كتبت خلود فوراني سرية:
احتضنت مدينة يافا يوم الجمعة 05 آذار 2021، عملا فكريا فنّيا – تدشين جداريّة – يحضن اللغة العربية ويحصّنها من شعور الاغتراب لدى أهلها عنها. لا سيما في مدينة مستحمّة بمحاولات الأسرلة والتهويد اليومية وعمليات الطمس لمعالمها الشاهدة على امتدادها العربي كمدينة يافا.
ويأتي تدشين هذه الجدارية بموضوع الاعتزاز باللغة العربية، استمرارا بل جزءا من المشروع الفكري الذي بدأته مجموعة “العربية ومهمة الفكر- زاد المسافر في عالم سافر ” قبل عامين، والذي تُوج بتدشين جدارية للإمام الشافعي في مدينة عكا في شهر كانون الأول الماضي.
حيث تواصل المجموعة عملها في إعمال اللغة العربية بالفكر والقضايا الوجودية واجتراح مقاربة جديدة لدور اللغة في إيقاظ الفكر، كمسعى أخلاقي من خلال منتج -جدارية يرجى منها أن تستوقف الرائي وتنشط فكره في زمننا الأصفر هذا.
فجاءت الجدارية تحمل كلمات الشاعر المصري الذي تميز بجزالة شعره حافظ إبراهيم في أشهر قصيدة له عن “اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها” شعر في ظاهره نعي وفي باطنه فخر باللغة العربية ومنافحة عنها:
” أنا البحرُ في أحشائهِ الدّرُّ كامنٌ فَهَل سَألُوا الغَوّاصَ عن صدفاتي”
من الجدير ذكره أنه أوكلت مهمة تحضير الجدارية للخطاط أحمد زعبي، الذي عمل بدوره على تصميمها وكتابتها بفن الجرافيتي ليظهر بحلته البرتقالية هذه.
وقد أرفقت للجدارية ترجمة للعبرية والإنجليزية على لوحة صغيرة للقرّاء الأجانب.
فكانت مدينة يافا تلك المدينة الوادعة الجميلة بعراقتها وفلسطينيتها، بعطر برتقالها، بصخب مينائها وعروبة أهلها لتكون هي العنوان لتعلّق المجموعة منتجها- جدارية حافظ إبراهيم في رحاب فضائه، في المدينة الساحلية المستلقية بحضارتها بعزّ وكرامة على كتفينا.
ولأن يافا العلم والحضارة والشعر- عاصمة فلسطين الثقافية دون منازع…
ولأن يافا الأرض التي عاش فيها وتنفس هواءها إلى أن هُجّر منها، الروائي والإعلامي الفلسطيني غسان كنفاني وغيره من أعلام فلسطين …
ولأن يافا عبق التاريخ وأمانة الحاضر والمستقبل…
كان حافظ إبراهيم وكانت اللغة وكان الزمن.
وهنا، ننتهز الفرصة لنتقدم بالشكر الجزيل ل- “الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا” على استضافتها المشروع لتكون هي الحيّز الذي تعلّق عليه الجدارية.
والشكر موصول ل- “معهد قرار للموسيقى والفنون” على حسن تعاونهم في فتح الأبواب للمشروع في يافا.
وقد قدم ممثلا عن الرابطة السيد جابي عابد كلمة ترحيبية، تحدث فيها عن أهمية استحضار اللغة في يافا لا سيما وأن نسبة ملحوظة من أبناء يافا يتعلمون في مدارس عبرية.
حضر التدشين وشارك به إلى جانب أفراد مجموعة ” العربية ومهمة الفكر”، ممثلون عن معهد فان لير- القدس وعدد من أعضاء الرابطة وبعض الشخصيات المجتمعية وأهل المدينة. وذلك مع الالتزام بتعليمات وزارة الصحة في ظل جائحة الكورونا.
أما عن كلمات التقديم:
باسم معهد فان لير، قدم بروفيسور شاي لافي – رئيس المعهد- كلمة أعرب فيها عن أهمية تعلم اللغة العربية لأنها لغتنا جميعا.. لغة اهل البلاد.
ثم باسم المجموعة قدم د. خالد فوراني – رئيس المجموعة كلمة جاء فيها إن امام صوت السلاح والجريمة تدعوك اللغة هنا لتنصت إليها وتحثك على السؤال والتفكر.
تلته في كلمتها عن اختيار هذه الأبيات الشعرية وفي يافا بالذات، خلود فوراني -عضو المجموعة- منوّهة إلى إن الجدارية تحمل أشهر شعر بلسان اللغة العربية ” اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها” والذي جاء ردا على محاولات تهميشها زمن الاستعمار البريطاني في مصر، وما أشبه اليوم بالأمس!
أما الفنان اليافاوي محمد قندس والذي أدار اللقاء باقتدار وشغف بالمشروع منبعه صدق انتمائه، فأشار إلى أهمية ترجمة الأفكار لمشاريع فعلية تشكل بوصلة لا نحيد عنها، وإلهاما ونموذجا بالمضي به قدما.
وفي تعقيبات الحضور جاء تأكيد على أهمية توسيع المشروع والانطلاق به في مدن مستهدفة أخرى، تدريس دورات للخط العربي، تشجيع الأهالي لاستعمال اللغة العربية مع أبنائهم وجوانب أخرى لاستحضار اللغة العربية بين أهلها في كل مكان وزمان.
ومن الحضور الذين شاركوا اللقاء وأدلوا بتعقيباتهم:
عضو المجلس البلدي- أمير بدران
عضو الكنيست- سامي أبو شحادة
القاضي الشرعي- أبو إياد زبدة
إمام الجامع – الشيخ سعيد سطل (أبو سليمان)
أعضاء إدارة الرابطة: الباحث- عبد القادر سطل، عبير سطل، نخلة شقر، أبو حسن.
والمحامي سعيد ريحان.
بقي أن نذكر أعضاء مجموعة “العربية ومهمة الفكر” فهم:
- د. خالد فوراني- رئيس المجموعة والمبادر للمشروع
- حنان السعدي- منسقة المجموعة ومساعدة تنظيمية /فان لير
- الشاعر حسين مهنّا- البقيعة
- د. لينا الشيخ حشمة- شفاعمرو
- خلود فوراني سرية- حيفا
- فادي كنعان- طالب دكتوراة- كفر قرع
- المحامي علي حيدر- عبلين
- لؤي وتد- طالب دكتوراة- جت المثلث
- د. عايدة فحماوي- باقة الغربية
- الفنان محمد قندس- يافا
- د. نزيه قسيس- الرامة
- د. أحمد اغبارية- أم الفحم
- مصطفى قصقصي- شفاعمرو
يجدر بالذكر أن تدشين لوحة قادمة بشعر المتنبي سيكون بعد أسبوعين في مدينة بئر السبع- جنوبا. وأن هذا المشروع الفكري هو بدعم ورعاية معهد فان لير- القدس.
وما بين يافا والقدس وعكا وحيفا وسائر مدن فلسطين فهو كالمسافة ما بين الغيم والمطر أو ما بين النارنج والسكر.