مقترح لوزارة الداخلية قد يمس بالسلطات العربيّة بدعوى محاربة الإجرام المنظم

 

 

ضمن الخطة الحكومية لمناهضة العنف، تناقش وزارة الداخلية في هذه الأيام اقتراحًا لإخراج مناقصات من السلطات المحلية، ونقلها إلى أجسام أخرى مثل الشركة التابعة لمركز الحكم المحلي أو العناقيد اللوائية، بناء على ادعاء ضبابي غير مثبت، لسيطرة منظمات الإجرام على السلطات المحلية العربية ومناقصاتها.

 

بناء على السياسة الّتي تتبناها وزارة الداخلية وتنوي إدارجها، ربما في تعديل قانوني مرتقب، تحاول الوزارة تقليص الميزانيات الّتي تصل مباشرة للسلطات، واستبدال ذلك بأجسام خارجية تنوب عن السلطات بالتعاقدات. وفي هذه المرحلة، اعتمدت الحكومة هذه السياسة كتوصية في إطار الخطة الخماسية الاقتصادية، إذ ينصح بفحص إمكانية الاستعانة بأجسام خارجية لتقليل تأثير جهات من عالم الإجرام.

 

إنّنا في جمعية “محامون من أجل إدارة سليمة” نرى خطورة في الاقتراح، حيث أن من شأنه إضعاف السلطات العربيّة اقتصاديًا، وإضعاف المصالح التجارية المحليّة الّتي تزود السلطات بالخدمات المختلفة. كما وأن المقترح لا يأتي بحل، إذ لا يتعاطى مع ظاهرة تهديد وابتزاز المقاولين الفائزين بالمناقصات، بل قد ينقل المشكلة من السلطات إلى العناقيد والأجسام الخارجية الأخرى الّتي ستدير المناقصات، ويظهر السلطات المحلية بصورة الضعيفة العاجزة عن القيام بأي دور في مكافحة العنف والجريمة.

والأهم من ذلك، لا تستند الخطة الحكومية لمكافحة العنف ولا تقرير مدراء الوزراء الّذي سبقها ومهّد لها لأي إثبات ودليل واضح حول وجود ظاهرة تدخل منظمات الإجرام بمناقصات السلطات المحلية، وحجم تلك الظاهرة في حال وجدت بالفعل.

 

نعي جيّدًا أن سلطاتنا المحلية ليست بمعزل عن العنف، فالعنف بأشكاله يطال الموظفين والمنتخبين في السلطات، إلّا أنه من الخطأ تصنيف كل حالة عنف على أنها “جريمة منظمة” أو “عصابات إجرام تسيطر على السلطات”. فعلينا أن لا ننسى أنّ العنف في حالات عديدة راجعٌ إلى امتعاض مواطنين متضررين من قرارات السلطة المختلفة، من عدم حصولهم على مكاسب معينة، وغير ذلك… ولا ننسى أيضًا عنف الشجارات الحمائلية على خلفية الانتخابات في بعض السلطات، والّذي يفوق بشدته ودمويّته على عنف العصابات.

 

لذلك، فلا بد من فحص دقيق، والخروج بتوصيات عملية مستندة إلى أساس علمي، وطرح حلول عينينة للسلطات الّتي تواجه العنف بشكل استثنائي وربما حلول لمناقصة في مجال معيّن، بدلًا من استغلال شعار مكافحة العنف لتغيير قوانين الحكم المحلي جذريًا، على نحو يضعف السلطات العربية ويتعامل معها على أنها خاضعة لمنظمات الإجرام ولا تقوى على إدارة شؤونها وأبسط مناقصاتها.

 

عليه، بادرت الجمعية بالتوجه بورقة موقف مفصّلة للمستشار القضائي للحكومة، إدارة وزارة الداخلية، أعضاء كنيست ورؤساء السلطات، طالبت فيها بإجراء دراسة موسعة قبل الإقدام على تبني الاقتراح المذكور.

 

من جانبه أضاف المحامي نضال حايك، المدير العام جمعية “محامون من أجل إدارة سليمة”: “مكافحة العنف كما الفساد، تكون بدعم السلطات المحلية، التوجيه والإرشاد الملائم، وتقويتها من حيث الموارد البشرية والميزانيات. التعامل مع السلطات على أنها ضعيفة ومهددة دون إثباث لذلك لا يساهم في تقدم السلطات. نطالب رؤساء السلطات العربية، أعضاء الكنيست، وكافة الجهات ذات الصلة، العمل للخروج بصيغة مرضية للمقترح، تعالج الظاهرة بموضوعية دون تضخيمها والمبالغة بحجمها”.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .