دعوة الرئيس بايدن الى نتنياهو (12/12) لتعزيز حكومته وتغيير تركيبتها، هي فعليا اول تصريح علني على شكل نداء بهذا الصدد، على الرغم من التوتر بين الادارتين منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية المعتمدة على التحالف مع حزبي الصهيونية الدينية (سموتريتش) والقوة اليهودية (بن غفير)، وهو الموقف الأمريكي الذي وجد تعبيرا عنه في حالة القطيعة بين بايدن ونتنياهو خلال فترة الاحتجاجات على الانقلاب القضائي الذي بادرت اليه حكومة نتنياهو.
في تطرقه لتحديات الحرب على غزة اكد بايدن بأن إسرائيل بدأت تفقد مساندة المجتمع الدولي، وذلك بسبب ودعا نتنياهو الى تعزيز حكومته “في حال كان معنيا بوضع حد للنزاع مع الفلسطينيين”، وأن عليه اتخاذ خطوات صعبة بينما الحكومة الإسرائيلية ترفض حل الدولتين.
قراءة:
تشير تصريحات بايدن في أمسية تجنيد أموال لحملته الانتخابية الى انه لم يدع الى تغيير نتنياهو او تنحيه، بل دعا نتنياهو الى تعزيز وتغيير حكومته.
دعوة بايدن تحمل صيغتين وليس صيغة واحدة، وهما تعزيز الحكومة الذي لا يتطلب بحد ذاته اخراج حزبي الصهيونية الدينية منها والتحالف مع المسكر الرسمي برئاسة غانتس او المعارضة الرسمية برئاسة لبيد، وهذ معناه إقامة حكومة وحدة قومية، في حين ان مطالبته بتغيير تركيبة الائتلاف الحاكم “الأكثر محافظة” في إشارة الى حزبي سموتريتش وبن غفير، فمن دلالته انه يريد حكومة وحدة قومية من المركز – يمين الصهيوني، كما تدلل الى انه تراجع عن نواياه بتغيير نتنياهو ذاته.
الإبقاء على نتنياهو بما يمثله من فكر وعقيدة سياسيين انما يتنافى تماما مع حل الدولتين وفقا للتصور الأمريكي كما انه يتعارض مع التصور الأمريكي بشأن دور السلطة الفلسطينية في توحيد الحكم الفلسطيني في الضفة وغزة على السواء. كما يدلل على أن الولايات المتحدة ليست متمسكة بحل الدولتين بعد ان صرح نتنياهو بأنه الوحيد القادر على منع دولة فلسطينية، وأنه لا يقبل بأية سلطة “لا حماستان ولا فتحستان” في إشارة الى فتح وحماس تدير شؤون غزة، وهو بذلك يبقي على تصوره بأن إدارة غزة منفصلة مصير الضفة الغربية وبالوسائل العسكرية وبأن الجيش سيبقى مطولا في غزة. ويرفض العودة الى اتفاقات أوسلو. وحين يقول انه يعارض اي دور للسلطة الفلسطينية فإنه يسعى عمليا لتقويضها ملحقاً نفسه بوزيره سموتريتش.
ينطلق بايدن في توجهه المباشر بتغيير الحكومة الإسرائيلية من حجم الدعم والاسناد لدرجة ان ادارته متورطة كليا في الحرب على غزة، وأن كل تصعيد فيها ضد المدنيين يؤثر سلبا على وضع ادارته التي باتت تشارك حكومة إسرائيل المصير الناتج عن سلوك الأخيرة.
خلاصة:
– رغم كثر الحديث الأمريكي عن حل الدولتين بعد الحرب، فمن الأهمية التعاطي مع هذه التصريحات بحذر وشك، فالموقف المعلن لا يتماسى مع الحل المطروح.
– تراجعت إدارة بايدن عن الدفع لإسقاط حكومة نتنياهو او تنحي رئيسها وانما باتت تحصر مشكلتها في شركاء نتنياهو من اقصى اليمين.
– التورط الأمريكي في الحرب يضعف موقفها دوليا ويضعف احتمالات إعادة انتخاب بادين بعد 11 شهرا.