الأعشى في قصيدته التي مطلعها: “أوصلت صرم الحبل من سلمى لطول جنابها”
الشعر الجاهلي ميراث الأمة، وتراثها الذي حفظ حياتهم التاريخية، ومن خلاله أتيح لنا معرفة الفكر الديني، والعقلي، والثقافي.
علم الميثولوجيا باعتباره علما يبحث في الخرافات والأساطير الخاصة بأسرار الكون والآلهة والأبطال تم عن طريقه الكشف عن أصول ديانات الإنسان البدائية، ونشأة الدين عند الإنسان وتطوره.
ولعل أبرز ما اتسمت به الديانات عند العرب في العصر البدائي قبل الإسلام استنادا إلى تلك المصادر أنها كانت خليطا عجيبا من الأديان، وتوسعا في المعتقدات والمعبودات، والذي كان يصل إلى حد تقديس الأحجار، والأشجار، والنار، والمياه… وكل ما يفيدون منه لاعتقادهم أن لها أثرا خطيرا في استمرار حياتهم وبقائهم.
الدراسات التي قامت على الجانب الأسطوري تؤكد أن للتشبيب بالمرأة، أصولا ضاربة الجذور في أساطير العرب قبل الإسلام بزمن، وأنَّ التغزل بسعاد، أو أم عمر، وغيرهما.. إنما هو ترميز لآلهة كانت تعبد في الجاهلية الأولى، وأن الثور الذي يذكر في القصيدة بقية من بقايا العصر الطوطمي الذي عرفه العرب في الماضي السحيق.
وقد يأتي الشاعر بصوره المعبرة عن هذه الرمزية بدون وعي منه، وتعليل ذلك يتضح فيما بينه العالم النفسي يونغ: أن الأنماط البدائية هي أشكال رمزية متساوية موجودة على نطاق كوني في الحياة النفسية للإنسان، متجسد باللاوعي الجمعي الذي تشترك به ذات الفرد بصورة لا إرادية، وعن طريق الأحلام والأساطير والسحر والطقس والفن تفصح هذه الأشكال عن نفسها، وبالتالي يمكن إلى الخصائص الرئيسة لمشاعرنا وخبرتنا المتراكمة على أنها جزء من الإرث البشري والذي يمكن تحديد خطوطه العامة وديمومته وتماسكه بمنتهى الدقة بفضل تلك الرمزية”[1]
وحديثنا عن الرمزية الأسطورية للمرأة في المقدمة الجاهلية قد تحدث عنها عدد من الباحثين، إذ أشاروا إلى أن اقتران الطلل بالمرأة يضفي عليه طابع الخصوبة والحياة وما أن تهجره المرأة حتى يصبح ميتا معدوما [2]
وسنقدم في هذه الورقة البحثية قراءة للوحة غزلية من جانب ديني مقدس تسرب إلى عقلية الإنسان الجاهلي، منطلقين إليها مما جاءنا من صور شعرية نسجها في شعره، متخذين من قصيدة الأعشى في غزله بمحبوبته سلمى أنموذجا.
اعتمد الشعراء في أشعارهم على مصادر الموروثات الجاهلية القديمة، التي شملت الدين، والتاريخ، والأدب، والمعتقدات والأساطير التي أفادوا منها، بنوا صورهم الشعرية من عقائدهم وتقاليدهم التي هي أهم موروثاتهم الشعبية.
استقى الشعراء عامة والأعشى خاصة من الأصول العامة، والتي شكلت مجتمعة أسس الموروث في اللاشعور الجمعي، واستوعبت قصائده الديانات والعبادات والمعتقدات القديمة، وقد كانت عقائد الجاهليين تنصب على التقرب إلى الإله الذي يرجى رضاه ويخاف غضبه، مهما كان هذا الإله صنما أو قمرا أو ربا، وقد كان الدين مؤثرا مهما في شعره استطاع توظيفه بما احتواه من الآراء والأفكار، والمعتقدات التي كانت غائرة فيما يسمى باللاشعور الجمعي لأبناء عصره.
وبين أيدينا لوحة شعرية نمطية من البحور المجزوءة المنسجمة مع موسيقى الشعر الغنائي الجاهلي الموحي بالتراتيل الدينية التعبدية، بهدف إقامة الدليل على أن الأعشى استقى فكرته ومادته من أصول ميثولوجية، وتاريخية ودينية، والتي تدلل على تمسكه بماضيه ورغبته الأكيدة في إحياء التراث الذي يعود إلى جذور الحياة العربية القديمة.
لقد اتفقت الشعوب القديمة على أن المرأة هي بداية الجنس البشري، لأن من جسدها نشأت بذرة الحياة، ومن صدرها نبع حليب الاستمرار والبقاء، وهذا لاعتقادهم أن هذا الكون وما يحتويه من مظاهر طبيعية مختلفة إنما سيطر عليه قوى خفية هائلة، وعندما جسد الإنسان القوى المهيمنة بهيئة آلهة تصورها قياسا على البشر في جنسين مذكر ومؤنث، وقد كان منطقيا أن يعزو كل مظاهر الخصب والتكاثر في الطبيعة بما في ذلك تكاثر الإنسان والحيوان والنبات، إلى قوى الخصب الإلهية المتمثلة بالآلهة الأم( التي عرفت فيما بعد باسم أنانا، أو عشتار)[3]
فاستحقت العبادة في الفترة الطوطمية وجمع لها العرب الجاهليون الصور المختلفة للأمومة كالغزال والظبية والفرس والناقة من الحيوان والنخلة من النبات واللات من الأصنام والأوثان، وكلها صور مقدسة ترتبط بآلهة السماء الكبرى – الأم – الشمس- للصلة الدينية المقدسة بينهما، يقول نصرت عبد الرحمن: ” تبدو الشمس – اللات الجاهلية- الإطار العام لرمز المرأة في الشعر الجاهلي”[5]
ويغدو الزمن الماضي الذهبي زمنا مقدسا، من حيث طبيعته بالذات، قابلا للاسترجاع، إذ هو زمن أسطوري، بدئي قابل للصيرورة في الحاضر، عبر الذاكرة.[6]
فأساس صورة المرأة في الشعر الجاهلي ذو بعد ميثوديني ارتبط بفكرة القداسة، ومشكلة الميلاد ظهرت في هذا الكائن من خلال حفظ الاستمرارية في الحياة، فعنصر الخصوبة والتناسل تميزت به المرأة، حيث نجد أن “الخصوبة هي الرؤية الجوهرية لصورة المرأة في الشعر الجاهلي، منها كان المنبع، وإليها كان التصوير، وبذلك كانت الرؤية الميثيودينية هي الأصل في تكوين الصورة في الشّعر الجاهلي، والفكر الطّوطمي هو المسيطر على الخلفية الفكرية للشاعر الجاهلي، وهو ينحت صورة المرأة”[7]
ويقول يحيى معروف: “ارتبطت المرأة عند الجاهليين القدماء بنوع من العبادة الغامضة، التي ترمز إلى تقديس الخصوبة والنماء، والشّعر الجاهلي مليء بالصور الكثيرة التي تتحدث عن رحيل المرأة الذي يؤدي إلى خراب الديار وقفارها وربطوا بينها وبين الشمس، والشمس كانت معبودة، وكان رحيلها يؤدي إلى إقفار الدّيار، إذ هي رمز الخصب عند الإنسان، لأنها لاحقة بحياة الزراعة. ويذكر نيلسن أن العرب في الجاهلية قد صوروا الشمس إنسانا على هيئة امرأة حسناء عارية، ومن هنا تتجلى رمزية ارتباط الشمس بالمرأة، وأن توظيف الشمس في الشعر الجاهلي لصورة المرأة المثال حملت في طياتها عناصر التقديس”[8]
والأعشى يضعنا أمام صور عدة للمرأة ، لا شك أن لها جذور في الأساطير لأنها مثقلة بالرموز التي شكلت صورته الشعرية، في أسلوب قصصي، يتعاضد لفظ الرمز وسياقه على تأكيد قدسية الشمس في الدين الوثني القديم، وقد وظف الأعشى رموز العبادات الوثنية والاعتقادات البدائية في صوره، واتخذ من ” القمر” / الإله الأب، رمزا على الرجل المثال، الممدوح، كما اتخذ من الشمس ” الإلهة / الأم رمزا إلى المرأة المثال في جمالها وخصوبتها، وهي صور تكررت في شعره كغيره من الشعراء، لأنها تمثل صورا متوارثة ترتبط باللاشعور الجمعي الديني عندهم.
يقول إبراهيم عبد الرحمن:” لم يكن الرمز عن الشمس الآلهة المعبودة بالمرأة الجميلة شيئا جليا في الديانات الجاهلية، فقد فصلت ذلك الديانة السومرية في العراق من قبل، على نحو ما تقص ملحمة جلجامش في وصف عشتروت إلهة الخصب والحب والجمال.. وتتكرر هذه الصورة الشمس في سائر ديانات مصر والشرق القديم فهي فيها جمعيها آلهة…. وارتبطت عبادتها في الديانة الأشورية بالعاهرات المقدسات المعروفات باسم “عشتاريتو”[9]
وهذا ما ظهر في صور الأعشى التي رمز بها إلى المعبودة الشمس، من خلال صور تفيض بالوصف الأنثوي في المرأة، ومعاني تعبر عن الشهوة واللذة، يقول في قصيدته التي بين أيدينا والتي يصف فيها حبه ل” سلمى” وانبهاره بجمالها وفتنته بها:
أوصلت صرم الحبل من سلمى لطول جنابها
إلى قوله:
كالحفة الصفراء صا ك عبيرها بملابها
ويتساءل إبراهيم عبد الرحمن بعد عرض اللوحة كاملة من هي هذه المرأة التي يصفها الأعشى على هذا النحو الذي يجعل لها فيها أنصابا وقبابا وعبادا يطوفون بها، ويجعل لها ذكرا في الكتب الدينية وعذابا في الآخرة، وخسارة للذين يحتفظون بها ويقدسونها- أليست هذه هي الشمس، الإلهة الأم في هذا الثالوث السماوي التي كانت تتعبد له الجاهليون”[10]
والمسك أيضا ما هو إلا مظهر من المظاهر المقدسة المرتبطة بالمعابد الإلهية والمناسك الدينية، ويمكننا ملاحظة ارتباط المرأة بالطيب والمسك، فهي لا تتطيب فقط وإنما تصبه صبا ليدل على امرأة ذات ترف وبذخ، يقول:
كالحفة الصفراء صا ك عبيرها بملابها
وهنا يشبهها بأنها وعاء الطيب الذي يختلط بالزعفران والمسك والعنبر والدهن ونحو ذلك، مما تتعطر به المرأة.
ومن هنا يبدو أن هذه الصورة ليست لامرأة عادية، فهي تصب الطيب والمسك على نفسها، غالبا هذا الصب مرتبط بطقس ديني ، لصنم معبود، كانوا يطيبونه بأنواع كثيرة من الطيب، ولإظهار ترفها ورغد عيشها كان الأعشى يذكر أن ثيابها الظاهرة من الخز، يقول:
ترى الخز تلبسه ظاهرا وتبطن من دون ذلك الحريرا
كلها مظاهر موروثة تدل على ثرائها، فهي تلبس ثيابا من الخز، وقميصها من تحته الحرير، وكلها عناصر جمالية تجعلنا نتصور أننا أمام ربة من ربات الجمال والأنوثة. فهي منصرفة دوما إلى التزين والتعطر، والروائح العطرة هي التي تثير الرغائب الجنسية، الرغبة التي تشكل مفتاح الخصب في الطقس الديني القديم. وانشغالها بالتزين ما هو إلا من هذا الطقس لجذب التواقين إليها – المتعبدين- هو عبادة جنسية، تقدم في المعابد والمحافل الدينية.
والأعشى من خلال هذه الصور ينطلق من التراث الميثوديني للمرأة المثال، المتوارث في اللاوعي الجمعي بين الشعراء، فالمرأة المثال هي التي تتمتع بالترف الوفير، سواء أكانت صنما معبودا، أو ممثلة أرضية للآلهة الكونية.
إنها الإلهة الشمس الأم في العبادات السماوية واهبة الحياة والخصب والتي تعبد لها العرب القدماء، والمرأة هي الرمز الأرضي، وتعكس هذه الصورة في شعره صلته بالديانات الوثنية التي تأثرت أصلا بالمرحلة الطوطمية.
هذه الأبيات التي تحتوي قصته الجريئة، وحيلته الحذقة مع محبوبته، تحت الحراسة المشددة، وبعد ابتعاث رسول بينه وبينها، وتصوير دخوله دون خشية أو هيبة، ثم في لقطات سريعة وإيقاع سريع متلاحق يصور ما قام به، وهو يترقب في حذر انتباه الرقيب لئلا ينقضي الود والصفاء، إذ يقول:
ولقد غبنت الكاعبا ت أحظ من تخبابها
إلى قوله:
قسمتها قسمين ك ل موجه يرمي بها
وما يهمنا في لوحته الغزلية هو أنها شاهد على تلك العبادات والطقوس الوثنية من تقديس الأصنام، وتقديم النسك لها والطواف حولها، فهي الديانة الوثنية السائدة والمتوارثة في عصره، يقول في ذكر الأنصاب والأصنام التي عبدوها وعكفوا عندها:
فإذا عبيد عكف مسك على أنصابها
وفي غمرة تأمله بحال العباد واعتباره واستبصاره بمصيرهم يتذكر ما حل بالأقوام السابقة مستحضرا أسطورة عاد وثمود وما حل بهم من فناء هم وعمرانهم وما ملكوه من جاه ومال ، فالموت سيصيبهم لأن ملكهم لا يستطيع أن يمنحهم الخلود الأبدي الذي هو ضالة الشاعر والمتنسكين حول ربتهم، والتي بفعل الجنس تهبهم الخصوبة وبالتالي استمرار الحياة، فاستمرار نسلهم هو خلود القوم فعليا ويسيطر عليه المعتقد المتوارث بأن كل شيء إلى زوال حتى القرى يوما ستبيد، بما حق عليها من العذاب يقول:
إن القرى يوما ستهـ لك قبل حق عذابها
وتصير بعد عمارة يوما لأمر خرابها
فالخلود وطلب الحياة الدائمة كانا يؤرثان الإنسان القديم على قدر تأريق الموت له، ومنذ بداية الخلق كان الخلود غايته.
فوظف حجر مساكن ثمود وما حل بأهلها من عذاب ليذكر قومه بأن قوتهم وسطوتهم لن تدفع عنهم المنية والمصير المحتوم، والدليل هو ما حل بثمود فكانوا عبرة للمؤتسي فالفناء آت:
أولم تري حجرا وأنـ ت حكيمة ولما بها
وقصة هذه الأقوام هي من الأساطير التاريخية للأمم السابقة التي يذكرها الأعشى ليعبر عن سطوة الموت التي دخلت في تصوراتهم البدائية ومعتقداتهم الدينية والخرافية التي كانت تفسر تصورهم في الموت، وأنها بداية حياة جديدة ثانية لحياة أولى انتهت.
كان شعر الأعشى نموذجا برزت فيه معتقدات الجاهليين في مصير البشرية، فهم يقرون بأن الموت مصير كل إنسان، قويا كان أو ضعيفا، غنيا كان أو فقيرا، ملكا كان أو تابعا، وإنه يدركه مهما طال عمره، أو حصن نفسه، أو تحاشاه، فلا مفر له منه إذا حان أجله، وهذا من الحقائق البدهية التي أدركها القدماء وتوارثوها، ” فحتمية الموت واستحالة خلود الإنسان، وأن الآلهة جعلت الموت من نصيب الإنسان وحده، بينما استأثرت بالخلود لنفسها، وحين تخرج روحه من جسده تنزل إلى العالم السفلي- عالم الموت- ولا تجد الأرواح ما تعيش عليه سوى ما يقدم لها من نذور وقرابين”[12]
هذه الأساطير والمعتقدات البدائية القديمة التي تأثر بها الأعشى ووظفها في لوحته قارنا الأسطورة برمزية الفناء المتحقق في ذكر قصص الأقوام البائدة لتكون عظة.
وتأتي هذه الأسطورة منسجمة مع القصة التي يحكيها شعرا في لوحته الغزلية، حيث ثنائية الفناء واستمرارية الوجود، يقول د. إحسان الديك:” ارتبطت عبادتها بالعاهرات المقدسات المعروفات بالعشتاريات، ومن طقوس عبادتها البغاء المقدس الذي كان يقام في معابدها مدد للقوة الإخصابية الكونية، ودعما لها، وذلك لإخصاب الطبيعة، وللمحافظة على استمرارية الوجود ، وتواصل الحياة”[13]
وقد تشاءمت العرب من الغراب، فهو ينوح وينعق، ويرتد تشاؤم الناس منه إلى المهمة التي قام بها في قصة قابيل وهابيل، لأنها مقرونة بجريمة بشعة، وذكرت الأساطير أن الغراب كان في وقت ما أبيض اللون ثم تحول إلى أسود لشقائه. ولعل هذا اللون الأسود الذي تميز به الغراب عن بقية الطيور كان أحد الأسباب التي ولدت هذا التشاؤم، باعتباره أداة طقسية موروثة من ظل الدين القديم، ” وتفسير الأساطير السامية سواد الغراب وارتباطه بالتشاؤم وعدم الثقة، بأن نوحا أرسله – وهو في السفينة بعد الطوفان- يبحث عن الأرض، فترك المهمة الموكلة إليه، واخذ يأكل جيفة وجدها، وهنا حطت عليه لعنة سيدنا نوح، فتغير لون ريشه إلى اللون الأسود”[14]
والعامة تضرب المثل فتقول ما هو إلا غراب نوح، وتلتقي أسطورة غراب نوح بأسطورة غراب أبولو في التراث اليوناني ، فقد أرسل أبوللو الغراب ليبحث عن الماء فأبطأ فحلت عليه اللعنة الأبدية”[15]
والأعشى وظف الغراب في معرض هواجسه وخاوفه فقال:
إني أخاف الصرم منـ ها أو شحيح غرابها
وقد استعمل الأعشى الجن كرسول إلى سلمى:( فبعثت جنيا لنا ) يتفحص ظروف الزيارة الخاطفة التي يستغفل فيها قومها، في إشارة للنبي سليمان الذي كانت له الجن خادمة وتأتيه بالأخبار بلمح البصر، وكانت هذه المعتقدات في العصر الجاهلي سائدة، لأن الإنسان في العصر الجاهلي عاش في عصر تنبعث فيه الآلهة والأرواح في كل ما حوله، فآمن بقوى خفية كثيرة، ونسب إليها قدرات هائلة تفوق قدرات البشر، وسلم بسيطرتها على قوى الطبيعة، واختفائها وراء كل حركة أو ظاهرة تعرض له، يقول شوقي ضيف: ” كل هذه المعتقدات والعادات كانت نتيجة الايمان الواسع بالأرواح والقوى الخفية التي تحل في كل ما حولهم من مظاهر الطبيعة ..”وكان من أهم العادات الجاهلية التي ارتبطت بالجن والشياطين التطير “الذي يبدو على صلة بعقيدة استحالة الأرواح طيورا بعد مفارقتها الأجساد، فقد كان من المتعارف عليه عند كثير من الشعوب القديمة أن بعض فصائل الطيور هي أرواح الموتى بعد مفارقتها الأجساد”[16]
وكذلك يعتقدون بالغراب اعتقادا عجيبا، فمنهم من يعتقد أنه متعلق بالجن أو هو نوع منه، وقد عبر الأعشى أنه يخاف شحيح غرابها..
إذن كان الشعر الجاهلي بعامة وشعر الأعشى بخاصة مرآة الحياة الجاهلية، بعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها وبثقافتها الدينية والتاريخية والأسطورية.
[1] رايتر، وليم: الأسطورة والأدب 36
[2] عبد الرحمن، نصرت: الصورة الفنية في الشعر الجاهلي في ضوء النقد الحديث127
[3] علي، فاضل عبد الواجد: عشتار ومأساة تموز، منشورات وزارة الإعلام، الجمهورية العراقية، 1973، ص21
[4] انظر/ [4]أحمد، وسام عبد السلام عبد الرحمن: توظيف الموروث في شعر الأعشى، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية 2011
[5] الصورة الفنية في الشعر الجاهلي، ص150
[6] إلياد، مرسيا: المقدس والدنيوي، ترجمة نهاد خياطة، ط1، العربي للطباعة والنشر والتتوزيع- دمشق، 1987، ص67
[7] بلوحي، محمد، الشعر الجاهلي في ضوء القراءات العربية الحديثة، ص190.
[8] معروف، يحيى ، جمالية التغزل بالرموز الأنثوية في الشعر الجاهلي، ص131
[9] الشعر الجاهلي قضاياه الفنية والموضوعية ، ص261-263
[10] لشعر الجاهلي قضاياه الفنية والموضوعية ، ص269-
[11]أحمد، وسام عبد السلام عبد الرحمن: توظيف الموروث في شعر الأعشى، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية 2011
[12] حنون، نائل: عقائد ما بعد الموت في حضارة وادي الرافدين/ ط2، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1968، ص107
[13] الديك، إحسان: صدى عشتار في الشعر الجاهلي 2 159
[14] العنتيل، فوزي: الفلكلور ، ما هو، ص113
[15] نفسه ص113-116
[16] علي، جواد: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام6/ 788