تأثير الازمة الروسية الأوكرانية على موازين القوى –

كتب سليم اكرم خوري:

الحرب بين الطرفين الروسي والأوكراني ما زالت مستمرة، لقد أصبح من السهل رؤية عملية تكوين الميلشيات المسلحة او المرتزقة وارسالها الى أوكرانيا لدعمها. والسؤال هل نحن قادمون على ازمة أكثر صعوبة خصيصا بعد تشافي العالم من كوفيد 19؟ وكيف تغيرت هذه الموازين

التي تعيشنا في حالة ذعر وعدم اريحية؟

في شهر ديسمبر 2021 حشد 170 ألف جندي روسي وتطوق الحدود الأوكرانية، دخلت روسيا أوكرانيا من الشرق شبه جزيرة القرم ومن الشمال من بيلاروسيا. تقدم الجيش الروسي وسيطرت قواته على إقليم دونباس واحتل قواعد استراتيجية مثل تشارنوبيل , ومدن مثل خيرسون وهدفت السيطرة على مدينة خركيف ثاني اكبر المدن . للتوغل حتى العاصمة كييف، وفي حالة السيطرة على كييف توضح الصورة أكثر ان أوكرانيا وقعت تحت ايدي الروس.

نلاحظ ان هنالك دعم الغربي وتغطية إعلامية تهدف الهجوم على الرئيس بوتين تصفه بديكتاتور القرن 21 , مع تجاهل تجريد أمريكا من كل افعالها الا إنسانية تجاه العالم، صوماليا، أفغانستان، سوريا، العراق، ليبيا، وحتى فلسطين،

توقع المحللون نهاية الحرب خلال بضعة أيام، على الرغم ان الجيش الروسي من أكبر جيوش العالم وهذا ما لن نشهده. لماذا لم تنتهِ الحرب؟ لان خباثة الغرب التوغل في جميع مصادر العالم ونهب ثرواته، في هذه الحالة إذا تنازل بوتين عن أوكرانيا يعد بالنسبة لأمريكا تنازله عن أوروبا الشرقية. ومن جهة أخرى إذا انضمت أوكرانيا الى الناتو تشكل تهديدا على الامن القومي الروسي وهذا شيء بديهي ولا مفر منه. وإذا نجح الناتو في العملية سوف نواجه عملية عسكرية ضخمة تؤدي الى حرب عالمية ثالثه ما بين الروس والأميركيان، لأنه بالنسبة لبوتين هذا خط احمر، ولن يسمح بتحويط روسيا من كل الجوانب والسيطرة عليها

لكي يمتنع الغرب من المواجهة العسكرية استعمل طريقة خبيثة أخرى وهي وسيلة الضغط وهي بفرض عقوبات على روسيا، ولم يكتفِ بايدن في العقوبات انما واصل ارسال ميلشيات ومرتزقة مسلحة لكي يزيد الطين بلة وتسليح الشعب الاوكراني بأسلحة حديثه متطورة، بصواريخ ستينجير الامريكية ومدافع جفلين وهي سهلة ومتاحة الاستعمال لكل الأشخاص. وما زالت المقاومة الأوكرانية العنيفة تتصدى في المدن الأوكرانية وهذا من جعل الحرب طويلة للغاية ولا مجال للتفاوض .

وبدأ الصراع يتوسع الى كل العالم وفرضت الحرب مواقف دولية عديدة وتغيرت موازيين القوى والخريطة السياسية؟ كيف؟

بداية نتحدث عن قوة اقليمية وهي إيران، سبق وتوقعنا من دون تفكير ان إيران سوف تقف بجانب روسيا ضد أمريكا وإسرائيل ودول الخليج وهذا ما لم يحصل. إيران تمتل ثاني اكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، ورابعه عالميا من النفط، ايران منذ 40 عاما او اكثر تحاول ان تكون قوة مؤثره في الشرق الأوسط وتوسع نفوذها، فعملت على تصدير الثورة التي تمت من قبل الخميني عام 1979 , وأيضا التباهي في قدراتها النووية والتدخل في سياسات بلدان أخرى، سوريا، لبنان، فلسطين واليمن.

العداء الإيراني السعودي والإماراتي ليس عداء جديدا وأيضا لم ينته لان إيران تحتل 3 جزر في الخليج العربي، والسعودية مركز سني في الوطن العربي وتواجه دائما الإيرانيين كقوة إقليمية شيعية.

وأيضا تستغل إيران الموقف لدعم الحوثيين في اليمن ضد السعودية، كما ترهب العالم في ببرنامجها النووي الإيراني عاملة عليه منذ زمن بعيد تحاول ان تستفيد من باكستان لتطوير برنامجها النووي التكنولوجي.

بالنسبة لإسرائيل من المستحيل ان تعطي لإيران شرعية في تطوير سلاحها النووي، ولن تسنح لدول متعددة في الشرق الأوسط ان تهدد امنها وان تكون أسلحة نووية، كانت أمريكا سابقا مناهضة للفكر الإسرائيلي وهذه الأيدولوجية لمنع إيران من البرنامج النووي لذلك فرضت دائما عقوبات اقتصادية على إيران.

تم الاتفاق النووي (1+5) (بين إيران ودول تشمل أمريكا، فرنسا، بريطانيا، والصين وروسيا، وألمانيا) في عام 2015 بولاية الرئيس الديموقراطي أوباما بعد بولاية الرئيس ترامب تم الانسحاب من الاتفاق مما أدى الى تراجع الدور الإيراني في المنطقة وبذلك ازدياد التوتر في المنطقة لمعاقبة أمريكا مثال: ضرب ارامكوا (الشركة السعودية لتوليد الغاز والنفط).

في عام 2020 مع قدوم الرئيس الحالي جو بايدن أراد وما زال يريد ان يخطو على خطى أوباما، فتوجه لعقد اتفاقيات مع الجانب الإيراني التي أظهرت نجاحا تفاوضيا. مما زاد تخوف إسرائيل وتوترها من تطوير القنبلة النووية علنيا وليس في الخفاء

لذلك هي رافضة لإيران بكل شكل من الاشكال على الرغم من وعود الأميركية ان إيران سوف تلتزم بالقواعد ولن تشكل خطر.

عقدت مفاوضات في فيينا على مدار 10 أشهر مع الرئيس بايدن اذ ساعيا لتوقيع اتفاق مع الجانب الإيراني، مع دخول روسيا أوكرانيا الحرب وإذ بأمريكا تسرع عملية الاتفاق لان الخطة الامريكية هي تعويض أوروبا من الغاز الطبيعي من قبل إيران عوضا عن روسيا بعد ان رفضت السعودية والامارات ابداء موقفا يساند الطرف الأمريكي وتجاهلوا الموضوع.

بالنسبة لإيران كان من المهم عقد هذه الاتفاقيات المتعلقة بالبرنامج النووي فاتخذت موقفا ضد روسيا وإدانة موقف روسيا بالحرب على أوكرانيا.

نلاحظ هذا من تصريح سيرغي لافروف انه طالبا ان لا تتأثر العلاقات بين إيران وروسيا من بعد العقوبات الامريكية بسبب النزاع الحالي.

وأعلنت الوزارة الخارجية في إيران انها لن تسمح لعامل خارجي ان يهدم الاتفاق والمصالح الإيرانية فأصبحت أمريكا وإيران حلفاء وروسيا وحيدة في الساحة مع دعم صيني غير واضح! من مصلحة روسيا ان يزيد سعر البترول أكثر وأكثر لكي تضغط على الغرب اقتصاديا وتجاريا.

اكثرت روسيا من المحادثات مع الامارات والسعودية مما أدى الى عدم دعمهم مع للموقف، والامارات في مجلس الامن لم تصوت ولم تبدي رأيها في الحرب الروسية الأوكرانية لإدانة روسيا وأعلنوا انهم متفقين مع روسيا بشأن منظمة اوبيك بلاس للحفاظ على معدلات النفط.

هذا مؤشر الى حرب أهلية روسية اذا استمر الخناق الاقتصادي على الروس لسوف يشعل الحرب ما بين معارض ومؤيد لبوتين اذا لم ترض الدول أمريكا وحلفائها بترسيم نظام عالمي جديد ثنائي القطبية ولن توافق روسيا على أحادية القطبية فسوف نجابه حربا عالمية ثالثه.

سليم اكرم خوري، لقب ثاني علاقات دولية (البقيعة)                                                 22/3/2022

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .