إِليكِ قَدِمْتُ يا رفيقةَ العُمرِ
ونفسي مشتاقةٌ…
توّاقةٌ لحضنِكِ الأخضرِ
أتذكرين حديثَنا أمسِ عنِ الهُدهدِ
كيف في رفرفةٍ بهيّة…
يُلقي سلامًا وألفَ تحيّة
وعن نحلةٍ كانت تَطِنُّ
تَحومُ حولَكِ…
لَمْ تسترِحْ …
حتّى كلَّلَتْ جبينَكِ
بِطَوقٍ من الزّهرِ اللّيْلكِ
وأوراقٍ نديَّة
أيّتُها الكريمةُ الوفيَّة
أَذكرُكِ … في وجهِ الرّيحِ
صامدةٌ أبيَّة
وفي شموخِك
أراكِ…
بالأغصان باسِقة
وبالثّمار سخيّة
تعتلينَ الدّنيا
بِشذاكِ يفوحُ
عَبِقًا زكيّا
إنْ غبْتُ عنكِ سِنينًا أو دهورا
ذكراكِ تُبقي في حشاشةِ القلبِ
سكينةً…
يَرشَحُ العُمْرُ منها هنيّا
تُحتَضَرُ المناصبُ
مَعَ الأصيل
ولا تُخَلِّدُ الذّكرى القُصورَ البهيّة
يَفنى الزّمانُ
ويبقى القلبُ مَسكَنَكِ
يسألُك القُربَ
فالبُعدُ عنكِ مستحيلٌ
مستحيل
هكذا غَدَتِ الحقائقُ
ظاهرةً جليَّة
كيف لا نُكْرِمُك؟!
وما زلْتِ
تنسجينَ ثيابًا تنشرُ الشّعاعَ
والنّورَ الخَفيّا
كَرُمَتِ الأرضُ بعطائِكِ،
فَجُدْتِ علينا
وما بخلتِ يومًا
بثمارٍ دانية
وظِلالٍ وفيَّة..
فديتِنا بفلْذةِ كبدِك
وعلا عودُكِ
كالرّوحِ منْ أحشائِك النّقيّة
كم من مرةٍ طلبَ فؤادُك… الرّفقَ بِكِ
والحبَّ الوفيَّ!!
فهوتِ الفأسُ مرارًا
تُنذر بالشّقاء…
فاحتملتِ بصبرٍ جميلٍ
هَولَ الأذيَّة
لا الحقدُ احتلَّ صدرَكِ
ولا اشتهيتِ نقمةً
وما سَألْتِ نائبة
تُنْزِلُ البليَّة
يا حِصني…يا ملاذي
يا أخيّةَ الدّربِ
يا رفيقةَ العمرِ
بكِ يطيبُ العيشَ الهنِيّا