أهدتنا مشكورة الأديبة والشاعرة نادرة شحادة من كفرياسيف ديوانها الأول بعنوان ” أحلام عابرة ” الذي يقع في 105 صفحات من الحجم المتوسط , والمطبوع طباعة أنيقة وجيدة في كفرياسيف والذي صدر بتاريخ 3/12/2020 .
يحوي الكتاب 27 قصيدة تعبّر فيها شاعرتنا عن أحاسيسها ومشاعرها . عن الطبيعة والجمال والحُب . تهدي ديوانها الى زوجها الغالي وأولادها , والى ” كل إنسان حُرّ نسج من أحلامه حلماً مقدساً يعبر فيه الحياة نحو باحات الأمل ” ( صفحة 5 ) .
في مقطوعتها ” همسات في خاطرة ” تتساءل الشاعرة لماذا نتقن في حياتنا الوقوف والبكاء على الأطلال ؟ , وننسى أننا بشر , فتقول : ” نتقن فن الوقوف والبكاء على الأطلال في زمن المحال وننسى أننا بشر يسكننا الحب والجمال . في روحنا نفسٌ يعانق الأشجار, الجبال والتلال”( ص7 ).
في أولى قصائد الديوان ” أنثى شقية ” تتحدث الشاعرة عن الثقافة القديمة المنسية فتقول :
وجهك العاري ثقافة قديمة ..
قصة منسية بلا تاريخ بلا هوية ” ( ص 12 ) .
ومن جيد قصائدها قصيدة : ” إعتذار ” التي فيها تستعير قلب غيرها , ربما أمها إذ تقول :
” أعذريني إن استعرت قلبك ِ ووضعتُ نبضكِ في يدي
نبضات قلبي لا تكفي بأن أحيا صباحي , مسائي وغدي ” ( ص 16 ) .
وفي قصيدة ” بكِ يستريح منامي ” تعود الشاعرة الى الذكريات والأمنيات فتقول :
” خدي ما شئت ِ من ركام الذكريات ولا تبحثي عني في أحلامك ِ العابرة فقد انتصف الزمان واحتضر المكان وأمسى الأمل في الأحلام شوكاً يمزق فراغ الأمنيات ” ( ص 28 ) .
نعم , المرأة قد تكون علّة وقد تكون الدواء والشفاء . وفي مثل هذا المعنى تقول في قصيدتها ” ثوب الحرير ” :
” عليلٌ أنا لا تزيدي علّتي
حبي سقيم ٌ لا تبخلي بشفائي .
جمرٌ تأجّج في دمي يلهب صبوتي
قد تكونين أنت علّتي أو قد تكونين دوائي ” ( ص 42 ) .
ومن أجمل قصائد هذا الديوان في نظري قصيدة ” صمت اليراع ” فتقول في مطلعها :
” من أين أبدأ واليراع مكبّلٌ .. ما بين صمتٍ قاتلٍ وعتاب ِ ” ( ص 52 ) وكما نقول : قلة الجواب جواب . وفي مثل ذلك تقول شاعرتنا ” الصمت يخلق في النفوس ِ مهابةً .. وجوابه ردٌ بدون جواب ِ ” ( ص 52 ) .
وكلنا يعلم أن الغد ليس باليد , إنه هبة خالق الأرض والسماء , الكون والفضاء . وفي مثل هذا المعنى تقول في قصيدتها ” فلسفة القدر ” :
القدر مشيئة الرّب
والقضاء شيء من السماء
يتوسع في معابر الخلود ..
لكننا سنبقى كالغرباء
نسيرُ خلف خريفٍ قادمْ
نلملمُ اوراقاً صفراءْ
تشعلُ ناراً
تفتحُ جُرحاً
حفيفاً أصفرَ وبكاء ْ – ( ص65 ) .
إن شاعرتنا بارعة بلغة الحُب , وفي ذلك تقول في قصيدتها ” لغة الهوى ” :
لغتي في الهوى لغةُ جميلة … والأجمل من يفهم معانيها
لغتي في الهوى شعر ٌ مقفّى … إن خطّها قلم ٌ ذابت قوافيها “. ( ص 72 )
وتعود الى الغرام في قصيدتها ” مناجاة ” وتقول :
لا تلومي الدهر فينا وأتركي مرّ الكلام
أرجعي حبّي إليَّ فنحن من خلق َ الغرام ْ ( ص 85 ) .
وفي قصيدتها الختامية ” وللحكاية بقية ” ترى الشاعرة أن كل شيء قد تجرّد من براءته : البحر , الشمس , الأرض , العشب , النخيل إذ تقول :
تجرّدت الأشياء من براءتها
تغيّر كلُّ شيء
لون البحر
لون الشمس ولون الأرض ْ
تغيّر لون الماء في بحري
ولون العشب ولون البرد ْ
النخيل في الصقيع يقبعْ
الطيور تحت ظلالها تُقتل ْ “ ( ص 90 ) .
إن شاعرتنا أبدعت في ديوانها الذي نحن بصدده , وأجادت في تقديم الصور الشعرية والعبارات الفكرية والخيالية , في الحب والجمال كأعظم الشعراء من الرجال .
إننا نشُدُّ على يد شاعرتنا نادرة متمنين لها المزيد من العطاء وإصدار المزيد من الدواوين التي تتناول فيها مختلف مواضيع الحياة .
لك ِ ولأسرتك ِ الحياة السعيدة والأعمار المديدة .