احترام زوجها أيضاً، هذا بجانب أن هناك نساء ينتقمن من الزوج السيئ الطباع عبر الأولاد، أي أنها تشرح لهم وتفهمهم بأنهم لا يمكنهم الاعتماد على والدهم، وأكدت الدراسة أن هذه الطريقة من الانتقام بالسيئة، لأنه ليس للأولاد ذنب في العلاقة بين الأبوين. تجنب الانتقام أما إذا شعرت المرأة بأن الانتقام سيتسبب بتأنيب الضمير، وخصوصا أن الدراسات العالمية أكدت أن 80% من النساء يشعرن بتأنيب ضمير إذا ألحقن الأذى بالأزواج، فإنها تستطيع التراجع عن موقفها بإتباع عدد من الخطوات، وهي القيام بما يجعلها تنسى، حيث ينبغي أن تفكر بأشياء تجلب لها السعادة، ومن الجيد أيضاً أن تتحدث مع صديقة مقربة تتلقى النصائح الصحيحة، وتتجنب الحديث مع من تحاول أن تؤجج فكرة الانتقام في رأسها، أو اللجوء للكتابة، فمن الممكن أن تحاول المرأة كتابة رسالة تعبر عن مشاعرها، ومن ثم تقوم بحرقها، فهذا النشاط يمكن أن يزيل من تفكيرها القيام بعمل قد تندم عليه طوال حياتها، كما أن عليها أن تتحدث لزوجها عما بداخلها، فبعض النساء يحاولن تفريغ ما في صدورهن من ألم، والحديث بشكل مباشر مع الزوج والمساوئ التي يقوم بها وتؤذي مشاعرها. أسلحة المرأة بدافع الانتقام وقد أشارت دراسة لمركز البحوث والدراسات الاجتماعية والجنائية إلى أن دوافع القتل عند المرأة في تأتى في مقدمتها الانتقام بنسبة30%، مؤكدة أن هدف الانتقام يعود إلى الأزواج بسبب زواجهم من أخريات أو إقامة علاقات عاطفية، وأكدت الدراسة أن القتل أصبح الوسيلة الأرجح عند المرأة بدلا من الوسائل التقليدية في تصفية الخلافات، كما تطرقت الدراسة إلى وسيلة القتل عند المرأة، حيث أكدت على أن اعتماد المرأة على الوسائل التقليدية كالسم والخنق تضاءل بنسبه كبيرة مقارنة بوسائل القتل الأخرى، حيث تطورت أسلحة المرأة في ارتكاب جرائمها، حيث يأتي في مقدمة تلك الأسلحة المستخدمة في الجرائم النسائية الأسلحة البيضاء تليها الخنق ثم الأسلحة النارية، والحرق بالنار، والضرب بالعصا والأيدي حالات انتقام نسمع كثيرا عن بعض الحالات التي نرى فيها انتقام المرأة من زوجها أو طليقها، ومن تلك الحالات قيام زوجة بحرق وجه ورأس زوجها وتسببها في حروق من الدرجة الثانية، دخل على أثرها المستشفى، وكان سبب ذلك أنه أحس بإهمال زوجته له فأشاع أنه سيتزوج عليها، وعندما وصلت الشائعة إلي الزوجة انتظرت نومه وصبت زيت ساخن على وجهه ورأسه حالة أخرى وصل فيها تفكير المرأة إلي إلقاء زوجها من نافذة المنزل بالطابق الرابع بمساعدة احدي قريباتها وذلك بعد خلافات بينهما، وتم نقله للمستشفى ولكن فشلت محاولات إنقاذه وتوفى، وزوجة أخرى قامت باستبدال محلول قطرة للعين يستخدمها زوجها بمحلول كيميائي، ما تسبب له في التهاب حاد بالقرنية سبب خلافات نشبت بينهما، وعندما تشاجرت زوجة أخرى مع زوجها قذفته بعبوة من الغاز المسيل للدموع مما جعله يفقد الوعي. وقام أحد الأزواج بشراء منزل باسم زوجته، ولكنه بعد خلاف بينهما أجبرها على توقيع عقود بيع له، فلم تجد الزوجة وسيلة انتقام سوى إعطائه 3 أقراص منومة له فسقط مغشيا عليه ونقل للمستشفى، وعقب تحسن حالته أعطته جرعة أخرى لتنهي حياته للأبد وامرأة أخرى حدثت خلافات بينها وبين زوجها وصلت إلي حد الطلاق، ومن سوء حظه أنه نسي أنها تحتفظ بتوكيل أعطاه لها أثناء سفره للعمل بالخارج، لذلك قررت الانتقام منه وذهبت بعد الطلاق بيوم واحد إلى البنك، وسحبت نصف رصيده. تحليل نفسي وكتحليل نفسي للظاهرة.. يقول د. هشام رامي- أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس-: ما يولد الانتقام الإحساس بالإحباط الشديد والإحساس بالقهر أيضا، وعندما تشعر المرأة بذلك يولد لديها دافع الغضب، وهو يجعلها توجه هذا الغضب داخليا أو خارجيا على حسب شخصية كل امرأة، وداخليا تكون نتيجته الاكتئاب والمرض النفسي، أما خارجيا فيتم توجيه كل الغضب نحو مصدر القهر، ولو وصل القهر إلي أشد حالاته من الممكن أن يدفعها إلي التخلص من الرجل، والعلاج في هذه الحالة هو ما يسمى في علم النفس” التفريغ”، حيث تحاول المرأة أن تفرغ شحنة الغضب التي بداخلها أولا بأول، وعدم تراكمه، فمن الممكن أن تعبر المرأة عما يضايقها من زوجها عند حدوث أي موقف، لأن تراكم المواقف يدفعها للانتقام بعد ذلك. تنشئة اجتماعية معقدة ومناخ سيء وتقول الدكتورة سامية الساعاتي- أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس-: بالرغم من رفضنا لأي صورة من صور العنف والانتقام، ولكن يعتبر انتقام المرأة رد فعل لما تلاقيه من زوجها، وهذا الانتقام لا يفرق بين طبقة اجتماعية وأخرى، فيحرك المرأة للانتقام رغبتها في تدمير الآخر، وقد تكون التنشئة الاجتماعية المعقدة سببا في هذا، لكن في بعض الحالات نجد أن المرأة تبحث عن حقوقها، حتى ولو الحق في الطلاق أو النفقة، ولكن بالطبع هذا المناخ السيء يؤثر بشكل كبير على الأبناء، فهم يصبحون غير أسوياء نظرا لما رأوه من مشاهد انتقام تصل لحد المعارك أو حتى القتل، فإذا وصل الأمر إلي حد استحالة الحياة بين الزوج والزوجة فعليها طلب الطلاق، وعليها أن تتخلص من رغبتها في الانتقام، وتعيد تواصلها مع العائلة، لأن هذا يعيدها إلى روتين الحياة التي كانت تعيشها قبل الزواج، وكذلك أصدقائها المقربين، حتى تتخلص من محنتها وتعود لحياتها الطبيعية، كما عليها أن تعيد التواصل مع نفسها، وأن تجد ما يملأ فراغها حتى ولو بالهوايات، ومن الممكن أيضا للمرأة أن تعيد الاهتمام بصحتها، وجمالها، وتمارس الرياضة لتفرغ الغضب، والشعور بالضيق حيث ترتبط صحتها النفسية بصحتها البدنية. غياب الشيم الأخلاقية أما عن رأي الدين فتقول د. آمنة نصير- أستاذة العقيدة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر-: المرأة بفترتها محبة وحنونة ومعطاءة، ولكن عندما ترى غدرا أو احتقارا لكرامتها أو إهانة لها أو أنها أصبحت لا تساوي في نظر زوجها ويأتي بغيرها أفضل منها هنا تنقلب 180 مليون درجة، وتخرج من هذا الثوب الجميل إلي منتقمة، وانتقام المرأة به شراسة عالية جدا لأنه إحساس بالاستضعاف والاستهتار وعدم حماية كرامتها أو الوفاء لها وعندما يتجمع إحساس الإهانة داخلها تضطر للانتقام، فهذه هي سيكولوجية المرأة في هذه الحالة، وانتقام المرأة القوية أشد شراسة من المرأة الضعيفة التي لا تهتم بالموضوع بشكل كبير فهذا النوع لا يخشى أمره، ولكن المرأة التي تعطي وتتفاني ولا تدخر عواطفها أو مالها أو عمرها تكون أشد بطشا وانتقاما، فالموضوع له بعد أخلاقي ونفسي واجتماعي، وهنا يجب أن نرسخ القيم الأخلاقية لدي الرجل والمرأة، ورأي الدين هنا يوجه إلي الرجل أولا، حيث أن الوفاء سمة من سمات الإنسانية، ومن أرقي الشيم الأخلاقية في الإسلام، ويغيب هذا الوفاء بأن تكون هذه الزوجة عاشت معه على الفتات ومنحته ما تملكه وأعطته شبابها ثم عندما يبتسم الزمان له يفكر في استبدال هذه المرأة التي أصبحت من ذكريات الماضي الجاف ثم يريد أن يمسح هذا الجزء إلي الترفيه والرفاهية، أو أن يعاملها معاملة سيئة، شعورها بأنها بلا قيمة وبلا هدف وعطاءها لم يعد له معنى، فلا حماية لمرأة تنتقم من الرجل إنما هنا يلام الرجل دينيا وأخلاقيا، وهنا لنا مثل وقدوة من الرسول عليه الصلاة والسلام ونعلم ماذا فعل من أم المؤمنين خديجة، فقد كانت أكبر منه سنا وراعته وحمته وصبرت فكان الوفاء النبوي، حيث أنه لم يتزوج عليها حتى وفاتها، ولكن في كل الأحوال الشيم الأخلاقية في الإسلام يجب أن تعود للرجل والمرأة، لأن غياب تلك الشيم يؤدي إلي كوارث في المجتمع.