داعش الفلسطينية/ د.عماد أبو حطب

a

هل بتنا على مقربة من أول ظهور علني لداعش في مناطق السلطة الفلسطينية؟ قد يبدو التساؤل مستهجنا خاصة في هذا الوقت الذي تلملم فيه غزة دماء أبنائها محاولة التقاط الأنفاس.
الا أن للسؤال مشروعيته، فداعش وهي الجيل الثالث من السلفية الجهادية ليست بغريبة عن مناطق السلطة الفلسطينية وتملك حاضنة لأفكارها تمثلت في تيارات السلفية الجهادية في جيلها الثاني والتي اصطدمت مع حماس في قطاع غزة ونجحت حماس في القضاء على وجودها العلني وان لم تنجح في القضاء على انتشار أفكارها فهي كانت قد اصطدمت بادئ الأمر مع جيش الاسلام ثم مع جند انصار الله في غزة، فالحركة معنية بلجم كل تيار يلوح براية الإسلام كمعارض لها في غزة، وهي معنية في لحظاتها الحرجة حيث تتفاقم المشاكل الداخلية والخارجية نتيجة الحصار والحرب على ان تبرهن انها على قدر الالتزام بالخيار المصيري الذي اختطته بعد الحرب السابقة على غزة، وهو خيار ديمومة الهدنة وتثبيت الاعتراف الدولي، كما انها معنية بثني كل جماعة تتخطى الخطوط الحمراء التي وضعتها الحركة، لان ما كان قبل الحرب على غزة ليس نفسه الأن.
في الفترة الماضية شهدت غزة العديد من الأحداث التي نسبت الى الجماعات السلفية الجهادية مثل تفجيرات ضد منشآت ومصالح مدنية، كان أبرزها تفجير 36 مقهى للانترنت، واحراق مؤسسات مسيحية، و تعرض مدارس اجنبية لاعتداءات واستهداف لصالونات تجميل.
وفي حين تحاول حركة فتح أن تعزو ظهور الجماعات السلفية الجهادية الى حماس كحركة دينية تفرخ هذه الظواهر، وان حكمها للقطاع سبب رئيسي لهذا الظهور.
فإن حركة حماس نفت ذلك وإتهمت فتح واسرائيل بالوقوف خلف بعض هذه الجماعات. وإن أي متاعب للشأن الغزي سيلفت إنتباهه أن هجوم السلفية الجهادية على حماس وجد في صفوف فتحاويين آذانا صاغية بعد تراجع رصيدها شعبيا وفقدانها السيطرة العلنية على القطاع.
وللآن لم يظهر شخص قيادي من حماس انشق عنها وشكل ظاهرة في هذا الاطار، في حين ظهر من صفوف فتح منشقون عنها تبنوا السلفية الجهادية. والثابت هو أن مخاوف حماس ستبقى قائمة من أن يكون النشاط المناوئ لها في القطاع بغض النظر عن خلفية الجهة التي تقف وراءه سيكون على ايدي الجماعات السلفية الجهادية او تحت مسمياتها، وبالتالي فهي معنية باجتثاث هذه الجماعات وتقويض فكرها، ويبدو أن لها فرصة نجاح في ذلك تفوق غيرها من القوى العلمانية بالنظر لما تمتلكه من رصيد جماهيرية وقدرة على المناظرة بذات الاداة الفكرية .
الحرب على غزة ستفتح الجدل لاحقا حول مدى قدرة حركة حماس على لجم الحركات السلفية الجهادية المعارضة لحكمها، وهي الحركات التي بدأت بالتفريخ في نهايات الانتفاضة الثانية بمسميات مختلفة،ويبدو أن هذه الحرب ستتيح لذات الأفكار أن تخرج الى العلن ان تم توصل الى اتفاق بين الاحتلال والحالة المقاومة في غزة. فإن إستطاعت إسرائيل جنى بعض المكاسب من الإتفاق ومنعت الحالة المقاومة المستندة الى حماس والجهاد الإسلامي من قطف اية مكاسب سياسية فإن المناخ سيكون خصبا للتيارات الجهادية المختبئة لتطل برأسها علنا خاصة مع تصاعد نجم داعش في العراق وسوريا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .