في ظل القيود الأمنية: العيادة المتنقلة تلامس احتياجات المرضى في طولكرم ونابلس

 

في إطار دعم الرعاية الصحية في المناطق الفلسطينية التي تعاني من نقص الخدمات، نظّمت العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة أطباء لحقوق الإنسان يومين طبيين مكثفين في قرية عبوش الواقعة جنوب طولكرم، ومخيم بلاطة للاجئين شرقي نابلس، حيث تم تقديم الرعاية الصحية الشاملة لمئات المرضى، وسط تحديات أمنية وقلة في الموارد.

بدأت المبادرة يوم الثلاثاء في قرية عبوش، بتعاون وثيق مع المجلس المحلي للقرية، حيث استقبل رئيس المجلس شادي خلف وأعضاء المجلس الفريق الطبي. وأشاد خلف بالمبادرة، معتبرًا أنها تأتي في وقت حرج يعاني فيه سكان القرية، البالغ عددهم حوالي 2000 نسمة، من صعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية بسبب القيود المشددة على التنقل والإغلاق المتكرر.

وأشار خلف إلى أن سكان القرية يعتمدون على الزراعة، خاصة في موسم قطف الزيتون، ورغم ذلك، تفتقر القرية إلى مستلزمات الرعاية الصحية الأساسية. إذ توجد عيادة رسمية وحيدة ويقتصر وجود الطبيب العام فيها على ساعتين أسبوعيًا، مما يزيد من معاناة المرضى، خاصةً مع نقص الأدوية التي لا تتوفر إلا في مدينة طولكرم. وتمكن المجلس المحلي من جمع تبرعات لإنشاء مختبر صغير لتحليل الدم، ويترقبون حاليًا دعمًا من وزارة الصحة لتوفير تقني متخصص لتشغيله. في هذا اليوم الطبي، تم فحص 262 مريضًا، بينهم 30 طفلاً، وتوزيع الأدوية اللازمة مجانًا على المحتاجين، ما أثار ارتياح الأهالي الذين أعربوا عن أملهم في تكرار هذه الزيارة.

بلاطة: تضامن طبي في أحلك الظروف

استمر النشاط يوم السبت في مخيم بلاطة، حيث قدم الفريق الطبي المتنقل خدماته لنحو 714 مريضًا، بينهم 98 طفلاً، بعد ساعات فقط من انسحاب الجيش الإسرائيلي الذي نفذ عملية أمنية طوال الليل. وبالتنسيق مع نادي شباب بلاطة، واللجنة الشعبية، وجمعية أُولي العزم، وجمعية المرأة، وجمعية التأهيل، تجمع السكان لتلقي العلاج وسط ظروف معيشية قاسية.

في كلمات ترحيب ألقتها شخصيات بارزة في المخيم مثل جمال طيراوي، وتيسير نصر الله، عبر الحضور عن امتنانهم للدعم الطبي، وأكدوا على دور أطباء لحقوق الإنسان في تعزيز صمود الأهالي الذين يواجهون حصارًا خانقًا وانتشار الحواجز والاقتحامات المتكررة.

من جانبه، قال البروفيسور رفائيل (رافي) والدن، رئيس المؤسسة المتخصص في الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية، إن الأيام الصعبة التي تمر على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي تعزز من أهمية هذه الجهود، مشيرًا إلى أن المنظمة تسعى لتعزيز السلام عبر تقديم الدعم الطبي والإنساني، معبّرًا عن دعمه للحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال، ومؤكدًا أن الكثير من الإسرائيليين يدعمون إنهاء النزاع وتحقيق السلام.

يعد مخيم بلاطة، الذي تأسس عام 1950 على مساحة 252 دونمًا، أحد أكبر مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، إذ يسكنه نحو 30 ألف لاجئ يواجهون ظروفًا معيشية صعبة. ورغم تقديم الأونروا بعض الخدمات الصحية، يعاني المخيم من نقص حاد في الأدوية، خاصة لمرضى الأمراض المزمنة، وهو ما يفسر توافد مئات المرضى إلى اليوم الطبي.

وأكد الدكتور صلاح الحاج يحيى، مدير العيادة المتنقلة في منظمة أطباء لحقوق الإنسان نحن ملتزمون بتقديم الرعاية الصحية للمناطق الأكثر حاجة، خصوصًا في ظل التحديات الأمنية والقيود المفروضة على التنقل. زيارتنا تؤكد أن الإنسان يستحق الوصول إلى العلاج بغض النظر عن موقعه أو ظروفه، ونعمل باستمرار لتوفير الخدمات الطبية التي تفتقر إليها هذه المجتمعات، لدعم صمود أهلنا الذين يعانون من نقص في الأدوية والخدمات الصحية الأساسية. نسعى من خلال هذا المشروع لإحداث فرق حقيقي، وتقديم يد العون لكل مريض يعاني في صمت، مؤكدين على أن الصحة حق أساسي لكل فرد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .