تواصلًا مع مناطق بلادنا الجميلة
تقرير إخباريّ
إعداد: النّاطق الرسميّ، الشّاعر علي هيبي.
لا بدّ من كلمة:
بعد سفرتنا الموفّقة والنّاجحة والمثمرة مدرسيًّا وأدبيًّا وسياحيًّا في النّقب الحبيب بدأنا نفكّر بفتح ثقافيّ جديد، فكانت قرية أبو غوش الرّابضة والشّامخة فوق جبال بيت المقدس الغربيّة هي الفتح المبين التّالي، لقد نقلنا تجربتنا الثّقافيّة الميدانيّة في النّقب فاكتمل المثلّث الوطنيّ، وإلى أبو غوش حتّى يتبارك مسعانا بضلع رابع وجديد: مدرسيًّا وأدبيًّا وسياحيًّا، فأضفنا بهمّة أعضاء الاتّحاد وأصدقائه فتحًا إلى فتح ونجاحًا إلى نجاح ساعين بكلّ عزيمة متوقّدة وبكلّ همّة متوثّبة إلى المزيد المزيد، فليس الجليل حدودنا ولا المثلّث سياجنا، ولن يقف أمام طموحنا سدّ ولا أمام أحلامنا معيق ولا أمام أهدافنا السّامية حدّ، فلسطين كلّها ميداننا الثّقافيّ.
نستهلّ بالموجز:
بدعوة من مهرجان “أبو غوش” الثّقافيّ الخامس، وتحت عنوانه اللّافت “مهرجان أوتار من عتبة الماضي”، وبمبادرة من الشّاعر إحسان عبد الرّحمن، عضو الاتّحاد القطريّ لبّى وفد كبير من أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين يوم الأربعاء الموافق لِ 21/6/2023 دعوة إدارة المركز الجماهيريّ في قرية أبو غوش ومديره الأستاذ محمّد عيسى جبر، وقسم الثّقافة والشّباب في المركز ومديره الشّاعر إحسان عبد الرّحمن. وقد خصّص المهرجان أمسية قراءات وشعر وغناء للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين. وقد شارك في وفد الأدباء: الشّاعر علي هيبي النّاطق الرّسميّ من كابول، د. أسامة مصاروة نائب الرّئيس من الطّيّبة، الشّاعر فتح سرطاوي من اللّد، الشّاعرة د. عدالة جرادات من يافة النّاصرة، الأديبة د. ليلى حجّة من النّاصرة، الشّاعرة رائدة غزّاوي والشّاعرة أسماء نعامنة من عرّابة البطّوف، الأديبة سيما صيرفي والشّاعرة جنان ناصر من النّاصرة العليا، والشّاعر حاتم جوعيه من المغار، وجميعهم من أعضاء الاتّحاد، والأديب مفيد صيداوي من عرعرة صاحب مجلّة “الإصلاح” والكاتب والإعلاميّ محمود خبزنا محاميد من أمّ الفحم، وهما من أصدقاء الاتّحاد القطريّ. وقد شارك في الوفد ثلاثة من أعضائنا في الاتّحاد من قرية أبو غوش: الشّاعرة هدى عثمان، الباحثة رفيقة عثمان والأديبة نزهة أبو غوش. وقد انتهز الاتّحاد القطريّ فرصة هذه الزّيارة لتعميقها وجعلها أكثر تواصلًا وإثمارًا ونفعًا فرتّب علي هيبي وإحسان أبو غوش مع المربّية ديمة سلمان مركّزة التّربية الاجتماعيّة يوم لغة عربيّة في مدرسة أبو غوش الابتدائيّة، وكذلك بالتّنسيق مع مدير المركز نفّذت جولة سياحيّة في معالم القرية التّاريخيّة القديمة وفي بعض معالمها الحديثة.
وإلى التّفاصيل:
مدرسة أبو غوش الابتدائيّة:
ففي ساحة المدرسة الابتدائيّة القائمة في وسط البلدة القديمة وقفت مديرة المدرسة المربّية خلود جبر وياسمين إغباريّة نائب المدير والمربّية ديمة سلمان والمربّية مها عبد الرّحمن معلّمة اللّغة العربيّة، وقفن جميعُا لاستقبال وفد الأدباء، وفي جلسة تعارف وعمل بعد الفعاليّات الصّفّيّة رحّبت مديرة المدرسة بالوفد وشكرتهم على تكبّد السّفر الطّويل لمشاركة طلّاب مدرستنا وطواقمها في يوم اللّغة العربيّة وإعطاء الفرصة لهم لالتقاء الأدباء المحلّيّين، خاصّة وأنّه لسبق عظيم وللمرّة الأولى يزور المدرسة اتّحاد أدباء منظّم وبشكل مكثّف، من حوالي عشرين أديبًا. وقد تطرّقت المديرة إلى الشّرح عن مسيرة مدرستها وزوّدت الوفد بكثير من المعلومات والتّفاصيل الهامّة، فقد تأسّست أوّل مدرسة في القرية سنة 1932 وكان فيها صفّان، وفي أبو غوش أكثر من 10 آلاف نسمة اليوم وفيها مدرستان ابتدائيّتان وأخرى إعداديّة وثانويّة شاملة، هذه المدرسة هي أولى المدارس، وتضمّ اليوم 315 طالبًا و 15 شعبة، و 28 معلّمًا، 50% منهم من القرية. وفي المدرسة برامج تعليميّة حديثة وسط مناخ تربويّ سويّ ومريح وبرامج متعدّدة حول البيئة والنّظافة وإذاعة مدرسيّة وبرنامج قراءة يتابع مطالعة كلّ طالب، ومهارات لغويّة في كلّ اللّغات، وتنمية الكتابة الإبداعيّة وإصدار مجلّتيْن.
وفي ردّه أثناء النّقاش والتّلخيص الّتي شارك به جميع الأدباء وكوكبة من معلّمات المدرسة: المربّية سيرين أطرش، المربّية نعمة جبر والمربّية سلام أبو عيد، أشار علي هيبي إلى دور الاتّحاد القطريّ ومكانته ونشاطاته المتعدّدة ورسائله الثّقافيّة والوطنيّة. وأعرب عن الاستعداد الدّائم للاتّحاد للتّعاون مع مدارس أبو غوش للعمل على تنمية انتماء طلّابنا إلى لغتهم العربيّة وإلى تعزيز انتمائهم الوطنيّ والقوميّ. وأشارت مركّزة التّربية ديمة سلمان إلى أهمّيّة هذه اللّقاءات مع الأدباء المحلّيّين ومدى حاجة المدرسة وطلّابها إلى تكثيفها لجعلها تقليدًا سنويًّا.
بين كنيسة قديمة وجامع جديد:
بعد هذه الفعاليّة المدرسيّة قاد الأستاذ محمّد جبر مدير المركز الجماهيريّ في القرية مجموعة الأدباء من الاتّحاد القطريّ لساعة كاملة، إلى جولة سياحيّة وطنيّة إلى معالم القرية القديمة والحديثة، وكانت المحطّة الأولى المقبرة القديمة الّتي حوت العديد من قبور الأولياء والشّهداء وأعلام القرية مثل: قبر مختارها السّيّد موسى إبراهيم أبو غوش، ومن ثمّ زار الوفد الدّير البندكتيّ والكنيسة الّتي يعود بناؤها إلى الفترة البيزنطيّة، وتعود ملكيّتها اليوم للدّولة الفرنسيّة، وفي الكنيسة عين ماء تاريخيّة ما زالت جارية كانت تستخدم لريّ المزروعات، وبجانب الكنيسة الجامع القديم. وكان الجامع الجديد، جامع “أحمد حاج قديروف” على اسم رئيس الشّيشان الّذي أسّسه، كان آخر محطّات الجولة، ويسمّى جامع “السّلام” بني سنة 2013 وكلّف حوالي 7 مليون دولار، بتصميم تركيّ فنّيّ جميل، وله أربع مآذن وهو من ثلاثة طوابق يمتاز بفنّيّة عمران كبيرة. أمّا عن تاريخ سكّان أبو غوش فيقال إنّ جذورهم تعود إلى أصول شيشانيّة جاءوا إلى هذه المنطقة منذ 500 سنة، وكانت تسمّى “قرية العنب” لكثرة كرومها، وهناك من يفنّد الأصول الشّيشانيّة لهم ويقول إنّ أصولهم تعود إلى “بني مالك” جاءوا من الجزيرة العربيّة.
فنّ وحبّ، شعر ووطن:
وبعد استراحة قصيرة التأم وفد الأدباء مع جمهور نوعيّ من مثقّفي القرية وأدبائها في قاعة المركز الجماهيريّ في أمسية تحيّات وقراءات وشعر وفنّ، وقد كانت الأمسية جزءًا من نشاطات وفعاليّات مهرجان “أوتار من عتبة الماضي”، الّذي عجّ بكثير من الفعاليّات: بازار ومعارض كتب، دور نشر، عروض فنّيّة غنائيّة وموسيقيّة، ومعارض للإنتاج المحلّيّ، النّحت، الباليه والدّبكة، وثقافة وشعر، وقد انعقدت الأمسية بمبادرة من الشّاعر إحسان عبد الرّحمن. وأدارت عريفة اللّقاء السّيّدة النّاشطة تمام عبد الرّحمن الأمسية بلباقة وقدرة فائقة وتعابير رقيقة، فرحّبت بالضّيوف والحضور وشكرت بشكل خاصّ وفد الأدباء من الاتّحاد القطريّ، ومن ثمّ دعت الفنّانيْن الواعديْن: محمّد هيبي عازف العود من كابول وأيمن مرعي عازف الغيتار من قلنسوة، فقدّما معزوفات موسيقيّة أضفت على الأمسية روحًا من الفنّ وأجواء من الجمال.
وفي فقرة القراءات دعت العريفة الشّاعرة د. عدالة جرادات فافتتحت بتقديم كلمة الاتّحاد القطريّ، وبكلمة قصيرة وشاعريّة حيّت الجمهور وأشادت بدور الاتّحاد في رفع الحراك الأدبيّ بنشاطاته المدرسيّة والثّقافيّة العامّة، وفي تأكيد الانتماء الوطنيّ من خلال تمسّكنا بالهويّة القوميّة واللّغة العربيّة من أجل حماية شخصيّتنا الثّقافيّة.
وكان قصب سبق الإلقاء للشّاعر إحسان عبد الرّحمن، وبعد كلمة ترحيبيّة أشاد بها بدور الاتّحاد القطريّ وبالفعاليّات الهامّة للمهرجان، قرأ عدّة مقاطع شعريّة بعنوان “في زنزانتي” موجّهة لأمّه وزوجته وأسرته مركّزًا على روابط المحبّة الأسريّة وأثرها على الفرد، وقرأ قصيدة “إليك يا قدس” ومقتطفات من قصيدة “في الحاجز”. الشّاعرة جنان ناصر ألقت قصيدة حول موضوع ظلم المرأة والمجتمع الذّكوريّ بعنوان “ماذا عن البقيّة”، أمّا الشّاعر حاتم جوعيه فقد ألقى قصيدة من شعره العموديّ بعنوان “عشق وكفاح” مزج فيها الذّاتيّ بالموضوعيّ، وبعد وصلة غنائيّة قدّمها الثّنائيّ: هيبي ومرعي بمرافقة العود والغيتار، كانت مجموعة من الأغاني التّراثيّة والوطنيّة، بعدها ألقى الشّاعر فتح سرطاوي قصيدة “هذا الأربعاء” وهي مساجلة مع شاعر سوريّ، الشّاعرة هدى عثمان ابنة أبو غوش قدّمت قصيدة “إلى أنثى” عن ظلم المرأة وحرمانها، أمّا الشّاعر أسامة مصاروة فقد أتحف الجمهور بقصيدة وطنيّة عن النّكبة وضياع الوطن بعنوان “صخر ومنى”، وقد ألقى بمرافقة الشّاعرة سيما صيرفي قصيدة غزليّة. الشّاعرة رائدة غزّاوي أعجبت الجمهور بقوّة إلقائها المعبّر والجميل وبعمق موضوعها، ألقت قصيدتيْن بعنوان “أيّها الشرقيّ” عن المجتمع العربيّ الذّكوريّ، وأخرى بعنوان “حمائم القدس”. وكان مسك ختام الإلقاء للشّاعر علي هيبي، فألقى مقطعًا من قصيدته الطّويلة “أيّها الدّيار العامرة ابشري بالخراب”. وكان لأبناء أبو غوش نصيب في القراءات فتحدّثت الكاتبة لمعة عبد الرّحمن الّتي انتسبت للاتّحاد القطريّ عن تجربتها في الكتابة الرّوائيّة والكاتبة أنغام أبو غوش حول كتابتها للأطفال، وكذلك الإعلاميّة رماح مفيد عبد الرّحمن.
ومسك الختام:
وفي نهاية الاحتفال ألقى السّيّد عيسى أبو جابر وهو عضو مجلس سابق ومدير مدرسة سابق حيّا فيها الاتّحاد القطريّ والمركز الجماهيريّ على هذه الفعاليّات الثّقافيّة والأدبيّة ودعا إلى تكثيفها، وبعدها أصطفّ الأساتذة: محمّد جبر، عرسان عبد الرّحمن، إحسان عبد الرّحمن، عيسى أبو جابر وتمام عبد الرّحمن لتكريم الأدباء المحلّيّين والضّيوف بتوزيع شهادات رمزيّة.