عن دار الشّامل في نابلس -فلسطين صدرت قصّة الأطفال “صهيل الأصايل” للكاتبة آمنة محاميد زيد الكيلاني، رسومات منال نعيرات، تنفيذ ومونتاج معاذ عبد الحق.
وصلتني هذا القصّة إلكترونيّا بسبب جائحة كورونا، وما تسبّبته من إغلاق وتقييد لحركة التّنقّل بين المدن الفلسطينيّة. والقصّة مترجمة للغة الإنجليزية، فالصّفحة منها تقابلها ترجمتها للإنجليزيّة.
لا أعرف الكاتبة ولم يسبق لي أن قرأت لها، وهذا قصور غير مقصود منّي، فأنا أرتاد عادة مكتبات “وأكشاك” بيع الكتب، لكن لم أعثر على كتابات لكاتبة القصّة آمنة محاميد زيد الكيلاني، وعندما استعنت “بجوجل “وجدت أنّه صدر لها عام 2012 قصة أطفال بعنوان “سلحوفة تصنع طائرة ورقية”، ولم أعثر على غيرها، وهذا لا يعني أنّه لم يصدر لها قصص أخرى.
وعودة إلى قصّة “صهيل الأصايل، وهي قصّة كتبت بلغة فصيحة مشكولة الكلمات، ترافقها رسومات جميلة لمنال نعيرات التي تؤكّد من جديد قدرتها الفائقة على تقديم رسومات لقصص الأطفال تليق بأطفالنا. والقصّة رسوماتها مفروزة الألوان وكما يبدو على ورق مصقول، وإخراجها لافت بجماليّاته، ويحسب للكاتبة وللنّاشر وجود ترجمة للقصّة إلى اللغة الإنجليزيّة، وهذه حسب معلوماتي المتواضعة قصّة الأطفال المحلّيّة الأولى التي تصدر باللغتين العربيّة والإنجليزيّة وتقع بين يديّ.
وواضح من خلال مضمون القصّة أنّ الكاتبة قد استفادت من التّاريخ، عندما كان العرب والمسلمون أمّة ماجدة، وكأنّي بها توصل للأطفال بطريقة غير مباشرة معلومات مفادها أنّ أمّة ذات تاريخ عريق لن تقبل الذّلّ والمهانة، وستعود إلى أمجادها ولن تترك قدسها مكبّلة محتلّة.
والقصّة تدعو الأطفال إلى التّساؤل والتّفكير حول معلومات وردت في القصّة، وتشكّل برهانا ودليلا على حضارة بناها الآباء والأجداد بعرقهم وبدمائهم. فالطّفل بطل القصّة الذي رافق في منامه فرسانا أشدّاء، حطّت بهم الرّحال في باب كيسان وهو أحد أبواب دمشق القديمة، وواصلوا طريقهم إلى القصر الذي في حديقته نوافير يخرج ماؤها هادرا من أنياب أسود تشير إلى قصر الحمراء ” وهو قصرٌ أَثريّ وحصن شَيَّده الملك المسلم العربيّ أبو عبد الله محمد الأول محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر بين 1238-1273 في مملكة غرناطة.” في الأندلس-اسبانيا حاليّا، ثمّ طافوا في بلاد ما بين الرّافدين والمقصود هنا العراق، وحضارة الفترة العبّاسيّة، وهناك يرون طيف فتاة تصرخ مستنجدة “أغيثوني…أغيثوني”!. ثمّ تحلق الخيول إلى أن تصل سماء القدس فيتعرّف عليها الطّفل كونها مدينته، ” أومأ الفارس الملثّم لمرافقيه من الفرسان أن تحطّ خيولهم في ساحة البراق، ولكن الجياد ارتعدت ونكصت إلى الخلف، وبقيت معلّقة في الفضاء. حيث كانت السّاحة والمدينة محاصرتين بجنود مدجّجين بالسّلاح….وبقيت الخيول معلّقة بين سماء مدينتي حيث أشار الفارس الملثّم لي مودّعا وقائلا: لن تبقى مدينتك محاصرة يا بنيّ فنحن قادمون.”
والقارئ لهذه القصّة سيجد أنّها تعبّر عن أحلام الفلسطينيّين الذين ينتظرون النّصرة من إخوانهم العرب والمسلمين، وتؤكّد أنّ دوام الحال من المحال، وأنّ النّصر قادم بالتّأكيد، ومن خلال تحليق الفرسان فوق القدس، ورؤيتهم لمسجدها العظيم “الأقصى”، ومحاولتهم الهبوط في ساحة البراق تذكير بأهمّية المدينة الدّينيّة، وتذكير بحادثة الإسراء والمعراج. ويلاحظ أنّ الكاتبة لم تختر أماكن قصّتها عبثا أو صدفة، فسوريا تعيش مأساتها بسبب حرب الإرهاب عليها منذ عام 2011، والعراق يعاني منذ احتلاله عام 2003، والأندلس ضاعت من العرب منذ العام 1492، والقدس محتلة منذ العام 1967.
ملاحظة: ورد في القصّة:”وأنا أنظر من علٍ أبحث عن مدينتي” والصّحيح “من علُ” فعلُ مبنيّة على الضّم، وفي وصف امرئ القيس لحصانه في معلقته :
“مكرّ مفرّ مقبل مدبر كجلمود صخر حطّه السّيل من عل”
جاءت من باب: يجوز للشّاعر ما يجوز لغيره، وجاءت مجرورة لمناسبة قافية القصيدة مجرورة اللام في أبياتها جميعها.
ولو قرأنا بيت الشّعر آنف الذّكر منفردا لضممنا لام “عل”.