البقيعة لا تتشح بالسّواد كما يعتقدون بل ببياض نقيّ صافٍ غطّى على سواد الحزن بجميل الذّكريات.
“عمّي كمال” هكذا اعتدت أن اناديه،
يا قلبًا فاض بالمحبّة والإخلاص ولم يقتصر ذلك على عائلته الصّغرى بل على كلّ من عرفه.
قيل العمر رقم وعمرك يا ابا ميشيل اذ جاوز التّسعين فهي ذاتها تسعين النّجاح والفخر والعلامة المشرّفة بصدقها طولًا وعرضًا.
كنت كالفارس تنتقل من بلدة لاخرى تشارك في كلّ المناسبات اجتماعات مظاهرات افراح واتراح وحضورك كان مميّزًا وهيبتك لا ينكرها أحدٌ.
أمّا على الصّعيد الشّخصي فكنت لي ولعائلتي الاخ والصّديق وابن البيت وانت رفيق ابي وصديق عمره ولم تتخلّ يومًا عن هذه الصداقة التي ربطتكما معًا فكنت في الآونة الأخيرة تأتيه زائرًا وتتبادلا اطراف الحديث وتأخذكما جولة الى الماضي وذكرياته فتعلو الابتسامات وترتشف قهوتك على مهل وكأني بك تقول في هذه القهوة عودة الى الاصالة يا أبا باسم .
إن نسيت لا انسى عندما كنت تقرأ لي في جريدة الاتحاد مقالا كنت تعبّر وتشجع وكم كانت فرحتي كبيرة عندما نتبادل أنت وأنا اطراف الحديث عن المضمون والحديث معك دومًا ذو شجون .
ها هي جريدة الاتحاد تحتضنك وتصرّ الا تفارقك والقلم أيّها الرّفيق الأصيل.
بالأمس القريب كنت على موعد مع صديقتي سلوى كريمتك لنلتقي ونتحدث عن ذكريات جمعتنا، سبقتْ ساعة رحيلك الموعد فأتيت زائرة معزيّة دامعة .
كنت الاب الحنون المثالي فها هم كريماتك يبكونك بموجات صاخبة ثم بصمت متأملات الوقار الذي يكتنفك فالصّمت في حرم الوقار وقار.
نم قرير العين يا أبا ميشيل فمسيرتك بكلّ شبر تشهد على خطاك المستقيمة، بابتسامتك وتفاؤلك
أمّا عن الاحفاد فخسارتهم كبيرة ولكنهم يحملون في جعبة ذكرياتهم معك الحضن الدافئ والقلب الحنون.
امّا انت يا امّ ميشيل فكان هو سندك وعكّاز عجزك حتّى تبدّلت الأدوار فبكيت الزّوج الحنون والأب الوفيّ، بكيت أجمل الذّكريات.
نم قرير العين يا رفيق أيّها الكمال فكلّ العيون ذرفت دموعها سخيّة في يوم فراقك.فلا موت إلّا أن يصاحبه الحزن ولكن الحزن هنا مختلف حزن انتصار على وجع قد يكون الأصعب.
نم قرير العين فبقيعتنا تحبّك تبجلّك الان كما كانت وذكراك باقية في قلوب محبّيك وهم كُثر.
نم قرير العين ولتسترح نفسك بسلام.