سأشتَكيكَ يا آذار حتّى إن اعتذرتَ…
سأنفض الغبار عن ذاكرتي حتّى لا أنسى يوم وقع نجم أمِّي في حضني.
في ذلك اليوم، ذَبُلَت عناقيد الزّهر على أطراف الشّجر، وضاقت الدّنيا في القلب واعتصر.
آهٍ…سأشتَكيكَ يا آذار حتّى إن اعتذرتَ…
ليتَكَ يومها وقعتَ أسيرًا في قبضة تشرين وبرد كانون!! لاعتذر الرّبيع عن القدوم…لتأخّرت الشّمس عن البزوغ، ولتوقّف الجنين الأخضر عن شقّ طريقه من بين التّراب والضّلوع. لكنّك أتيتَ رغم أنفي، رغم إرادتي، رغم كلّ شيء…
في درج أحلامي الكثير من الحكايات نسجتها لك يا أمّاه، تسرد قصصًا أجمل من قصص ألف ليلة وليلة، وتحمل في خفاياها كلّ أسرار الكون والوجود.
هناك…في درج أحلامي كومة من رسائل الحبّ والاشتياق، حيث تسرّب الشّوق من بين السّطور باحثًا في المدى البعيد عنك. هناك… في اللا مكان واللا زمان… حيث الوجود واللا وجود، أخبرني بأنّه حين يلقاك، سيعود أدراجه ثانيةً حيث السّطور، وسيتأمّل في سكينة سرّ الحياة ما بين الكلمات والحروف.
وأنتَ… هل سأشتَكيكَ بعد يا آذار؟!!
كم تمنّيتُ يا أًمّاه لو عشتِ قبل ألفي عامٍ، وكنت تلك المرأة الّتي لمست هدب ثوب المسيح…لو كنتِ من بين أولئك الّذين عادوا إلى الحياة من جديد…لكنّ أمنياتي تتأرجح عبثًا، وتبقى ذكراك محفوظة هناك…في مكان لا يصله النّسيان.
وأنتِ يا أُمّاه … بعد عودة آذار أهمس لك:
“كم جميلٌ أنّكِ لا تزالين في عمر الورد والزّهور، رغم شيخوخة الدّهر ومشيب الزّمان!!”.
وأنتَ… كيفَ سأشتَكيكَ بعد يا آذار، وفي عودتِكَ يفوح عطرها كالطّيبِ في حقول اللّوزِ والياسمين ؟!!