الخنساء شاعرة البكاء والرثاء (٠٧٥ – ٦٦٤ / ٤٤ هـ)
تاريخها : هي تماضر بنت عمرو السلمية قتل أخواها صخر ومعاوية فقضت حياتها تبكيهما
وكان أكثر كلامها في صخر. وقد أسلمت وكانت حسنة التدين .
أدبها : لها ديوان شعر أكثره في رثاء صخر .
قيمة رثائها
1 – عاطفة صادقة . ونعمة ألم طويلة ومكرورة .
٢ ـ ليس في رثائها ترتيب ولا تحليل ولا تعمق ، فهو تعداد للأعمال والصفات ، وبكاء وفخر وتهديد
في سلاسة وسهولة
3 ـ تعتمد الغلو وتكثر من استعمال صيغ المبالغة . فيه عنوان العطف ورمز الإخاء والوداد .
تاريخ الخنساء
هي تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية الملقبة بالخنساء ، خطبها الشاعر دريد بن سمة فردته ، فخطبها رواحة بن عبد العزى السلمي فولدت له عبد الله المعروف بأبي جرة ، ثم اقترنت للمرة الثانية بمرداس بن أبي عامر السلمي فولدت له زيداً ومعاوية
وكان أخوها صخر شريفاً في بني سليم ، وخرج في غزاة فقاتل فيها قتالاً شديداً ، صابه جرح واسع ، فمرض في ذلك وطال مرضه ، حتى مات . وكذلك قبل أخوها ماوية ، فبكتها الخنساء بكاء مراً وكان أكثر بكائها على صخر ذي اليد الكريمة القلب المحب العطوف .
وقد أسلمت الخنساء في أواخر حياتها وأخلصت لدينها الجديد . ومما يروى من فقالت : روجي هذا القبيل أنها دخلت على أم المؤمنين عائشة وعليها صدار لها من شعرا ، فقالت لها عائشة : يا حساء إن هذا لقبيح، فيض رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ليت هذا ، قالت : إن له قصة ، قالت فأخبريني ، أبي رجلاً ، وكان سيداً معطاة ، فذهب ماله ، فقال لي : إلى من يا خنساء ؟ قلت : إلى أخي صخر، فأتيناه ، فقسم ماله شطرين ، فأعطانا خيرها ، فجعل زوجي أيضاً يعطي نقد ماله ، فقال : إلى من ؟ فقلت : إلى أخي صخر ، فأتيناه ، فقسم ماله شطرين ، فأعطانا خيرهما ، فقالت امرأته : أما ترضى أن تعطيها النصف حتى تعطيها أفضل النصيبين ؟ فأنشأ يقول : ويحمل ، حتی
والله لا أمنحها شرارها ولو هلكت مزقت خمارها
وجعلت من شعر صدارها
فذلك الذي دعاني إلى أن لبست هذا حين هلك
وكانت تقف بالموسم فتسوم هودجها بسومة” ، وتعاظم العرب بمصيبتها بأبيها عمرو ابن الشريد وأخويها صخر ومعاوية ابني عمرو ، وتنشدهم فتبكي الناس . وكان أبوها يأخذ بيدي ابنيه صخر ومعاوية ويقول : أنا أبو خيري مضر ، فتعترف
له العرب بذلك .
– أدب الخنساء :
للخنساء ديوان شعر في رثاء أخويها صخر ومعاوية وأكثره في . . طبع فيبيروت سنة ١٨٨٩.
قيمة رثاء الخنساء
. 1 – رثاء الخنساء هو عاطفة صادقة في حزمها ، أو هو لوعة الأخت على أخيها ، نغمة الألم تتصاعد مكرورة في بداية بلا نهاية ، وتماشي تبرات العاطفة في اختلاف تموجاتها ، في اندفاعها وثورتها ، وفي ركودها وانكسارها ، في تبويق عزتها وفي إرعاد تهديدها ، في حبها المضطرم وفي أسفها الملتدم .
ご وتبدو الخنساء كإحدى النساء التوادب اللواتي يقمن حول النعش في تموج جسمي وروحي ، ويصعدن . كل حركة زفرة . كل زفرة نعمة من نغمات الرثاء والنواح في تكرار وترديد ، وفي تسيير العاطفة على جناح كل زفرة والتدامة ، وإذا في ديوانها قصائد ومقطوعات على بحور مختلفة الوقع ، تقودها ذكرى الأعمال المجيدة ومآتي صخر الحميدة ، وتستنير بأضواء محيا الفقيد ، فلا ترتيب ولا تنسيق ، ولا تحليل ولا تعمق ، ولا وحدة تأليف ولا انحصار في موضوع ، إنما يكفي خيال صخر وطيفه ، وإذا القصائد تتقلب كلها تقريباً بين رثاء وتعداد أعمال وصفات . وبين بكاء وفخر وتهديد . وصخر نقطة الدائرة بدور كل شيء حوله ، ويقال كل شيء لأجله . في انفجار فياض ، وفي سلاسة رائعة وسهولة قد تظهر أحياناً مائعة
القصائد ، تبرز 3 ـ وهكذا ، نرى أفكار الخنساء لا تتبدل ، فهي هي في جميع في جو من الغلو، يجعله الألم مقبولاً مها تجاوز الحدود . وكثيراً ما تفتتح الخنساء قصائدها بمناجاة عينيها ، وكثيراً ما تستنزف العينين وتستقطرهما دموعاً فرحتها ، وكثيراً ما تعمد الخنساء الى صيغ المبالغة للتشديد والتقرير، وإلى تقطيع البيت الواحد تقطيعات موسيقية هدارة ، تخرج بنا عن جو الأنوثة وتلتحق بنبرات البطولة فتقول
مثلا :
وإن صخراً لوالينا وسيدنا وإن صخراً، إذا نشتو ، لنحار
وإن صخراً لمقدام، إذا ركبوا وإن صخراً ، إذا جاعوا ، لعقار
وهكذا كان ديوان الخنساء صورة مكبرة لصخر، وكان صخر في ديوان الخنساء الصفات العربية كلها مكبرة ، فهو حصن العشيرة وخطيبها ، وهو مؤثل الضعيف والضيف ، وهو عنوان الكرم والجود ، وهو كل ما هو كامل ومحبوب
وهكذا كان صخر دموع حياة وقطرات فؤاد، وكانت الخنساء عنوان العطف ورمز الإخاء والوداد.