نظمت جمعية الشباب العرب-بلدنا، يوم الجمعة، مؤتمرًا خاصًا بعنوان “قضايا الشباب”، والذي عرضت فيه، بحضور العشرات من الشبان والشابات وأعضاء الحركات الشبابية ولجنة المتابعة ومؤسسات مجتمع أهليّ وعاملين في قطاع الشباب، نتائج بحث نوعي أجرته على مدار عام شارك فيه نحو 500 شاب وشابة ومن ضمنهم 10 مجموعات بؤرية من مختلف الفئات العمرية والمناطق الجغرافية.
واستعرض المؤتمر أهم المعطيات والنتائج حول احتياجات وتصورات الشباب في الداخل الفلسطيني ضمن 4 محاور رئيسية: الهوية، التطوع والمشاركة الجماهيرية، التعليم والعمل. افتتحت المؤتمر المديرة العامة للجمعية، نداء نصار، قائلة: “تحمل هذه الدراسة قيمة مضافة خاصة وهي أن جيل الشباب يتحدث عن احتياجاته بنفسه، وعن تصوراته وهمومه وآرائه ومواقفه وتطلعاته حول مختلف المواضيع، سواء محور الهوية أو المشاركة الجماهيرية أو التطوع أو العمل والتعليم، ما يساهم في بناء استراتيجيات وآليات عمل متلائمة وأكثر تأثيرا ونجاعة. والأمر المهم الآخر والذي يجعل من هذا البحث ذو خاصية، هو أن البحث أعد وفقًا لمرجعياتنا ومسمياتنا واحتياجاتنا الوطنية والمهنية في آن واحد، دون الاعتماد على قوالب المؤسسة الإسرائيلية المحددة مسبقا.
وقدم رئيس لجنة المتابعة العليا، السيد محمد بركة، مداخلة أثنى فيها على الدراسة ووصفها بالنوعية والمهمة، مشيرًا إلى ضرورة المراكمة على هذه الدراسة وتناول معطياتها بالتفصيل في مختلف المجالات، وأعرب عن قلقه من بعض المعطيات في البحث مثل نسبة مشاركة وانتماء الشباب للأطر السياسية، واعتبر أن النسبة المنخفضة سببها ضعف الحركات الطلابية في الجامعات وغياب العمل الجماعي للأحزاب في المعاهد الأكاديمية.
وكانت الجلسة الأولى حول “الهوية والمشاركة الجماهيرية للشباب”، قدم خلالها الباحث وطالب الدكتوراة في جامعة جينيف، خالد عنبتاوي، الذي أعد الدراسة، معطيات البحث، وشارك في الجلسة كل من مديرة مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، د. هنيدة غانم، مديرة جمعية نساء ضد العنف، نائلة عواد، والمستشار التنظيمي مهند بيرقدار، وأدارتها المحامية سهير أسعد.
وجاء في معطيات البحث أنّ 72% من الشباب يرون أنفسهم جزءاً من الشعب الفلسطيني، و70% منهم يرون أنّ الشرطة مسؤولة عن الجريمة في المجتمع الفلسطيني بالداخل، و77 % مع حق المرأة بالعمل و94% منهم مع حق النساء في الحصول على التعليم الأكاديمي، لكن في جانب الحريات الشخصية تنخفض النسبة بشكل ملحوظ.
وعلى صعيد المشاركة الجماهيرية، كان المعطى الصادم هو أن 74.2٪ لا ينتمون لأي إطار، في حين ينتمي 11.3٪ لإطار رياضي أو فني فقط، بينما ٪2 فقط من الشباب ينتمون إلى أحزاب وأطر سياسية.
أما أكثر المعطيات إثارة للقلق واستدعاء للعمل كان الانتماء الديني والجانب الطائفي، إذ أبدت نسبة مرتفعة من الشباب تصورات طائفية تستدعي التأمل والعمل الجاد والمستعجل، إذ قال ما يقارب 39٪ إنهم يفضلون السكن في بناية غير مختلطة الديانات أو الطوائف. و52٪ يفضلون السكن في حي مكون من نفس ديانتهم و43٪ يفضلون التعلم في مدرسة غالبية طلابها من نفس دياناتهم، كما يفضل 36٪ العمل مع أناس من نفس ديانتهم.
أما الجلسة الثانية، وعنوانها “الشباب في التعليم والعمل”، حملت في طياتها معطيات كانت مفاجئة للكثيرين، إذ استعرض فيها عنبتاوي نتائج البحث في هذه المحاور وعقب عليها كل من مؤسس مبادرة “تالينت تييم” لدمع العرب في الهايتك، فادي العبرة، مدير الاتحاد الأكاديمي، عودة شحبري، المحامي ومخطط المدن، أمل عرابي، وأدارتها مديرة أبحاث مركز “هو بروفيت”، ريا الصانع.
وفصل البحث في محور التعليم بين المرحلة الثانوية والجامعية، اذ قال 82٪ إنهم اختاروا التخصص في المواضيع العلمية والتكنلوجيا والعلوم الدقيقة، وأظهرت الدراسة أنه في السنوات الـ 10 الأخيرة حصلت طفرة في التعليم الأكاديمي لدى الفلسطينيين في الداخل وارتفع عدد الأكاديميين بدرجات كبيرة، وازدادت بين 10٪ و22٪ بحسب المواضيع. وعن أسباب اختيار التخصص، قال 37٪ إن اختيارهم جاء بسبب ميول ورغبة شخصية، 24.3٪ اختاروا التخصص الثانوي بناء على ما يريدون تخصصه في الجامعات، و16٪ قالوا إن المدرسة هي من حددت لهم التخصص. وباقي النسب هي من تأثير الأهل والأصدقاء والبيئة المحيطة.
وفي المرحلة الثانوية، يميل 30.4٪ من الشباب إلى دراسة الهندسة وعلوم الحاسوب و24.5٪ إلى دراسة الطب والمواضيع الطبية المساعدة. ولفتت الدراسة إلى أن 79٪ من الشباب اختاروا موضوع التخصص الجامعي وفق الرغبة والميول الشخصي و10.1٪ بسبب سهولة إيجاد فرص العمل.
وفي مجال العمل كان المعطى الأبرز أن 20٪ من العاملين غير الجامعيين لا يحصلون على قسيمة راتب (تلوش) أو قسيمة جزئية، أي أن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والعمالية معرضة للخطر في أي لحظة.
أما على مستوى الطلاب الجامعيين، يعمل 30٪ فقط من الشباب في مجال تخصصهم بالجامعة بعد التخرج، أما الباقون فهم أما لا يعملون في مجال التخصص وإما في مجال قريب. وتظهر النتائج أن غالبية العاملين من شريحة الجامعيين راضون عن ظروف عملهم ولم يتعرضوا لعنصرية في العمل.
وعلى مستوى الطلاب الثانويين، تشير الدراسة إلى ظروف تشغيل مجحفة تكون فيها الفتيات الفئة الأكثر تضرراً، إذ لا يمنح المشغلون الحد القانوني الأدنى من الأجور، إضافة الى الاستغلال من خلال عدم استصدار قسيمة راتب وفق القانون والتعليمات والنظم المتبعة لضمان الحقوق.
ومن باب ضرورة الاستمرارية، ستتلو البحث خطوات عملية مثل عقد ندوات وأيام دراسية وطاولات مستديرة وحلقات نقاش تخصصيّة، وذلك للدفع بالنتائج لخطوات أكثر عملية على المستوى القطري وفي عمل الجمعية على وجه الخصوص.