دَع ما مَضى لَكَ في الزَمانِ الأَوَّلِ
وَعَلى الحَقيقَةِ إِن عَزَمتَ فَعَوِّلِ
إِن كُنتَ أَنتَ قَطَعتَ بَرّاً مُقفَراً
وَسَلَكتَهُ تَحتَ الدُجى في جَحفَلِ
فَأَنا سَرَيتُ مَعَ الثُرَيّا مُفرَداً
لا مُؤنِسٌ لي غَيرَ حَدِّ المُنصُلِ
وَالبَدرُ مِن فَوقِ السَحابِ يَسوقُهُ
فَيَسيرُ سَيرَ الراكِبِ المُستَعجِلِ
وَالنَسرُ نَحوَ الغَربِ يَرمي نَفسَهُ
فَيَكادُ يَعثُرُ بِالسِماكِ الأَعزَلِ
وَالغولُ بَينَ يَدَيَّ يَخفى تارَةً
وَيَعودُ يَظهَرُ مِثلَ ضَوءِ المَشعَلِ
بِنَواظِرٍ زُرقٍ وَوَجهٍ أَسوَدٍ
وَأَظافِرٍ يُشبِهنَ حَدَّ المِنجَلِ
وَالجِنُّ تَفرَقُ حَولَ غاباتِ الفَلا
بِهَماهِمٍ وَدَمادِمٍ لَم تَغفَلِ
وَإِذا رَأَت سَيفي تَضِجُّ مَخافَةً
كَضَجيجِ نوقِ الحَيِّ حَولَ المَنزِلِ
تِلكَ اللَيالي لَو يَمُرُّ حَديثُها
بِوَليدِ قَومٍ شابَ قَبلَ المَحمِلِ
فَاكفُف وَدَع عَنكَ الإِطالَةَ وَاِقتَصِر
وَإِذا اِستَطَعتَ اليَومَ شَيئاً فَاِفعَلِ