كتب: شاكر فريد حسن
في مثل هذا اليوم من العام 2010 ترجل عن صهوة جواده الصديق الرفيق د. أحمد سعد، الإنسان والمناضل والكاتب والصحفي البارع والمحلل السياسي الاقتصادي، فارس الكلمة والموقف، ورئيس تحرير مجلة “الغد” وصحيفة “الاتحاد”.
أحمد سعد شخصية قيادية وحزبية وسياسية وأيديولوجية، وقامة اعلامية وثقافية باسقة، عالية الصوت والنبرة الثورية، وزعت جهدها على ميادين متعددة، فانتزعت واستحقت الاعجاب والتقدير والاحترام.
عاش أحمد سعد وتوفى شامخًا وواقفًا كسنديان وزيتون وبطم الجليل، لم تلن له قناة، وصمد أمام المرض اللعين الذي قاومه بشراسة نادرة، وظلت هامته مرفوعة، باقيًا على درب حزبه، ولم تهتز قناعاته، ولم ينكس الراية بعد الانهيار المدوي والزلزال الكبير الذي عصف بالمعسكر الاشتراكي العالمي، وعرف طوال حياته كصاحب رسالة فكرية وسياسية وطبقية، وقلمًا نظيفًا ملتزمًا لا يساوم.
تحلى المرحوم د. أحمد سعد بالشجاعة والصدق والرؤية السياسية السليمة والصحيحة، منحازًا للجماهير العمالية الكادحة المسحوقة المستضعفة والفقيرة، وفي أسلوبه الكتابي وجدنا تلك الروح الإنسانية والثورية المتفائلة، والشجاعة والجرأة والمبدئية، وعمق التحليل والرؤية الواقعية والبوصلة السياسية التي ترشدنا إلى السبيل الحقيقي.
ترك أحمد سعد وراءه تاريخًا حافلًا بالنضال والتضحيات والذكريات، وإرثًا ضخمًا من الأبحاث العلمية في الاقتصاد السياسي، والمقالات الصحفية والسياسية التحليلية والكتابات التوثيقية والرثائية والنصوص النثرية التراثية الساخرة التي استمد موضوعاتها من واقع المشردين والمهجرين، ومن واقع البروة المهجرة، ومن صميم حياة القرية العربية.
المنهج العلمي، التحليل الواقعي، الالتزام بالفكر الأيديولوجي، المثابرة في النضال والكتابة، الثقة بمستقبل الشعوب المقهورة والمظلومة، استقلالية الرأي وحرية التفكير والتنوع والتعددية، احترام المركزية الديمقراطية، والنقد والنقد الذاتي.. هذه هي الأقاليم التي آمن بها وتمسك بها د. أحمد سعد على امتداد مسيرة عطائه ونضاله، والتي خاض فيها النقاشات والسجالات الفكرية والسياسية والتنظيمية مع أصحاب الفكر الديني السلفي وتجار الدين والوصوليين الهاربين من السفينة، مدافعًا ببسالة عما كان يراه حقًا وصدقًا.
أحمد سعد بكلمات قليلة هو العطاء السخي، والقلم المثابر، والمحلل البارع والضالع، والمبدئي الراسخ، والأصالة الثابتة، والمقاتل بلا هوادة عن الفكر الطبقي، فكر الفقراء والطبقة العاملة المسحوقة، الفكر المضيء، وسيبقى في ضمير شعبنا هاديًا ومرشدًا ومنظرًا وملمحًا على طريق الحرية والسلام والتقدم والعدالة الاجتماعية.
عاشت ذكرى د. أحمد سعد خالدة أبد الدهر، بإرثه الكتابي والنضالي والكفاحي.