(رثاء الأديب الكادح حنّا إبراهيم بعد مرور عام على رحيله، طيّب الله ثراه)
ما عادَ ينفعُ لا طولٌ ولا شرحُ ما عادَ يشفيني نحيبٌ ولا نوْحُ
والعقل زاغَ إلى حيثُ الفؤادُ هفا نحوَ المزارِ الّذي قدْ ضمّه السّفحُ
والذّكرُ ينفعُ طولَ العمرِ مذْ رحلا بعد الغيابِ وكرَّ اللّيلُ والصّبحُ
حنّا وحنَّ وجيبُ القلبُ في لهفٍ والجرحُ يتلو دموعَ جراحِهِ الجرحُ
اسمٌ ورفرفَ نجمٌ في السّماءِ علا صوتٌ وجلجلَ يعلو الحقُّ والفرْحُ
فكرٌ جلا العتماتِ السّودَ ضحًى فعلُ النّضالِ أنارَ الدّربَ والطّرحُ
ما لي أراها ليالي الأنسِ موحشةً هل مسَّني الهجرُ أمْ قدْ ساءَني البرحُ
أمْ أنَّ وجدي خلا منْ كلِّ سامرةٍ أو قدْ تساوى بقلبي الحَزنُ والفرْحُ
قدْ لذْتُ للخمرِ أنسى علّه فرجٌ لا الخمرُ أرواني ولا أنسانيَ الطّفحُ
يا للحياةِ وفيها السّعدُ طارئةً في ساعةِ الكرْبِ أمّا الثابتُ التّرحُ
تبكي الجبالٌ سما في سمتِها قمرٌ تبكي الغيومُ ويبكي السّيفُ والرّمحُ
يشدو منَ الشّاغورِ لحنٌ كلُّهُ أملٌ شعرٌ يداوي همومَ اللّيلِ مذْ نزحوا
حنّا أيا ريحةَ الوطنِ المشرّدِ أهَلُهُ هوَتِ الجريمةُ يهوى عشقَها الذّبحُ
حنّا وقافلةٌ سارَتْ إلى الصّباحِ أمّا الكلابُ فأعيى صوتَها النّبحُ
يا أيُّها الشّابُّ حتّى إنْ تغرّبْتَ نحو المشيبِ فنبعُ عطائِكَ النّصحُ
مَنْ للسّياسةِ بعدَ اليومِ منْ بطلٍ مَنْ للميادينِ حينَ تكلّبَ الوقحُ
قدْ عشْتَ في البرِّ أزهارًا ويانعةً وعمتَ في الشّعرِ ما شاقَكَ السّبحُ
يا دوحةَ الوطنِ المحلّقِ للعلا هلْ عادَ يجدي إنْ سما الدّوحُ
ما عادَ ينفعُ لا ندبٌ ولا مدحُ ما عادَ ينفع لا غدو ولا روحُ
ها قدْ تساوى لديّ النّورُ والعتمُ بعدَ الرّحيلِ كذاكَ الخسرُ والرّبحُ
أهديك منّي سلامًا ما دعتْ رسلٌ عيسى وأحمدُ في محفوظِهِ اللّوحُ
يرويكَ من ديمٍ وبلٌ يفيضُ سنا يُهدَى لروحِكَ منْ فيضِها الصّفحُ
نمْ يا سعيدًا غذا أيّامَهُ سغبٌ كأنَّكَ الفطرُ أسقى عيدَهُ الفصحُ
نمْ يا مثالًا سما ما مثْلُهُ مثَلٌ ما عسعسَ اللّيلُ ثمَّ تنفّسَ الصّبحُ
(ألقيت في حفل تأبين الأديب الوطنيّ يوم الأحد 17/10/2021 في قاعة قصر الباشا في قرية دير الأسد)