أعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة التي عينتها سلطة الأمر الواقع، الأربعاء، عن تعديلات على المناهج، أثارت جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا.
ونشرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) وصفحة وزارة التعليم على “فيسبوك”، نسخة من التعديلات، بموجب تعميم بتوقيع نذير القادري وزير التربية والتعليم، وشملت عدة مواد من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي.
أثارت هذه التعديلات الجذرية جدلًا واسعًا في المجتمع السوري، حيث اعترض البعض على حذف بعض الرموز الوطنية التي ترتبط بالتاريخ السوري، فقد اعتبر بعض النقاد أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى تهميش بعض الأبعاد التاريخية والثقافية التي تشكل هوية الشعب السوري، ووصفت بعض التعديلات على أنها محاولة لـ”أسلمة” المناهج الدراسية.
ودعت بعض الأوساط التعليمية إلى ضرورة مشاركة المعلمين والأكاديميين في عملية التعديل لضمان أن التغييرات ستكون فعالة ومتوافقة مع التطورات التعليمية.
وجاء في مقدمة الصفحة أنه بناء على مقتضيات المصلحة العامة، قرر وزير التربية والتعليم ما يأتي: تحذف الدروس والعبارات والصور التي تمجد النظام البائد وبعض الملاحظات الأخرى وفق الآتي:
1- اعتماد علم الثورة بدلا من العلم القديم أينما وجد
2- اعتماد عبارة الحكم العثماني بدلا من عبارة الاحتلال العثماني أينما وجدت
3- حذف مادة التربية الوطنية كاملة
وتعددت الانتقادات حول حذف نظرية التطور من كتاب العلوم، واعتباره خطوة إلى الوراء، وكذلك حذف كلمة “قانون” واستبدالها بـ “الشرع، أو شرع الله”.
بالإضافة لحذف الفقرات المتعلقة بالنشيد الوطني السوري، واعتبر متابعون أن هناك سعي من أصوات في الإدارة السورية الجديدة لطمس ذكر “شهداء السادس من أيار 1916″، إرضاءً لتركيا، ورأى أغلب المتابعين أن هذه الحكومة لا تملك الصلاحية لتعديل المناهج بوصفها “حكومة تصريف أعمال”.
كما قضى التعميم بحذف عدة إشارات للآلهة وأسمائها في الميثيولوجيا القديمة من كتب التاريخ التي كان يتم تدريسها في صفوف مختلفة في المناهج السورية المعتمدة حتى سقوط حكم بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
وحذف جملة “إعدام قادة الحركة الوطنية في السادس من أيار 1916” من كتاب التاريخ في الصف الثالث الثانوي الأدبي، والتي تشير إلى ما يعرف بـ “شهداء السادس من أيار” الذين شهد جمال باشا المقلب بـ “السفاح” إعدام عددٍ منهم في أواخر العهد العثماني، بساحة المرجة في دمشق، وتحمل الساحة نصبًا تذكاريًا يحمل أسماؤهم.
بالإضافة إلى حذف كل ما يشير إلى بشار الأسد، أو زوجته أسماء، أو “الحركة التصحيحية” التي قادها والده حافظ الأسد في 1970، وأشار التعميم إلى استبدال اسم “حرب تشرين التحريرية” ضد إسرائيل بـ “حرب 1973”.
واستبدال مفهوم “الشهادة” من في “سبيل الوطن” إلى “في سبيل الله”، من كتب التربية الإسلامية في كل الصفوف، وعبارة “يحكمه قانون العدل” بـ “يحكمه شرع الله”، و”مبدأ الأخوة الإيمانية” بدلاً من “الأخوة الإنسانية”، في كتاب الصف التاسع، واستبدال عبارة “ومن يفعل الكبائر مستحلًا لها، فجزاؤه في الآخرة” بـ “ومن يفعل الكبائر مستحلًا لها فقد كفر وجزاؤه في الآخرة النار” في أحد الدروس من كتاب الصف الأول الثانوي”، وحذف كلمة “القانون” من عبارة ” الالتزام بالشرع والقانون” من أحد دروس التربية الإسلامية في الصف الثاني الثانوي.
ونصّ التعميم على حذف صور منحوتات وتماثيل من كتب اللغة الإنجليزية، في عددٍ من الصفوف، وحذف “الفكر الفلسفي الصيني” من كتاب الفلسفة في الصف الأول الثانوي، ودروس وصفحات كاملة من مقررات الفلسفة في منهاج الثانوي الأدبي في سوريا.
كما نص على حذف الفقرات المتعلقة بالنشيد الوطني السوري “حماة الديار عليكم سلام” من كتب اللغة العربية، رغم أن النشيد لم يتم الإعلان عن إلغائه رسميًا، بالإضافة لحذف كل ما يمجد بما تم وصفه في التعميم “بجيش النظام البائد أو المخلوع”.
ومن بين التعديلات الخطيرة والتي لاقت استنكارا واسعا، اعتبار المسيحيين واليهود هم “المغضوب عليهم والضالين” في تفسير سورة الفاتحة في كتاب التربية الدينية، بدلا من تفسيرها على أنهم “الذين ابتعدوا عن طريق الخير”، بالإضافة إلى إلغاء شخصيات تاريخية مثل زنوبيا وخولة بنت الأزور، بحجة أنها شخصيات خيالية. كما تمّ تبديل عبارة “علي كرم الله وجهه” إلى عبارة “علي رضي الله عنه”.
كما تم استبدال عبارة “الأديان السماوية” بـ”الشرائع السماوية”.
وفي الصف الثالث الثانوي العلمي، تم حذف الوحدة الكاملة المتعلقة بـ”أصل وتطور الحياة”، وحذف فقرة “تطور الدماغ” بالكامل من مادة العلوم، بما في ذلك الصور والرسوم البيانية المرتبطة بها.
وفي الصف الثالث الثانوي الأدبي، تضمنت التعديلات مادة التاريخ، حيث تم حذف الفقرات المتعلقة بـ “حرب تشرين التحريرية”، بالإضافة إلى الصور والرسومات المتعلقة بها. كما أُجريت تغييرات مشابهة في نصوص أخرى ضمن الكتاب.
وفي تعميمين لاحقين أصدرهما وزير التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة، تم الإعلان عن إلغاء مادة التربية الوطنية من المناهج والامتحانات لهذا العام: “نظراً لما تحتويه من معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه”.
وتعويض درجاتها بمادة “التربية الدينية” الإسلامية أو المسيحية: “أي أنه ستُعاد مادة التربية الدينية إلى المجموع العام وتدخل في مجموع الشهادة الثانوية العامة بفروعه”، حيث كان يتم سابقًا طي هذه الدرجات من مجموع امتحانات الثانوية العامة، قبل التقدم للمفاضلة الجامعية في سوريا.