في أعقاب مواصلة جيش الاحتلال عملياته العسكرية ضد حركة حماس في مناطق الضفة الغربية، كما أعلن مسبقاً يعترف المحلل العسكري في صحيفة هآرتس “عاموس هرئيل” لأول مرة بأن ما تقوم به “إسرائيل” ضد حماس لا علاقة له بالمختطفين، لافتاً إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد انتهزت الفرصة لبلورة المشهد السياسي والعمل على ضرب حماس وتشويه صورته بهدف فض المصالحة الفلسطينية، محذراً من أن الخطوات التي تتخذها “إسرائيل” ضد حماس قد تعود بنتائج عكسية على “إسرائيل”.
ونقلت الصحيفة عن “هرئيل” الذي يعتبر كبير المحللين الإسرائيليين قوله “إذا كان اعتقال 200 ناشط حماس يفسر بأنه يأتي في إطار الجهود للعثور على المختطفين الجنود، فإن المنطق في نية إبعاد القيادة لغزة ومعاقبة أسرى حماس، لا يتفق مع ذلك، مشيراً إلى أنه وفي ظل غياب دليل قاطع على أن حماس مسؤولة عن الاختطاف- ما عدا تصريحات رئيس الحكومة، وبوجود ثلاثة تنظيمات لا علاقة لها بحماس أعلنت المسؤولية عن العملية، يبدو أن الحكومة تحاول للمرة الثالثة تسلق صخرة “القضاء على البنية التحتية للإرهاب”، على حد تعبيره.
وأضاف هرئيل “هذه الجهود فشلت في عملية الرصاص المصبوب، وكذلك في عملية عامود السحاب، ولم تحقق النتائج المرجوة بعد سلسلة الاغتيالات لقادة حماس خلال الانتفاضة الثانية، وهذه المرة أيضا يبدو أن إبعاد قيادات بمستويات متوسطة ورفيعة من حركة حماس في الضفة لن يحقق المرجو، لأن التنظيم اثبت كل مرة من جديد بأنه قادر ليس فقط على البقاء بل أيضا بناء خزان طاقات بشرية جديدة”.
وتابع “ثمة شك أيضا في أن هناك منطق استخباري في الإبعاد إلى غزة، فطالما هم في الضفة فهم يخضعون للمراقبة من الشاباك الذي ادعى أنه نجح بلمح البصر في تحديد أماكنهم واعتقالهم، ومن قوات الأمن التابعة للسلطة”.
ويشير هرئيل إلى أن تشديد ظروف حبس أسرى حماس، قد يعود بنتائج عكسية أيضاً على المستويين الأمني والدولي السياسي، فالتضامن بين الأسرى السياسيين والذي انعكس في انضمام الأسرى المحكومين إلى إضراب المعتقلين الإداريين، قد يؤدي إلى إشعال تمرد داخل السجون، ويستدعي تدخلا دوليا.
كما أكد في مقال له على صحيفة هآرتس بأن الانتقادات الدولية لمشروع قانون التغذية القسرية قد تتزايد، وقد تتسبب بـموجة دعاوى قضائية ضد إسرائيل في المحكمة الدولية، صحيح أن إسرائيل لم تتعود على إيلاء أهمية لسيناريوهات من هذا النوع، لكن الأمر يختلف حين تسعى لتجنيد التأييد الدولي، فالانتقام من الأسرى من شأنه أن يعود بنتائج عكسية.
ويتابع في تحليله للوضع القائم في مناطق الضفة الغربية “يبدو أن الهدف الرئيسي من العقوبات ليس المعاقبة فحسب بل هي جزء من رزمة تهدف إلى رسم صورة حماس كتنظيم إرهابيي لا يمكن للمصالحة مع فتح أن تغير طبيعته”، على حد تعبيره، إضافة إلى التسبب في تفكيك الشراكة بين فتح وحماس، وإقناع مصر بأن تمتنع عن فتح معبر رفح كبادرة حسنة اتجاه حكومة الوحدة، ووقف تهافت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باتجاه حكومة الوحدة.
ولفت إلى أن كل تلك الأهداف لا علاقة لها بالعثور على المختطفين أو منفذي عملية الاختطاف، فهي فرصة وقعت في حضن الحكومة الإسرائيلية في أعقاب الاختطاف، لكن هذه الفرصة تجد صعوبة في الوقوف على قدمين صلبتين، لكن وللمفارقة، فرغم المصالحة وإقامة حكومة الوحدة، تواصل السلطة الفلسطينية التعاون مع الجيش “بشكل فعال” كما جاء على لسان ضابط كبير في حديثه للمراسلين.
ويضيف المحلل الإسرائيلي “في هذه المرحلة، عباس يقدّر بأن المصالحة لا تعيد غزة لرعاية مشتركة فحسب، بل تمنحه فرصة لتحويل حماس إلى حزب شرعي ويعزز بذلك مطلبه من دول العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، مشيراً إلى أن التمسك بالمصالحة يمكن أن يمنحه ذخيرة ضد من يتهمه بالتعاون الخانع مع إسرائيل”.
ويختتم هرئيل مقالته بالقول، السؤال الآن هو كيف سترد الأذرعة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي وفتح على ما يعتبرونه “عدوان إسرائيلي جديد”، التهدئة بين غزة وإسرائيل لا زالت سارية، ومحفوظة بشكل عام، لكن انهيارها بأيديهم إذا ما قدروا بأن القيادة السياسية، والمصالحة، يوفران لإسرائيل حرية العمل ضدهم.