سعيد سلامة، ممثّل مسرحيّ معروف ومشهور عالميًّا، معتادٌ أن يكون في مركز الاهتمام، لكن على الأرجح أنّه كان سيفضِّل نسيان الدراما التي غيّرت حياته مؤخّرًا.
سلامة (63 عامًا) ابن مدينة شفاعمرو والذي يسكن في حيفا استيقظ في منتصف الليل وهو يشعر بضعف في الجانب الأيمن من جسمه وبعدم قدرة على النطق. تمكّن من إيقاظ زوجته وأولاده الذين أدركوا أنّ شيئًا غير عاديّ يحدث هنا، فاستدعوا سيّارة إسعاف: “في غضون 25 دقيقة من لحظة استيقاظي كنتُ قد وصلتُ إلى قسم الطوارئ في رمبام”، يقول سلامة مسترجعًا أحداث تلك الليلة، “لم نتردّد للحظة”.
عند وصوله إلى رمبام، خضع سلامة لسلسلة من الفحوصات التي أظهرت أنّه يعاني من سكتة دماغيّة خفيفة نسبيًّا، لكنّ موقعها وآليّتها يشكّلان تحدّيًا صعبًا للعلاج: “ينقسم الدماغ إلى نظام أماميّ وخلفيّ. الانسداد في حالته كان في الجزء الخلفيّ”، يوضّح د. إيتان أبرجل، مدير وحدة الأشعّة العصبيّة التغلغليّة (السكتة الدماغيّة) في رمبام، الذي عالج سلامة، و”بالإضافة إلى ذلك فإنّ الانسداد لم ينشأ بسبب جلطة دمويّة كما نرى غالبًا، وإنّما بسبب تضيّق شريان محلّيّ، وهي مشكلة نادرة في هذا السياق وتُعتبر أكثر تعقيدًا من ناحية علاجيّة”.
نظرًا لأنّ حلّ قسطرة الدماغ انطوى على خطر على حياة سلامة، قرّر الطاقم الطبّيّ في البداية إعطاءه علاجًا حذرًا، بواسطة الأدوية، وإبقاءه تحت المراقبة. لكنّ الأدوية لم تساعد، واستمرّت السكتة الدماغيّة في التطوّر وحالة سلامة في التدهور. يقول د. أبرجل: “لم يكن لدينا خيار آخر، قرّرنا المضيّ قدمًا في إجراء قسطرة”، ويضيف: صحيحٌ أنّ العلاج هدّد حياته، لكنّ السكتة الدماغيّة أيضًا عرّضتْ حياته للخطر، ولذلك قرّرنا المجازفة”.
المشكلة التي نشأت في الشريان الدماغيّ لدى سلامة كانت في الواقع تضيّقًا تسبّب في انسداد تدفّق الدم إلى الدماغ بأكمله، بطريقة مشابهة للتضيّق الذي يؤدّي إلى نوبة قلبيّة. أثناء إجراء القسطرة، وصل د. أبرجل إلى منطقة الانسداد في الدماغ، وأدخل دعامة قرنيّة تُستخدم لقسطرة القلب، من أجل توسيع منطقة التضيّق وإبعاد جدران الشريان عن بعضها البعض. في نهاية الإجراء الذي نُفِّذ تحت التخدير العامّ تجدّد وصول الدم إلى دماغ سلامة. “انتهت القسطرة بنجاح وفي غضون فترة زمنيّة قصيرة تعافى المعالَج بشكل رائع”، قال د. أبرجل، ثمّ أضاف: “من شخص كانت حياته في خطر حقيقيّ وكان هناك خوف على أداء دماغه إلى شخص يخرج من المستشفى قبل أيّام قليلة وهو معافى ويشعر بشكل جيّد”.
بالنسبة إلى سلامة، الذي تدور حياته كلّها حول التمثيل والمسرح والدراما، فإنّ أحداث الأيّام القليلة الماضية تتّخذ بالتأكيد بُعدًا مختلفًا: “كانت هناك لحظات لم أومن خلالها بأنّ الأمور ستنتهي بشكل جيّد، لم أصدّق أنّني سأتعافى وأقف على قدميّ وأتمكّن من العودة إلى حياتي”، قال الشخص المعروف ونجم الأطفال المحبوب الذي أدّى، ضمن أدواره، دور “فوكسي” في البرنامج التربويّ بالعربيّة “أمال وكمال”، وأضاف: “أنا مدين بالامتنان لجميع أعضاء الطاقم الطبّيّ الذي عالجني، وفي مقدّمتهم د. أبرجل. لقد أنقذوا حياتي. الآن أنا على وشك العودة إلى العمل كمخرج وأخطّط لاحقًا لتقديم مسرحيّة كتبتُها أثناء مكوثي في المستشفى. مسرحيّتي يجب أن تستمرّ”، اختتم كلامه بابتسامة.
“إذا كنتم تعانون من أيّ اضطراب عصبيّ، مثل خلل في أداء اليد، الرجل، أو اضطراب في النطق، البلع، المشي، أو صعوبة في الرؤية – حالة ظهرت لديكم فجأةً وبشكل حادّ وغير مألوف لكم في الماضي، فعليكم الوصول إلى قسم الطوارئ في أقرب وأسرع وقت ممكن”، توضّح د. إستل سايمان، مديرة قسم طبّ الأعصاب “ب” – السكتة الدماغيّة في رمبام، “قد يكون ذلك سكتة دماغيّة. في هذه الحالة، كلّما وصلتم أبكر يمكننا أن نعالجكم بشكل أفضل. تذكّروا: الوقت يساوي الدماغ!”.
لماذا من المهمّ عدم التردّد للحظة في حالة الشكّ بوجود سكتة دماغيّة؟ سعيد سلامة يوضّح:
في الصورة: سعيد سلامة أثناء رقوده في مستشفى رمبام لتلقّي العلاج.
تصوير: المجمّع الطبّي لصحّة الإنسان – رمبام.
موقع الوديان يتقدم باحر التهاني، للأخ والصديق الفنان القدير سعيد سلامة، بالشفاء.. متمنين له الصحة والعافية ودوام العطاء.