الاهل الأعزاء
الرفاق والرفيقات
نجتمع اليوم في هذه البقعة الساحرة من وطننا لنحيي ذكرى انسان ورفيق ومعلم وشاعر مميز من أبناء البقيعه ، الولادة شعراء ومواقف .
الرفيق الشاعر حسين مهنا اختار الموقف الوطني التقدمي نهجا وطريقا وموقفا سياسيا ، واخاله انه لم يختار هذا الموقف جزافا او عفوية بل اختار طريقه في صفوف حزبنا الشيوعي وجبهتنا الدمقراطية بوعي كامل وإصرار واقتناع.
فهو مهندس الكلمة والموقف بحكم شاعريته المرهفة وحساسيته الكبيرة وغيرته على اللغة العربية جمالها وتكوينها .
ولهذا فان اختياره الانتماء للخط الوطني الصادق وللخط الاممي جاء تعبيرا عن انحيازه التام للطبقات المسحوقة أينما كانت، وفي مجتمعه تحديدا. وانحاز انحيازا تاما للقضايا الوطنية التي تهم شعبه. وموقفا لا ترددا فيه من كل تلك القوى التي تمتص خيرات الشعوب وتستعمرها خارجية كانت ام داخلية .
اختياره الانتماء لحزبنا كان موقفا شجاعا الى جانب أبناء شعبه العربي الفلسطيني وحقه في التحرر وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967.وانتماءه كان اختيارا واضحا الى جانب السلام والعدل
والانصاف. السلام الذي به تنتعش الشعوب وتزدهر وتتقهقر قوى الاستغلال والحروب.
الرفاق الأعزاء
في مرحلة ما كتب احد الفلاسفة المعاصرين ان “نهاية التاريخ” قد حلت. وانه لن تكون بعد اليوم صراعات وحروب كون احد اطراف الصراع قد انتصر .
ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى عاد التاريخ الى حركته ودورانه وتجدده في دورة من ال صراعات والحروب.
فالشعوب لا تستكين عن حريتها والبشرية لن تتوقف عن السعي الى العدل والانصاف والمساواة في كل شيء وليس فقط في الحياة السياسية والحقوق المدنية المستحقة وانما المساواة والمشاركة في التوزيع العادل لخيرات الأرض وثرواتها الطبيعية وفي ابداعات الانسان .
فهذه الأرض وما فيها وما عليها هي ملك الانسان والبشرية وليست ملكا لشركة ما او لشخص ما او لشعب ما.
ومهما بلغت جبروت قوة ما او نظاما استعماريا ما فانه لا يمكن له ان يخضع الشعوب وتوقها للقيم الإنسانية العميقة وعلى راسها الحربة والانعتاق والعدالة .
والحرية تكون بالاعتراف المتساوي للاخر بالحرية والمساواة السياسية والاجتماعية والطبقية وليس باستبدال نظاما قمعيا بنظام طائفي قمعيا اخر ولا بالاستناد الى أنظمة غارقة في القمع والاستبداد والملوكية البعيدة كل البعد عن قيم الحرية والعدالة والانصاف .
ان ما يجري في منطقتنا هو قفز غير طبيعي عن حقوق الشعوب في العيش، العيش الكريم بحرية وامان وهو قفز عن جوهر الصراع ونواته الأساسية وهي غياب الحق
الفلسطيني في الحرية والانعتاق وما دامت هذه القضية ملتهبة وما دام الشعب الفلسطيني يدفع بدمه يوميا ثمن حريته فلن تكون هناك حرية واستقلال لكل شعوب المنطقة .
ومن يعتقد انه بذلك يصل الى “نهاية التاريخ” او الى “النصر المطلق” فهو واهم جدا بل واخطر من ذلك فهو يحضر ويجهز المنطقة وشعوبها الى مرحلة جديدة من سفك الدماء والحروب .
ومن يعتقد انه بتقسيم دول المنطقة , وعلى راسها سوريا, الى دويلات طائفية او الى مراتع للاستعمار والرجعية العربية البعيدة كل البعد عن قيم الحرية والعدالة ,ويحقق بذلك الانتصار الكبير، فهو، ايضا، واهم.
سوريا الحبيبة ، كانت وستبقى بلد الحضارة والانتماء الوطني الشامل الذي يحتضن كافة مكونات الشعب السوري باحترام وانتماء وطني حضاري وجميل.
في اللحظات الصعبة نعود الى منابع الفكر والشعر والانتماء والى لغة الزهور التي ابدعها رفيقنا الراحل في احداها كتابته ليصفها باللغة التبادلية .
ونعود الى وصيته لحفيدته نسيبة عندما يقول :
سوف
تكونين الام
وتبنين البيت \ الوطن الأمثل فالوطن الأمثل لا يبنى بالصمت العاجز بل يبنى بصراخ
كصراخ ابي ذر يشهر في وجه الطغيان
وفي مكان اخر من شعره نجد هذه الابيات :
على هذه الأرض نبني كما لا يحب الغزاة
ونرعى ع لى مهل مجد اجدادنا
وأخيرا قال:
فيا أيها الموت
أيها الغائب الحاضر, يقولون انك حق, فرضيت بك حقا مكروها، واعددت نفسي لانازلك أنى شئت ومتى شئت.
فروض انت نفسك على انك لن تراني رافعا راية بيضاء تعلن لك هزيمتي واندحاري. لا لن تقدر على هزيمتي ما دام يراعي ينزف حبا ويصنع كرامة.
وما زال يراعك يا رفيقي ينزف حبا ويصنع كرام ة فكيف تموت ؟