تَأوّبَني دَائي القَدِيمُ فَغَلَّسَا … أُحَاذِرْ أنْ يَرْتَدّ دائي فأُنْكَسَا (1)
فَيا رُبّ مَكرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ … وَطاعَنْتُ عَنهُ الخيلَ حَتى تَنَفَّسَا
وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَدْ أرُوحُ مُرَجَّلاً … حَبِيباً إلى البِيضِ الكَوَاعبِ أملَسَا
يَرُعنَ إلى صَوْتي إذا مَا سَمِعْنَهُ … كمَا تَرْعوِي عِيطٌ إلى صَوْتِ أعيَسَا (2)
أرَاهُنّ لا يُحْبِبنَ مَن قَلّ مَالُهُ … وَلا مَنْ رَأينَ الشَّيبَ فيهِ وَقَوّسَا
وَمَا خِفْتُ تَبرِيحَ الحَياةِ كما أرَى … تَضِيقُ ذِرِاعي أنْ أقومَ فألبَسَا (3)
فَلَو أنّهَا نَفسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةٌ … وَلَكِنّهَا نَفْسٌ تَسَاقَطُ أنْفُسَا
وَبُدّلْتُ قَرْحَاً دامِياً بَعدَ صِحّةٍ … فَيا لكِ من نُعمَى تحَوّلنَ أبْؤسا
لَقد طَمَحَ الطَّمّاحُ من بُعد أرْضِهِ … لِيُلْبِسَني مِنْ دَائِهِ مَا تَلَبّسَا (4)
ألا إنّ بَعدَ العُدْمِ للمَرْءِ قِنْوَة ً … وَبعدَ المَشيبِ طولَ عُمرٍ ومَلَبَسَا (5)
امرؤ القَيْسِ وعَبيدُ بْنُ الأَبْرصَ [البسيط]
لقي يوماً عَبيد بن الأبرص الأسديّ. فقال له عبيد بن الأبرص: كيف معرفتك بالأوابد؟ فقال: قل ما شئتـ تجدني كما أجبت.
مَا حَيّةٌ مَيْتَةٌ قَامَتْ بمِيتَتِهَا … دَرْدَاءُ مَا أنْبَتَتْ سَنّاً وَأضرَاسَا (6)
(1) غلّس: اء في آخر الليل.
(2) يرعن: يفزعن. العيط: ج عيطاء وهي خيار الإبل. الأعيس: الفحل.
(3) التبريح: شدة البلاء.
(4) الطّمّاح: رجب من بني أسد.
(5) القنوة: غنى ونعمة.
(6) الدرداء: الذاهبة أسنانها.