نشرت جمعية “محامون من أجل إدارة سليمة” ورقة موقف مفصلة، أعدّها مدير عام الجمعية المحامي نضال حايك والمحامي محمد قدح من الطاقم القانوني، عرّجت من خلالها على خصوصية السلطات المحليّة العربية، أبرز القضايا الخاصة لهذه السلطات في العام 2022، وأهم نقاط الإخفاق والضعف على مستوى الإدارة السليمة، الّتي ترصدها الجمعيّة من خلال متابعتها لعمل السلطات.
وجاء في التقرير، أن الأزمة الاجتماعيّة الاقتصادية الّتي تعانيها الأقليّة العربيّة في البلاد، سيطرة العائليّة السياسية (بممارساتها وتبعات ذلك) في أغلب السلطات، وآفة العنف المستفحلة تعد تحديات خاصة، تلقي بظلالها على العمل اليومي للسطات العربيّة.
تبع ذلك عرض مفصل لأبرز تحديات الإدارة السليمة في السلطات العربيّة، والتّي من بينها: تردي الخدمات وعدم ملاءمتها للتطورات التكنولوجية والإداريّة، ترهل منظومة الموارد البشرية بفعل تداخل الاعتبارات المهنيّة والسياسية واستمرار ظاهرة تعيين المقربين وتعيين أشخاص لا يستوفون الشروط المهنية المطلوبة للمناصب الّتي يتبوّؤونها، إضافة إلى غياب آليات المساءلة والردع والامتناع الممنهج عن اتخاذ إجراءات وفق أحكام الطاعة. وأشارت الجمعية أيضًا إلى قصور في مجال المناقصات والتعاقدات مع المزودين، وفوضى في بعض أقسام الجباية، تتمثل في تراكم ديون دون اتخاذ إجراءات لجبايتها، إعفاء لغير المستحقين وديون أعضاء سلطات محلية وموظفين، وسط غياب الدور المرجو لكبار الموظفين (المراقب، المستشار القضائي وأمين الصندوق) ومنتخبي الجمهور.
كما وتطرقت الجمعية في ورقة الموقف إلى غياب منظومة تطبيق القانون، في مجال منع الاستيلاء على الأرصفة وظواهر أخرى، الحفاظ على الحيز العام، وترخيص المصالح التجارية، حيث تمتنع الكثير من السلطات عن سن قوانين مساعدة وعن تعيين مراقبين ومدعي محلي، وتتهرب من “المواجهة” مع مخالفي القانون.
ترى الجمعية في هذه الجملة من القصور الذاتيّة، النابعة بالأساس من اعتبارات داخلية وسياسية في السلطات، عوائق جديّة ولا يمكن النهوض بالسلطات وإحداث إصلاحات جذرية دون التعاطي معها، وعليه تطرح الجمعيّة سلسلة من الخطوات العمليّة الّتي لابد من اتخاذها لمعالجة هذه القضايا.
ورغم أن الجمعية ترفض محاولة اختصار أزمات الحكم المحلي باعتبارات اقتصادية واستخدام شماعة نقص الميزانيات كتبرير لكل مشكلة، ورغم أنها لا ترى بالخطة الاقتصادية 550 حلًا سحريًا لقضايا المجتمع العربي في البلاد، إلّا أنها ترى بتلك الخطة فرصة لاستفادة السلطات منها وإحداث إصلاحات بنيويّة، خاصة وأن الخطة تضع أمامها هدف تطوير الدخل الذاتي للسلطات وهدف الإصلاح الإداري-التنظيمي، في سبيل تحسين جودة حياة المواطنين.
من جانبه أضاف المحامي نضال حايك، مدير عام جمعية “محامون من أجل إدارة سليمة”: “الميزانيات ليست هدفًا بذاته، إنما وسيلة لتحقيق أهداف عينيّة، ومن هنا ضرورة المتابعة والتأكد من استخدام ميزانيات الخطة الخماسية 550 بالشكل الصحيح لتحقيق الغرض الّذي جاءت لتلبيته. الإصلاح الإداري في السلطات وتعزيز الدخل الذاتي هي أهداف هامة تضعها الخطة الحكومية، وعلى كل الجهات ذات الصلة التعاون لتحقيقها والبدأ بإصلاحات إدارية جذرية. التغيير في عمل السلطة، بما فيه منظومة المناقصات والتعيينات والجباية، والشروع بتطبيق القانون، ليس بالمهمة السهلة، وقد لا يخدم منتخبي الجمهور على الصعيد السياسي، إلّا أنه لا مفر منه للنهوض بسلطاتنا المحليّة وتحسين جودة حياة المواطنين”.