قصة الأطفال “نور العين” للكاتب سهيل كيوان في ندوة مقدسية

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية عبر تقنية زووم قصّة الأطفال نور العين” للأديب الفلسطيني سهيل كيوان، ابن قرية مجد الكروم في شاغور الجليل.

افتتحت النقاش مديرة الندوة ديمة جمعة السمان قائلة:

كم كان جريئا الأديب الجليلي سهيل كيوان في طرحه للطفل مواضيع يصعب طرحها على الكبار أحيانا، وذلك من خلال قصته الموجهة للأطفال (نور العين)، القصة تتناول فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، لإنقاذ حياة آخرين ممن تعطل أي عضو من أعضاء أجسامهم، وممكن استبداله وزرعه في أجسامهم للمضي في حياتهم والعيش بصورة طبيعية.

موضوع في غاية الحساسية، يحتاج من الأديب أن ينزل إلى مستوى الطفل، ومن ثم يرتقي بفكره تدريجيا بأسلوب سلس لبق، إلى أن يصل إلى مستوى يتقبّله الطّفل، ولا يترك عنده أي أثر سلبي على نفسيته.

يلجأ معظم كُتّاب قصص الأطفال إلى الحيوانات، فيتّخذونهم أبطالا لقصصهم، ليكونوا جسرا يتمّ من خلالهم تمرير رسائلهم. إلا أن الأديب كيوان استعان بدمية الطفلة رشا، التي تضررت عينها بعد سقوط قطرة من الغراء على عينها اليسرى، ولم تنجح الطفلة في فتح عين دميتها رغم كل المحاولات.

حزنت رشا كثيرا على دميتها المفضلة السمراء ذات الشعر الأجعد التي لا تفارقها ليلا ولا نهارا. فلجأت إلى جدها الذي أهداها هذه الدمية، فشكت له ما حصل لدميتها، حاول أن يطمئنها، وأعلمها بأنه سيهديها دمية أخرى، إلا أنها رفضت وتمسكت بدميتها الأولى. موقف نبيل وأصيل من طفلة صغيرة. وهنا يطرح كيوان بصورة غير مباشرة عدة “قيم” نسعى أن نزرعها في أطفالنا : “الوفاء” و ” الاخلاص” و ” الاحترام”.  إذ أن احترام الهدية والتمسك بها يدل على محبة واحترام من قدم الهديّة.

أمّا الحوار بين الحفيدة وجدها فكان لطيفا جدا، وزخر بمعلومات في غاية الأهمية دون إقحام. علمنا من خلاله أن جدّها فقد بصره نتيجة خلل في القرنية، منذ حوالي تسع سنوات وأنه ينتظر متبرعا له بقرنيته، كي يستعيد نظره، ويسعد برؤية حفيدته من جديد، فلم يستمتع برؤية جمالها منذ تسع سنوات، وهي الآن بلغت العاشرة من عمرها.

كما قدم الكاتب معلومات قيمة عن تاريخ بداية زرع الأعضاء المختلفة في جسم الانسان، كالقرنية والكلية والقلب.

وهنا دخلت صديقتها ندى ابنة الطبيبة نور، التي طمأنت رشا وأكّدت لها أنها ستنقذ الدمية، فقد كان لديها دمية شبيهة تماما بدميتها، ولم تعد صالحة، فمن الممكن أخذ عينها وزرعها في مكان عين دمية رشا.

أحضرت ندى دميتها القديمة، وقامت الأمّ الطبيبة نور بعملية الزراعة، بعد أن أحضرت الأدوات اللازمة لذلك.

وتم اختيار غرفة في المنزل لإجراء العملية فيها. دخلت الطبيبة نور، واصطحبت معها أمّ رشا لمساعدتها. أغلقتا الباب، ولم تسمحا للطفلتين بالدخول إلى غرفة العمليات، وكأنها فعلا غرفة عمليات جراحية حقيقية في المشفى.

ركز الكاتب على حالة التوتر والقلق الذي مرت به رشا طيلة فترة العملية، وهي إشارة إلى وضع أسرة المريض النفسية وهو في غرفة العمليات، إلى أن يخرج الطبيب ويبشرهم بنجاح العملية. وهذا ما فعلته الطبيبة نور بعد أن تكلّلت عملية عين الدمية بالنّجاح.

كان الوصف موفقا جدا، عرّف الطفل على ما يجري في المستشفيات، وداخل غرف العمليات، كما وصفت طبيعة العلاقة بين الأطباء والمرضى وأسرهم.

كان الربط بين عين الجد وعين الدمية ذكيا جدا، قرّب الفكرة للطفل بصورة عملية ومقنعة جدا، وقد لخّص الكاتب دورة الحياة بفقرة جاءت في سياق حوار سلس جميل بين الجد وحفيدته، دون أي إقحام، إذ قال لها:

“اسمعي يا حبيبتي، هنالك أناسٌ نبلاءُ وطيّبونَ وكِرام جدّا، يُوَقِّعون على وصيّة، بأنّه إذا حان أجلُهُم، وتُوفّوا لأيِّ سببِ كان، فإنهم يوصون ويسمحون للأطباءِ بأخْذِ أيِّ عضوٍ من جسدِهِم، لزراعتِه في جِسْمِ مريضٍ في حاجَتِه، كذلك هناك من يتبرَّعون بأعضاءِ عزيزٍ عليهم فارق الحياةَ، وذلك لإنقاذِ مريضٍ، وهذا هو حالُ الدُّنيا، بعضُ الناسِ يرحلونَ، وبعضُ النَّاسِ يولدون، والبعضُ يمرَضُ، والبعضُ يتعافى، والبعضُ يُعَمَر طويلا، والبعضُ يقضي نَحْبَهُ في حادثِ طرقٍ أو حادث عمل، أو في مرضٍ مفاجئ، إنّها الحياة بكلِّ ما فيها من تقلّبات، وعلينا أن نكون راضين وسعداء في نصيبنا من هذه الحياة.”

وفي الختام، لقد وفّق الكاتب أيضا في اختيار أسماء شخوصه، بشكل يتناغم مع أدوارهم: الطبيبة نور، والتي أطلقت عليها رشا اسم نور العين، لأنها أنقذت عين دميتها.

وندى ابنة الطبيبة، التي بلّت ريق صديقتها رشا باقتراحها، وبتقديم عين دميتها لإنقاذ دمية رشا.

والجد سميح، الذي أشعرنا الكاتب من خلال وصفه، عن مدى سماحته وتعاونه، وأنه لم يكن عالة على أسرته على الرغم من أنه كان فاقدا لبصره، إلا أنه كان يخدم نفسه بنفسه.

ورشا، الاسم الناعم الذي تماشى مع نعومة الطفلة رشا.

لا شك أن قصة ” نور العين” هي إضافة نوعية لمكتبة الطفل العربية، وأنصح بدخولها المدارس، إن كان هناك توجها حقيقيا نحو نشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

 

كما كانت مدخلات مع حفظ الالقاب لكل من: جميل السلحوت، صباح بشير، هدى عثمان أبو غوش، روز اليوسف شعبان، رائدة أبو الصوي، دولت الجنيدي وفاطمة كيوان،

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .