ابو منذر نايف صالح سويد تستحق كل المحبة والتقدير// غالب سيف
في اخبار البقيعة, مقالات
05/08/2014
رحل عنّا يوم 3.8.2014 الراحل الكريم المرحوم ابو منذر نايف صالح سويد, من بلد الشعراء بقيعة الصمود- البقيعة , عن عمر يناهز ال- 68 عاما, تاركا وراه خلفًا صالحًا وسيرة طيبة ومثالا يحتذى به وحسرة ولوعة على هذا الفراق المبكر والذي لا مجال للاعتراض عليه.
بحكم علاقتي وأسرتي ورفاقي , المميزة مع اسرة الفقيد الكريمة, والتي تأسست مع والده المرحوم ابو نايف صالح سويد, والذي ورغم فارق السن بيننا زاملته في العمل النقابي المشترك لفترة 9 سنوات متواصلة, بالنسبة لي, كانت سنوات غنية وحافلة بالعمل والتطورات والاحداث ذات التفاعل الجدلي المهم, وهي التي ساعدت بشكل قوي جدا لوصولي لما أنا عليه وفيه اليوم, وبعدها تطورت وقويت هذه العلاقة, المتشعبة والشاملة والقوية, لتشمل كل ابنائه وأقاربه, وعلى رأسهم المرحوم ابو منذر نايف سويد , ورفيقي ومعلمي شاعر الفقراء ابو الوليد نايف سليم (أيضا سويد) والذي ذكر أمامي أنه في بلد الشعراء في بقيعة الصمود يوجد اثنين اسمهما نايف سويد , هو أطال الله بعمره والمرحوم ابو منذر, ولغبطتي وسروري هما من أكثر الشخصيات قربا لي فكريا وفي المواقف والممارسة, وبسبب هذه التسمية المزدوجة الطيبة حصل الكثير من النوادر والاحداث التي تعكس طيبة هذا الراحل الكريم, هذا كله في شق, وفي الشق الآخر وبحكم واجبي اتجاه هذا الشخص الكريم الدمث وطيب السيرة والصيرورة واتجاه المصلحة العامة أيضا, رأيت أنه من واجبي توثيق مناقب وبعض مواقف هذا الفقيد الغالي, لكي تتحول هذه الملاحظات الى مثل وقدوة أمام الأجيال الفتية خاصة , ولتصويب مسارات لدى من بحاجة لتصويب نهجهم وادائهم عامة. وفي السياق أوليست الحرب على غزة العزة والكرامة والاباء مثلا لهذا الفرز أو التأكيد , حيث هناك المقاومين الاشاوس يدفعون ويدافعون, والاطفال والنساء والعجزة والمدنيين يقتلون بدم بارد ولا تسمع من أسرهم وغيرهم من هذا القطاع الطيب العزيز الصامد الجلمود سوى الاستعداد لإعطاء المزيد من التضحيات كرمال الوطن والمواطن والقضية والمقاومة, وبالمقابل وفي نفس الوقت والموقعة ترى المجرمين المحتلين ومن يساندهم من اسيادهم ومن خدمهم , بما فيه من العربان الانذال, يرتكبون المجازر ويعملون الموبقات, الأمر الذي يدفعنا بكل قوة للقيام بهذا الواجب الذي يقضي بتوثيق ذكرى هذا الأخ المرحوم الذي لم تلده أمي, ابو منذر, لكي نضع وبوضوح الرث مقابل السمين وليكون فقيدنا الطيب من القوم الذي مات وما ماتت مكارمهم.
للمرحوم قواسم مشتركة كثيرة وهامة مع والده المرحوم أبو نايف, كلها تشير بأن هذا الشبل من ذاك الاسد, اذ أنهما حصلا على ثقة أهل البقيعة وانتخبا لرئاسة المجلس المحلي فيها, سويا كانا من خيرة القارئين النهامين للكتب, كانا في طليعة من واسى الناس في أفراحها وأتراحها, كلاهما محسوب على الناس الذين يحبون الخير ويعملونه بشكل طبيعي وعادي كونه كينونة منهما بالتمام والكمال, كلاهما من خيرة من ساند العمل الوطني , وعلى سبيل المثال عندما نظمنا زيارة في قرانا والمنطقة للقائد والشخصية الوطنية طيب الذكر المرحوم ابو العبد فيصل الحسيني أثناء انتفاضة شعبنا الفلسطيني الاولى, كانت من أهم المحطات التي زارها وانشرح صدره فيها ولها هو بيت المرحوم أبو نايف والد المرحوم, وأما بالنسبة للمرحوم أبو منذر فانه لم يبخل في دعمه للأهل في المناطق المحتلة ان كان في الأقصى المبارك في القدس الشريف أو في الجولان السوري المحتل أو غيرها من المناسبات والمواقع الكثيرة والعديدة. وكلاهما كانا يساندان القضايا الوطنية ان كان في “زابود” بيت جن أو “توفانية” يانوح-جث أو “منصورة وأم شقف” الكرمل أو “مل” مثلث يوم الارض الخالد وغيرها الكثير الكثير من القضايا والمواقع.
لو شملنا كل هذه الصفات بإمكاننا أن نسجل بأن للمرحوم بأن كرمه ككرم حاتم الطائي وشجاعته كعنترة العبسي ووفاءه كوفاء السموأل وعزته كعزة كليب وائل. على أبو منذر يتطابق قول الثائر الخالد ارنستو جيفارا عندما قال : “الشيء الملموس أكثر والشيء الأبقى من كل الذهب الذي قد يجمعه الفرد هو امتنان الناس له”, وفي هذا السياق يكفي أن نذكر أنه خلال فترة رئاسته للمجلس المحلي سجل هذه الانجازات :
– بالتعاون الوثيق مع النائبين في البرلمان محمد بركة وعصام مخول استطاعوا انتزاع مصادقة الكنيست على ادراج البقيعة ضمن بلدات خط المواجهة , الأمر الذي منح الأهالي تخفيضات ضريبية بقيمة 15% .
– فقط في فترة رئاسته لم تستطيع دوائر وقوى التهويد شراء أي بيت من بيوت البقيعة المستهدفة.
– في فترة رئاسته تم الحصول على 80 قسيمة بناء للجنود والازواج الشابة مجانيا تقريبا , أما اليوم فثمن هذه القسائم خيالي ويتجاوز المئة ألف شاقل للقسيمة الواحدة؟!.
لذلك ولغير ذلك ينطبق على فقيدنا ما قاله الشيخ القاضي اللبناني حليم تقي الدين :
كونوا أجاويد في قول وعمل إن الديانة في الأخلاق والشيم
الرحمة لك أيها الانسان، الانسان والمتواضع وشيخ الأجاويد, عزائنا بما خلفته من أنجال طيبين وقدوة حسنة وعمل كله خير, ذكراك ستبقى يا أخي ابو منذر عبقة وطيبة وفيها رائحة الزيتون والسنديان والخروب والريحان , وبحق تستحق منا كل المحبة والتقدير.
( كاتب المقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية)
2014-08-05