تاريخ عدي بن زيد ( توفي نحو سنة 590 م)
عدي بن زيد بن حمّاد بن أيوب التميمي العبادي وهو أحد شعراء العصر الجاهلي وقد جاء في تاريخ الادب العربي أنّه ينتمي الى بيت من أحد البيوتات القديمة في الحيرة.
وقد تأدب أبوه قصور فارس ، وحكم الحيرة بضع سنين بعد موت النعمان الأول الى أن جلس ابنه المنذر على العرش . ولما كره أهل الخبرة المفر لك وجشعه تولي له تصريف الأمور المدنية.
أما ابنه عدي فقد نشأ مع ابن أحد المرارية على طريقة بلاء فارس” ثم عاش في بلاط الأكاميرة بالمدائن وقربه الملك كسرى بن هرمز أي كسرى أبرويز وجعله ترجمانه وكاتبه بالعربية وقيل إنه بعته في سفارة إلى القسطنطينيه وقد مر بدمشق وقال فيها أول شعره.
ولما عاد الى الحيرة أخذ يتنقل بينها وبين المدائن .
ولما أشرف المدير على الموت أوصى عدياً بابنه النعمان ولما قبل عمرو بن هند أشار عدي على ملك الفرس بتولية النعمان بن المنذر على العرب ففعل.
ولكن الأمر لم يرق بي مريبة الذين كانوا يعاونون غير النعمان من أبناء المنذر فراحوا يوغرون صدر الأمان عليه ويزعمون له أن عدياً يدعي السيطرة عليه و يقول انه هو الذي أوصله الى العرش . فأرسل إليه النعمان
وهو في بلاط كسرى ، يطلب زيارته له ، ففعل عدي. وما إن وطئ بلاط النعمان حتى أمر هذا بحبسه . ولما بلغ كسرى خبر سجنه أرسل رسولاً الى الحيرة ليطلقه فوجده مقتولاً، وكان ذلك نحو سنة ٥٩٠م.
أدب عدي بن زيد
لعدي بن زيد شعر عمري قاله في صباه، وأشهرما له حكمه وزهدياته .
وجاء في الأغاني أنه نظم قصائد كثيرة في سجنه وأرسلها الى النعمان معاتباً معتذراً ”
وكان الأصمعي وأبو عبيدة يقولان : « عدي بن زيد في الشعراء بمنزلة سهيل في النجوم يعارضها ولا يجري مجراها .. ۲ – الحكم : مما يروى أن عدياً كان يصحب النعمان في رحلات الصيد .
وفي إحدى هذه الرحلات نزل النعمان ومعه عدي بن زيد في ظل شجرة عظيمة ليلهو ، فقال عدي : أندري ما تقول هذه الشجرة ؟ قال : ! قال : تقول : رب شرب قد أناخوا عندنا يشربون الخمر بالماء الزلال ثم أضحوا لعب الدهر بهم وكذاك الدهر حالاً بعد حال
ومثل هذا الخبر كثير في كتب الأدب ، وكله يشير الى مقدرة عدي بن زيد في الوعظ والتزهيد بأمور الدنيا . ومن أشهر شعره في الوعظ والحكم قوله .
نظمها في السجن ووجهها الى النعمان أبي قابوس : أيها الشامت المعير بالدهر ، أنت المتر الموفور ؟ أم لديك العهد الوثيق من الأيام ، بل أنت جاهل مغرور من رأيت المنون خلدن أم من ذا عليه من أن يضام خفير (3) این کسری ، كسرى الملوك أبو ساسان، أم أين قبله سابور؟
من قصيدة القصور الفخمة والقصيدة طويلة تدور حول التذكير بملك الماضين من فرس وروم ، وأصحاب التي عمروها ولم يدعهم ريب المنون آمنين فيها ، فذهبوا جميعاً.
عدي بن زيد والمسيحيّة
ولعدي شعر كثير كهذا في الوعظ والتذكير ، « وفيه من المعاني ما يعد صوراً صادقة للحياة الروحية بين رهبان المسيحية في العصر الجاهلي ، وهي حياة قريبة الشبه من حياة زهاد المسلمين في أواخر القرن الأول وما بعده » .
وهكذا أثرت الروحانية المسيحية في شعر هذا الشاعر من وصبغته بصبغتها ، فجاء على خلاف شعراء الجاهلية ، شعراً روحياً ، فيه وعظ وتذكير ، ودعوة الى العمل لما بعد الموت.
واعتراف بالحساب والجزاء ، ووجود إله قادر عالم بسرائر خلقهوفيه تناول لأحوال النفس الإنسانية وخصائصها ، وبيان لطرق علاجها وكيفية التخلص من ربقتها وسلطانها.
وفيه أيضاً حكمة تشتمل على نظرات في أمور الحياة والناس تتسم بالدقة – بعض الشيء ـ أكثر مما تتسم بها حكمة الشعراء الآخرين » .
أسلوبه : أسلوب عدي هو أسلوب السذاجة ، وكلامه سهل لينته الحاضرة
وجعلت بعضه ناعم الجرس رائع التشبيه والتصوير ، بعيداً عن كل تعقيد ؛ وهذا اللين ينحدر أحياناً الى الركاكة. وإنك لتشعر أن لغة ابن زيد تتناقل أحياناً، وأن الشاعر لا يملك ناصية القوافي فلا تنقاد له ، ولا يقلبها كما يشاء، ولهذا كله لم يعده العلماء الأقدمون حجة في الشعر.