قامة ثقافية جليلية شامخة: الشاعر الكبير أبو راشد حسين مهنا رحمه الله

بقلم: مالك صلالحه – بيت جن                                                  الشاعر حسين مهنا

7 تشرين اول 2023

قال احد الشعراء راثيا أحدهم-

طوبى لقلبٍ صفا واختار رحلته       وها هو اليوم في جنّاته هدِنُ

قد سلّم الروح مرتاحا ومبتسماً     وفوق مثواه ماس الزهرُ والفَنَنُ

اخي وزميلي الوفي  أبا راشد .. لقد فاجأني رحيلك المفاجئ لقد بكرت الرحيل  .. تركت  في العين دمعة وفي القلب غصة  وخلّفت من خلفك القلم يتيما من بعدك.. لتبكيك الحروف والكلمات والقصيدة والمكتبة.. ففي اخر مرة التقينا  وتكلمنا عن ديوانك الأخير .. وعن عزوفك عن مواصلة كتابة الشعر وإصدار الدواوين .. وكأنك كنت شاعرا باحساس خفي ان الأجل بالمرصاد ..

لقد بكرت الرحيل يا اخي.. ابا راشد.. أيها الإنسان الإنسان والمثقف المثقف.. صاحب الرأي السديد .. والناطق بكلمة الحق  .. الجريء بقوله وفعله دون مواربة او مجاملة .. لا تعرف التصنّع والمهادنة والنفاق .. أحببت الناس فبادلوك الحب.. احترمتهم فاحترموك .. كنت صاحب الواجب ورجل المجتمع وشاعر المنبر الذي يفرض الاحترام على من يسمعه .. بحضوره ورزانته..كنت امميا ..لم تعرْ اهتماماً لدينٍ او مذهبٍ او طائفةٍ او شعبٍ، بل كنت تؤمن بان الانسان اخو الانسان في انسانيته ..

أبا راشد أيها الشاعر المرهف، يا من ملك ناصية الكلمة في اللغة العربية التي عشقها حتى النخاع.. لقد تركت لنا إرثا أدبيا نفتخر به ونعتز، وسيبقى منارة على مدى الأجيال ..

كنت صاحب البيت المفتوح والمضياف والمُحدّث اللبق، الذي يطيب ويحلو اللقاء به والتحدث معه والاستماع اليه.. لسعة معرفته وغزارة ثقافته ..

كم من مرة التقينا وتشرفت بلقائك في بيتي وكذلك في بيتك العامر .. واذكر اخر لقاء لنا، حيث اهديتك اخر كتاب لي عن قرانا المهجرة منذ زمن الدعوة وحتى القرن التاسع عشر، وبوابة السماء، وكان برفقتي اخي الوفي أبو وسام عادل خطار حمود ..واهديتنا اخر ديوان شعر كتنبته ،  بمناسبة بلوغك لبسبعين من العمر،وصارحتنا عن نيتك بالتوقف عن كتابة الشعر لاسباب عدة أهمها الإسهال الثقافي، وتراجع الكتاب امام وسائل الاعلام، وقلة القراء ..اذ ان امة إقرأ لا تقرأ؟ وتحدثت بحرقة وألم عن وضعنا الثقافي الحالي، وكم كنت وما زلت صادقا في قولك .. وكانك لديك إحساس خفي بان ساعة الرحيل آتية قريبا ..ولم يكن ببالنا ان القدر بالمرصاد وان احساسك كان صادقاً..

فكم يعز علي يا اخي ان اخاطبك بكلمة كُنْتَ!

لكنك يا أبا راشد، إن كنت قد رحلت عنا جسداً فإنك ستظل بيننا روحا وذكرى عطرة

ويصدق فيك ما كنت قد كتبْتُهُ في احدى قصائدي:

كم من ناس قد عاشوا   وبين الناس قد ماتوا

كم من ناس قد ماتوا    وبين الناس ما ماتوا

فالبيت الثاني يليق بك تماما..

فالى جنات الخلد أيها الأخ الوفي والزميل الذي اعتز به وافتخر .. املا ان يحذو خلفُك حذوك ..وان يكونوا خير خلف لخير سلف وان يلهمنا جميعا الصبر والسلوان من بعدك

وانا لله وانا اليه راجعون

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .