خطاب نتنياهو على هامش جدول الاعمال الأمريكي وانسحاب بايدن


أمير مخول
زيارة نتنياهو الى واشنطن وخطابه امام الكونغرس لم تكن منذ البداية لترقى الى مستوى حوار استراتيجي او زيارة مفصلية بين البلدين، بل جاءت ضمن مساعي نتنياهو بذاته وكذلك في سياق التنافس السياسي الأمريكي الداخلي على البيت الأبيض. في حين ان التنسيق الحقيقي والمستدام يتم من خلال مستشاري بايدن للأمن القومي ووزير الخارجية ورئيس السي اي ايه ويليام بيرنز، وحصريا بين وزير الدفاع اوستن ومقابله غالنت وقيادة اركان الجيش الإسرائيلي. اي ان زيارة نتنياهو التي خطط لها ليكون لها مردود تظاهرة قوة امام الراي العام الإسرائيلي، قد تنقلب عليه.
تتفاوت ردود الفعل الإسرائيلية بصدد قرار بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة الامريكية، وارتفع في معظمها منسوب القلق وهذا ما يتضح من التصريحات شبه الرسمية وما يعكسه الاعلام العبري. يدرك نتنياهو انه بالرغم من التوتر بين الادارتين، لم يكن من رئيس امريكي سيقدم لاسرائيل منذ السابع من اكتوبر اكثر من بايدن الذي على قناعة ذاتية بأنه صهيوني بالفمهوم العميق للصهيونية. بل يساور نتنياهو القلق بأنه في حال انتخاب ترامب سيكون عدم اليقين من سياسته هو سيد الموقف، فمن ناحية من المعوّل عليه ان يتيح الضم في الضفة الغربية، وتقويض السلطة الفلسطينية والكيانية الفلسطينية، الا انه قد يفرض على اسرائيل وقف الحرب “غير المجدية” على غزة، مما يعتبره نتياهو هزيمة.
كما ان مسعى نتنياهو في خطابه امام الكونغرس لمحورة الأنظار حول الحرب “الوجودية” على غزة وحول اولوية حشد عالمي واقليمي عربي تقوده الولايات المتحدة وفي محوره إسرائيل ضد ايران، بات هامشيا قياسا بجدول الاعمال الأمريكي الحقيقي المنشغل في انسحاب بايدن من سباق الرئاسة. كما ان المنطقة العربية معنية بتهدئة الجبهات لا اشعالها وحصريا مع ايران المعنية بدورها بهذه التهدئة. وللتنويه كل ما سعى ترامب للتأسيس له على الاتفاقات الإبراهيمية قد تهاوى.
التخوف الجوهري لدى نتنياهو حاليا هو ان بايدن من لحظة انسحابه بات محررا من الاخذ بالحسبان المسألة الانتخابية في كل خطوة بصدد غزة، وحصريا قد يكون اكثر حزما في هذه المرحلة بصدد ابرام الصفقة والتهدئة وتبريد الجبهات. كما ان احتدام الانتخابات الامريكية من شأنه الدفع نحو الاهتمام بالقضايا الامريكية الداخلية وليس بإسرائيل والمنطقة.
للخلاصة فإن إسرائيل الرسمية تعيش حالة قلق نتيجة التطورات والاحتمالات بعد انسحاب بايدن، كما ان استراتيجية نتنياهو للتلاعب على التناقضات الامريكية الداخلية في التنافس الرئاسي باتت هامشية، وحصريا مع تحرر بايدن من اخذ الاعتبارات الانتخابية في خطواته، كما ان احتمالية الصفقة والتهدئة في غزة باتت أكبر. أما فلسطينيا وعربيا هذه فرصة هامة لدفع إدارة بايدن محدودة الزمن الى التصعيد في اتخاذ خطوات عقابية تجاه الاستيطان في الضفة وإلزام حكومة نتنياهو بذلك، لكن دون الكثير من التوقعات.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .