كان يدخل ضباط الجيش إلى المدارس ضمن اتفاق مع وزارة المعارف لإلقاء محاضرات تهدف إلى تحبيب التلاميذ بالتجنيد الاجباري، وذلك بعد ان زاد نشوز الكثير منهم على نَمَاء الاستدعاء لهذه الخدمة، نظرَا لقناعاتهم بأن السلطات تعاملهم كعرب من حيث الحقوق وأحيانا تميز ضدنا أكثر وذلك خلافا لما زعمت، إضافة إلى ان شعورهم بالانتماء القومي الامر الذي جعلهم يشعرون بان هذه الخدمة تتناقض مع بالانتماء.
دخل المدير برفقة أحد الضباط وقدمه لتلاميذ الصف الثاني عشر، قال: أقدم لكم الضابط يوآف، كي تتعرفوا على المستقبل الذي تنتظرونه، لا سيما أنكم مقبلون على الخدمة الاجبارية، التي ستصقل شخصياتكم على أحسن وجه، ثم انصرف إلى غرفته،
. قال الضابط بعد ان خرج المدير: نحن كما تعرفون نحبكم حبًا جمًا ونعزكم جدًا كما ان لكم منزلة خاصة في صميم قلوبنا.
صفر أحد التلاميذ ساخرا لكن الضابط تجاهل الصفير واستمر في حديثه قال: عليكم أولا ان تعرفوا بان الجيش سيوفر لكم كل الوسائل لنجاحكم، ثم إن الخدمة الاجبارية من شأنها ان تُكسب الجندي قواما جميلا ورشيقًا والشخصية القوية، والاهم هو ان من واجب المواطن ان يدافع عن وطنه..
رفع أحد التلاميذ أصبعه فأشار إليه الضابط قائلا: انا أحب ان تطرحوا عليَّ الأسئلة الصعبة التي تريدونها فذلك يضفي جواً جميلاً على محادثتنا، ويقربنا أكثر من بعضنا البعض، ولكن قبل ذلك أحب ان اتعرف على المتحدث، تفضل أيها الصديق العزيز ما هو اسمك؟
الطالب: اسمي جميل
الضابط: تفضل
جميل: قلت ان من الواجب الدفاع عن الوطن
الضابط: رائع جدًا.. اصبت كل الاحترام والتقدير.
جميل: الوطن هي الأرض اليس كذلك؟
الضابط: فعلا هذه هي الحقيقة.
جميل: ولكن من يسلب لنا الأرض هي الحكومة والتي لا تسمح لنا بالبناء على ما تبقى لنا من ارض، تلاحقنا وتفرض علينا الغرامات، هذا في حين انها تتيح للمستوطنين سلب أراضي الفلسطينيين والبناء عليها بدون رخصة وتوصل لهم الشوارع والمياه والكهرباء..
ذهل الضابط وبانت على وجهه امارات الانزعاج وبعد صمت قصير قال: أنتم احباءً لنا كيف تتحدث بمثل هذا الكلام المتطرف، أنتم كما اشرت لكم منزلة خاصة في قلوبنا..
وانقسم الطلاب بين موافق على حديث جميل ومعارض له وعمت الفوضى وسمع صوت أحد الطلاب وهو يقول: “اللي بروح عَ الجيش ضبع، برجع سبع” وتسأل اخر: يعني الحياة في الدول العربية أفضل؟ أي جهنم اليهود ولا جنة العرب، وقال ثالث معترضًا: احنا مركوبين ومهيصين، هم بدهم يحتلوا من النيل إلى الفرات، واحنا شو إلنا؟ وسمع رابع يقول: يا اخي خليها تكون حرية اللي بدو يروح الله يسهل عليه، واللي ما بدو يروح هو حر، بعدين انا ما بدي احارب شعبي كرمال عين صهيون اللي ما بشبع ولا بقنع، بدو العصفور والخيط، بدو البير والغطا، بدو الأخضر واليابس، بدو زهرة شبابنا وفي نفس الوقت، بدو ايانا مواطنين درجة “ب ”
واستمر النقاش حامي الوطيس إلى ان قرع الجرس ولكن النقاش استمر وسط صراخ كل يريد ان يقنع الاخر بوجهة نظره.
أكمل الطلاب المرحلة الثانوية وتم استدعائهم للخدمة الاجبارية فتوجه بعضهم مذعنًا للاستدعاء، وهناك من رفض الانصياع، وهناك من اخرج تقريرًا طبيًا يشير إلى ان صحته لا تسمح له بالخدمة…
فكر جميل في حيلة تعفيه من الخدمة وقال لنفسه بعد تفكير طويل: اهتديت السبيل، إذا رفضت قد اسجن ثلاثة أعوام، هناك سُبل يمكنني بواسطتها أن اتهرب من هذه الخدمة اللعينة.. عليَّ ان اتجند ومن خلال الجندية أرغمهم على الاستغناء عني، فرح لفكرته ولكنه عاد يقول لنفسه ولكن الحيلة فيها الكثير من الاحراج والبهدلة لا سيما إذا عرف الجنود الحيلة وعادوا يحدثون الناس في بلدي عنها، وقد اوسم بفعلتي.. هز برئاسة ونفخ زفيره بعيدًا وعاد ليقول: أيا كان الامر يبقى أفضل من الخدمة، فانا لست مجرمًا ولست حطبا يوقدون بها اطماعهم التوسعية ويشعلون نار حقدهم على شعبي.
بعد انتهاء المرحلة الثانوية قام قسم من الشباب بالحضور إلى مكتب التوجيه ومن هناك أرسلوا إلى قاعدة عسكرية فاستقبلهم قائد المعسكر مرحبا بهم معربا عن محبته لهم مع قليلا من الشرح والمزح، وفي النهاية اختتم حديثه بالقول: اذهبوا لترتاحوا اليوم، وغدا سيتم توزيعكم على كافة الوحدات وفقا لرغباتكم قدر الإمكان، وعليكم ان تكونوا جديين كي تتقدموا في رتبكم العسكرية، وفي الصباح استيقظ الجنود ولكن جميل لم ينهض من فراشه وعندما سأله أحد الضباط لاذ بالصمت وأشار إلى سرواله وتم احالته إلى عيادة المعسكر ومن هناك تم تحريره.
كان يدخل ضباط الجيش إلى المدارس ضمن اتفاق مع وزارة المعارف لإلقاء محاضرات تهدف إلى تحبيب التلاميذ بالتجنيد الاجباري، وذلك بعد ان زاد نشوز الكثير منهم على نَمَاء الاستدعاء لهذه الخدمة، نظرَا لقناعاتهم بأن السلطات تعاملهم كعرب من حيث الحقوق وأحيانا تميز ضدنا أكثر وذلك خلافا لما زعمت، إضافة إلى ان شعورهم بالانتماء القومي الامر الذي جعلهم يشعرون بان هذه الخدمة تتناقض مع بالانتماء.
دخل المدير برفقة أحد الضباط وقدمه لتلاميذ الصف الثاني عشر، قال: أقدم لكم الضابط يوآف، كي تتعرفوا على المستقبل الذي تنتظرونه، لا سيما أنكم مقبلون على الخدمة الاجبارية، التي ستصقل شخصياتكم على أحسن وجه، ثم انصرف إلى غرفته،
. قال الضابط بعد ان خرج المدير: نحن كما تعرفون نحبكم حبًا جمًا ونعزكم جدًا كما ان لكم منزلة خاصة في صميم قلوبنا.
صفر أحد التلاميذ ساخرا لكن الضابط تجاهل الصفير واستمر في حديثه قال: عليكم أولا ان تعرفوا بان الجيش سيوفر لكم كل الوسائل لنجاحكم، ثم إن الخدمة الاجبارية من شأنها ان تُكسب الجندي قواما جميلا ورشيقًا والشخصية القوية، والاهم هو ان من واجب المواطن ان يدافع عن وطنه..
رفع أحد التلاميذ أصبعه فأشار إليه الضابط قائلا: انا أحب ان تطرحوا عليَّ الأسئلة الصعبة التي تريدونها فذلك يضفي جواً جميلاً على محادثتنا، ويقربنا أكثر من بعضنا البعض، ولكن قبل ذلك أحب ان اتعرف على المتحدث، تفضل أيها الصديق العزيز ما هو اسمك؟
الطالب: اسمي جميل
الضابط: تفضل
جميل: قلت ان من الواجب الدفاع عن الوطن
الضابط: رائع جدًا.. اصبت كل الاحترام والتقدير.
جميل: الوطن هي الأرض اليس كذلك؟
الضابط: فعلا هذه هي الحقيقة.
جميل: ولكن من يسلب لنا الأرض هي الحكومة والتي لا تسمح لنا بالبناء على ما تبقى لنا من ارض، تلاحقنا وتفرض علينا الغرامات، هذا في حين انها تتيح للمستوطنين سلب أراضي الفلسطينيين والبناء عليها بدون رخصة وتوصل لهم الشوارع والمياه والكهرباء..
ذهل الضابط وبانت على وجهه امارات الانزعاج وبعد صمت قصير قال: أنتم احباءً لنا كيف تتحدث بمثل هذا الكلام المتطرف، أنتم كما اشرت لكم منزلة خاصة في قلوبنا..
وانقسم الطلاب بين موافق على حديث جميل ومعارض له وعمت الفوضى وسمع صوت أحد الطلاب وهو يقول: “اللي بروح عَ الجيش ضبع، برجع سبع” وتسأل اخر: يعني الحياة في الدول العربية أفضل؟ أي جهنم اليهود ولا جنة العرب، وقال ثالث معترضًا: احنا مركوبين ومهيصين، هم بدهم يحتلوا من النيل إلى الفرات، واحنا شو إلنا؟ وسمع رابع يقول: يا اخي خليها تكون حرية اللي بدو يروح الله يسهل عليه، واللي ما بدو يروح هو حر، بعدين انا ما بدي احارب شعبي كرمال عين صهيون اللي ما بشبع ولا بقنع، بدو العصفور والخيط، بدو البير والغطا، بدو الأخضر واليابس، بدو زهرة شبابنا وفي نفس الوقت، بدو ايانا مواطنين درجة “ب ”
واستمر النقاش حامي الوطيس إلى ان قرع الجرس ولكن النقاش استمر وسط صراخ كل يريد ان يقنع الاخر بوجهة نظره.
أكمل الطلاب المرحلة الثانوية وتم استدعائهم للخدمة الاجبارية فتوجه بعضهم مذعنًا للاستدعاء، وهناك من رفض الانصياع، وهناك من اخرج تقريرًا طبيًا يشير إلى ان صحته لا تسمح له بالخدمة…
فكر جميل في حيلة تعفيه من الخدمة وقال لنفسه بعد تفكير طويل: اهتديت السبيل، إذا رفضت قد اسجن ثلاثة أعوام، هناك سُبل يمكنني بواسطتها أن اتهرب من هذه الخدمة اللعينة.. عليَّ ان اتجند ومن خلال الجندية أرغمهم على الاستغناء عني، فرح لفكرته ولكنه عاد يقول لنفسه ولكن الحيلة فيها الكثير من الاحراج والبهدلة لا سيما إذا عرف الجنود الحيلة وعادوا يحدثون الناس في بلدي عنها، وقد اوسم بفعلتي.. هز برئاسة ونفخ زفيره بعيدًا وعاد ليقول: أيا كان الامر يبقى أفضل من الخدمة، فانا لست مجرمًا ولست حطبا يوقدون بها اطماعهم التوسعية ويشعلون نار حقدهم على شعبي.
بعد انتهاء المرحلة الثانوية قام قسم من الشباب بالحضور إلى مكتب التوجيه ومن هناك أرسلوا إلى قاعدة عسكرية فاستقبلهم قائد المعسكر مرحبا بهم معربا عن محبته لهم مع قليلا من الشرح والمزح، وفي النهاية اختتم حديثه بالقول: اذهبوا لترتاحوا اليوم، وغدا سيتم توزيعكم على كافة الوحدات وفقا لرغباتكم قدر الإمكان، وعليكم ان تكونوا جديين كي تتقدموا في رتبكم العسكرية، وفي الصباح استيقظ الجنود ولكن جميل لم ينهض من فراشه وعندما سأله أحد الضباط لاذ بالصمت وأشار إلى سرواله وتم احالته إلى عيادة المعسكر ومن هناك تم تحريره.