استضافت إدارة فندق جولدن كراون في الناصرة ،مساء السبت الفائت ، جمهور كبير من المرشدين والمرشدات العرب من كافة الشرائح العمريّة والمناطق الجغرافية والتخصصات اللغويّة والارشاديّة بالإضافة الى عدد من الضيوف الذي جاءوا ليشاركوا في المؤتمر الثاني لمنتدى مرشدي السّياحة العرب. واشتمل هذا الحدث الفريد في مشهد النشاطات الجماهيرية في المجتمع العربي، على جانبين، رسمي تنظيمي وعلمي اثرائي وسبق كل ذلك عملية التشبيك الاجتماعي بين زملاء المهنة المشتركة.
افتتح المؤتمر وتولى عرافته الناطق بلسان المنتدى رائد نصرالله. وفي القسم الأول للمؤتمر قُدمت تحيّات من جمعيّة النّاصرة للثقافة والسّياحة ممثلة برئيسها السّيد وليد عفيفي ومن النقابة العامة لمرشدي السّياحة في البلاد قدمتها المديرة العامة للنقابة السّيدة جانيت بليغ ومن نقابة أدلّاء السّياحة العربيّة في القدس قدّمها رئيس النقابة السّيد يوسف عيدي ثم كانت الكلمة لرئيس المنتدى مرسي أبو الهيجاء. وقرأ العريف عددا من التحيّات التي وصلت المؤتمر وفي مقدمتها تحيّة المضيفين إدارة شبكة فنادق جولدن كراون وتحيّة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة السّيد محمد بركة وتحيّة نقابة مكاتب السّياحة الوافدة الفلسطينيّة موقّعة باسم رئيسها السّيد ميشيل عوض وتحيّة المستشار السّياحي الفلسطيني طوني خشرم. ثم بدأ القسم العلمي الاثرائي والذي اشتغل على محاضرتين مثريتين تبعها استراحة ومن ثم توزّع المشاركون على اربع ورشات حوار حول قضايا تنظيمية وعملية وكذلك حول مضامين المحاضرتين، إدارها الزميلان فوزي ناصر وفريد الحاج يحيى والزميلتان حنان قاسم وناديا حايك تلت ذلك جلسة عامة تلخيصية اختتمت بتشكيل مجلس عام لتولي المسؤوليّة عن المنتدى خلال الفترة القادمة.
ولمعرفة حجم وعظمة هذا الحدث ارفق فيما يلي معظم ما نشره على صفحته الزميل محمود ابو عيد Mahmoud Jamil Abu Eid ،
الذي لبّى دعوة المنتدى مع مجموعة من الزملاء في القدس العربيّة: “شاركت وزملاء اخرين في المؤتمر الثاني لمنتدى المرشدين العرب في مدينة الناصرة الابيّة.
المنتدى الذي تشكّل قبل خمسة أعوام كإطار تطوعي مهني يجمع بشكل أساسي المرشدين العرب في الجليل والمثلث والنقب قطع أشواطا كبيرة واستطاع ان يثبت نفسه ككتلة لها خصوصيتها في اطار تنظيم نقابي كبير.
وقد اثلج صدورنا الكفاءة والرقي في تنظيم المؤتمر والمواضيع التي شكلت محاور للنقاش بين زملاء المهنة الواحدة والتي يحب رفيقي وزميلي رائد نصرالله ان يصفها بقوله لقاء شطري البرتقالة للتأكيد عل ان الحدود الجغرافية لا يمكن ان تكون حدودا فاصلة بين الشعب الواحد مع الأخذ بعين الاعتبار التركيبة الجيوسياسية للواقع الفلسطيني.
الكلمات والمحاور المطروحة للنقاش في المؤتمر عكست رقيا في تحديد الدور الملقى على عاتق الدليل السياحي الفلسطيني وعلى من هم معنيون بالصناعة السياحية…
……في المحاور التي طرحت للنقاش كان للمؤرخ القدير البروفيسور نظمي الجعبة وللأستاذ سيمون ازازيان دورا كبيرا في بث روح النقاش الحيّ ادخل المشاركين جميعا في حيوية وحدد معنى ان تكون دليلا سياحيا برؤية ” ابن البلد”،
حيث تناول البروفيسور الجعبة موضوعة الحفريات التي تتم في القدس منذ عام ١٩٦٧ وحتى الان والأهداف المعلنة وغير المعلنة من وراء هذه الحفريات. ولفت الانتباه في هذا السياق مقدرة البروفيسور المؤرخ على طرح روايته كمؤرخ فلسطيني في مواجهة مشروع يستند إلى الاحادية في العمل ويهدف إلى تحوير كل الرواية في اطار الرؤية الصهيونية ويستخدم سيطرته السياسية على المدينة من اجل فرض تصوره التاريخي ” المحدود” لتاريخ المدينة بشكل خاص وللبلاد كلها بشكل عام.
وعلى الرغم من هذا التصور إلا ان البروفيسور الجعبة نوه إلى متابعة ما يتم نشره من سلطة الآثار الإسرائيلية وقال” هناك علماء آثار جدّيون حتى في الجانب الإسرائيلي لم يعودوا يقبلوا بناء الرواية على أساس توراتي “مسياني”.
البروفيسور القدير تحدّث عن تجذّر انتماءه حتى في المهنة التي أختط فيها حياته كمؤرخ وعالم آثار مذكرا بحفريات عالمة الآثار كاثلين كنيون والتي شارك فيها وهو طفل مقدسي في العام ١٩٦٥ و ١٩٦٦ وحاورها وهو طالب علم الآثار في جامعة بيرزيت.
وما لفت الانتباه طيلة محاضرة البروفيسور الجعبة تركيزه على البعد السياسي والثقافي والاجتماعي لعلم الآثار في بلادنا وعلى انه وعلى الرغم من عدم وجود مدرسة آثار فلسطينية إلا ان هناك “بنية” في عدد من الجامعات الفلسطينية لتطوير هكذا مدرسة. وقال، “متأخر ولكننا بدأنا “.
المهم في هذا السياق انني استطيع القول وبعد سماع المحاضرة والمداخلات على المحاضرة نفسها ان استخدام الأسلوب التحليلي وأسلوب تركيب الفكرة او الأفكار في سياقها التاريخي على مبدأ إعمال العقل ورفض النقل وترديد الرواية دون تمحيصها كل هذا كان الرسائل التي ركز عليها الدكتور الجعبة في مداخلته
اما المداخلة الثانية فكانت للباحث المقدسي ذو الأصول الأرمنية الأستاذ سيمون ازازيان والذي تناول موضوعة ” الوضع القائم” في كنيسة القيامة في سياق كشاف الزمن التاريخي. ولان هذا الموضوع له تشعبات متعددة فقد كان ذو اهتمام كبير وبقي السؤال الأهم هو ما يخطط لحالة ” الوضع القائم ” في كنيسة القيامة.
طبعا الأستاذ ازازيان لا يملك الإجابة وليس المطلوب منه الإجابة على هذا التساؤل إلا ان الواقع السياسي نفسه يطرح هذه التساؤلات خاصة مع وجود محاولة لتغيير الكثير من الوضع القائم ولأهداف سياسية .
المشرفون على المنتدى طرحوا في حلقة نقاش ثالثة قادها الأستاذان الكبيران فوزي ناصر وفريد الحاج يحيى موضوعة اخلاق المهنة وكيفية الحفاظ على مبادئ العمل وموضوعة المنتدى في منظور مستقبلي . ما لفت انتباهي في مناقشة هذه المواضيع انها تركّز في الجوهر على مسألة في غاية الأهمية وهي بالتحديد الغلاف والطريقة التي يتم فيها إخراج العمل من قبل المرشد الذي هو سفير البلد امام زائر البلد.
الجهد الذي قدم كبير وروح العمل الجماعي مميزة ولا أملك إلا ان اقول
كل الاحترام والى الامام.”
يذكر أن مرشدي السّياحة العرب في الدّاخل أقاموا لهم منذ سنوات قليلة تنظيما نقابيا مهنيا ملتزما، اسموه “منتدى مرشدي السّياحة العرب” وقطع المنتدى شوطا غنيا من العمل في خدمة اهدافه. المؤتمر جاء كفرصة للتلخيص والتقييم ومن أجل مواصلة الطريق وتطويره وكان تقرر عقد المؤتمر الثاني على الرغم من الظروف المحيطة.
وما يثلج الصدر هو هذا التجند الواسع بين زملاء المهنة والرسالة الواحدة، حيث قامت كافة التحضيرات على أساس تطوعي كامل وهي صبغة قائم عليها المنتدى منذ انطلاقه دون جهاز ودون دعم من اي جهة رسمية محليًة او قطرية عدا دعم جهات أهلية وداعمين من القطاع الخاص الذين تم تحيتهم وشكرهم ونشر أسماؤهم على لوحات خاصة على منصة المؤتمر.