۱۷۰
أ – تأبط شرا (٥٣٠م)
1 تاريخه
هو ثابت بن جابر الفهمي، وفهم إحدى قبائل قيس عيلان المُضَريَّة. وقد نسجت حوله الأساطير، والمعروف عنه أنه عداء وأنه لص من أدهى اللصوص وأشدهم فتكاً. وما يُروى عنه أنه تأبط سكيناً ذات يوم وخرج ، فسئلت عنه أمه ، فقالت : لا أدري، إنه تَأَبَّط شرّاً وخرج ، فذهب كلامها لقباً له، وقد قيل في لقبه هذا غير ذلك. ومما يُروى أيضاً أن بني لحيان من هذيل أخذوا عليه طريق جبل وجدوه فيه يحني عسلاً ، ولم يكن له طريق غيره، فأقبلوا عليه وقالوا : استأسر أو نقتلك. فكرة أن يستأسير، وصب ما معه من العسل على الصخر، ووضع نفسه عليه حتى انتهى إلى ، غير طريقهم ، فصار بينه وبينهم ثلاثة أيام ، ونجا منهم ، وقد قُتِلَ تأبط شرّاً في بلاد هذيل ورُمي به في غار ، وذلك في نحو ٥٣٠ للميلاد.
لتأبط شراً شعر مبثوث في كتب الأدب وأكثره في شرح حاله ووصف غاراته وتصوير حياته المتشردة ، وهو في شعره رجل الانفرادية الحازمة ، والشخصية القوية، كما هو رجل الكرم والجود الذي يُؤثر أضيافه على نفسه. والحياة عنده. هزو بالحياة وتعلق بها : هي كرامة تُحفظ ، ومال يُبذل ، وحريّة تُقَدَّس ، ويد تبسط ، وانطلاق من غير انكفاء ، في جو من الاطمئنان والحذر ، واللاوعي الحازم :
يابس الجنبينِ مِن غَيرِ بُوسِ الكَفَّيْنِ شَهُم مُدِل طَاعِنُ بالحَزْمِ حَتَّى إِذَا من حَلَّ حَلَّ الحَزْمُ حَيثُ يَحِلُ غيث مُزْنٍ عَامِرٌ حَيْثُ يُجْدِي وإذا يَسْطُو فَلَبْتُ أبل
1- يابس الجنين : هزيل المُدل : الواثق بنفسه وبعدته . ٢- الأبل: المصمم الماضي على وجهه لا يبالي ما لقي.
ميزة أدبه : خشونة في المعاني والمباني ، وتصوير حسي صادق، ونفس مكسوة بألفاظ ،
، وألفاظ تتراءى فيها العادات والنفسيات، وسذاجة فطرية حلوة ، وجو صحراوي يضطرب فيه حيوان الصحراء ونباتها ، وغيها و برقها ، وتصطحب فيه الشراسة والرقة وتدفق طبيعي على غير نظام ، اللهمّ إلّا نظام الطبيعة الفطرية ، وأوزان مستقيمة ، وقواف شديدة تتصاعد من خلالها موسيقى الصَّحراء ، ذلك هو أدب تأبط شراً ؛ وهو يروق من حيث يُنفّر ، ويخاطب النفس من حيث يلتصق بالمادة. هو أدب اعترافي قصصي ملحمي. هو أدب النفس والقلب وإن تسربل الأشواك ، والتحف بالرمال والبال