جميل السلحوت بدون مؤاخذة- لن يتركوا الأردن وشأنه

يخطئ من يعتقد أنّ اسرائيل وأمريكا ووكلاءهما في المنطقة العربيّة سيتركون الأردنّ وشأنه، رغم تصريحات بعض المسؤولين الكبار في هذه الدّول، والتي تبدي تعاطفها مع الأردن ملكا وحكومة وشعبا في تعقيبهم على الأحداث الأخيرة المؤسفة والتي جرت السّيطرة عليها في مهدها، فالأردنّ مستهدف بأطماع التّوسّع الإسرائيليّ كما فلسطين تماما، وهذا ليس نبوءات ولا استقراء للأحداث، وإنّما ورد ولا يزال يرد على ألسنة مسؤولين اسرائيليّين، حيث يطرحون الأردنّ كوطن بديل للفلسطينيّين في محاولاتهم اليائسة والخبيثة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصهيونيّ التّوسّعيّ، كما يستهدف المنطقة العربيّة برمّتها؛ لتخضع للهيمنة الإسرائيليّة عسكريّا واقتصاديّا، وما تطبيع العلاقات بين أنظمة عربيّة واسرائيل ببعيد عن هذه المحاولات، كون اسرائيل قاعدة عسكريّة لأمريكا للحفاظ على مصالح الأخيرة في المنطقة. والأطماع الإسرائيليّة في الأردنّ ليست وليدة السّاعة، ولم تأت فقط بعد اعتراف إدارة الرّئيس ترامب في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولا بعد إعلان ترامب عمّا يسمّى صفقة القرن في 28 يناير 2020، واللتين كان رفض الأردنّ لهما واضحا لا لبس فيه، ممّا عرّضه لعقوبات اقتصاديّة غير معلنة لا يزال الأردنّ يعاني منها.

ففي كتاب نتنياهو “ Aplase between nations” الصّادر عام 1992 باللغة الأنجليزيّة، وترجم إلى العربيّة تحت عنوان “مكان تحت الشّمس” اعتبر نتنياهو الأردنّ جزءا من “أرض إسرائيل التي تطّل على الصّحراء العربيّة” ويقصد بذلك شبه الجزيرة العربيّة”السّعوديّة”، وبعد تأكيده بأن لا دولة ثانية بين نهر الأردنّ والبحر المتوسّط غير اسرائيل، وإذا ما بقي الفلسطينيّون مصرّين على إقامة دولة لهم، فإنّ اسرائيل وحليفتها أمريكا ستساعدهم على إقامة دولتهم في الأردن!

وهنا يجدر التّذكير مرّة أخرى بأنّ موقف الأردنّ الذي يتولّى رعاية الأماكن المقدّسة الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس والوصاية عليها، ووقوف الأردنّ مع الحقوق الفلسطينيّة، ومنها إقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، ورفض الأردنّ “لصفقة القرن” التي باتت في حكم المنتهية بعد خسارة ترامب لانتخابات الرّئاسة الأمريكيّة في نوفمبر 2020، وهذا ما لا يعجب اسرائيل وامريكا، اللتين تعملان منذ عقود على تنفيذ المشروع الأمريكيّ، “الشرق الأوسط الجديد” الذي يرمي إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وما تمخّض عن ذلك من احتلال العراق وتدميره وهدم دولته وقتل وتشريد شعبه، وتقسيم السّودان، وتدمير ليبيا وإسقاط نظام القذافي، وشنّ حرب كونية على سوريّا، والحرب الظّالمة على اليمن. وحصار لبنان وتدمير اقتصاده في محاولة لإنهاء حزب الله، والحصار الظّالم على إيران وغيرها.

والأردنّ ليس بعيدا عن هذه الصّراعات، فهو مستهدف أيضا، رغم تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيّين والإسرائيليّين ووكلاء أمريكا العرب المتعاطفة، والتي لا تخرج عن باب العلاقات العامّة والإستهلاك الإعلاميّ، انتظارا للحظة المناسبة للإنقضاض على هذا البلد الآمن. من هنا تنبع أهمّيّة الحذر وضرورة الإلتفاف حول القيادة الأردنيّة لحماية هذا البلد من المكائد والدّسائس التي تحاك ضدّه، ولا ننسى أبدا أنّ الأردن وفلسطين توأمان سياميّان لا ينفصلان، وأيّ محاولة للمسّ بالأردن هي مسّ بفلسطين وشعبها وتهديد للأمن القومي العربيّ برمّته.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .