اغلاق الحرم الابراهيمي الشريف ومنع حق العبادة للمسلمين جريمة تستوجب العقاب

    

* المحامي علي ابوهلال

في انتهاك جديد لحرمة المقدسات الدينية وحق وحرية ممارسة الشعائر الدينية، أقدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي يوم الخميس الماضي السابع من شهر كانون الثاني/ ديسمبر، على اغلاق الحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل، بحجة مكافحة فايروس كورونا، لمدة 10 أيام بحجة مكافحة انتشار فيروس كورونا. وذكر مدير الحرم الإبراهيمي، ورئيس سدنته، الشيخ حفظي أبو سنينة، أن “قرار الاحتلال بإغلاق الحرم الإبراهيمي سيمنع دخول المصلين والزوار إلى أي جزء من الحرم“. واعتبر أبو سنينة أن “الاحتلال يحاول حرمان المسلمين من الوصول إلى الحرم”، مؤكدا أن “المصلين والزوار ملتزمون بكافة الشروط الصحية والوقاية حسب البروتوكولات الوقائية المعمول بها“. وأوضح أن “جنود الاحتلال المنتشرين على الحواجز العسكرية المحيطة بالحرم ومنذ فترة لا يسمحون بدخول أكثر من 20 مصليا للحرم.

اغلاق الحرم الابراهيمي الشريف بحجة مكافحة انتشار فيروس كورونا، ليست المرة الأولى، فقد أغلقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، الحرم لمدة أسبوعين في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ان تذرع سلطات الاحتلال بإغلاق الحرم الابراهيمي الشريف بهذه الحجج غير صحيحة، وأن هدف الاحتلال من الاغلاق هو حرمان المسلمين من الوصول إلى الحرم وأداء الصلاة فيه، في الوقت الذي يسمح فيه للمستوطنين دخول الحرم بدون قيود.

وقد دأبت سلطات الاحتلال على إغلاق الحرم الابراهيمي لفترات معينة، بمناسبة الأعياد اليهودية الدينية في عيد الغفران وعيد العرش، ومن الجدير ذكره أن اغلاق الحرم كان قد فرضه الاحتلال منذ العام 1994، في أعقاب تقسيمه زمانيا ومكانيا، بعد المجزرة التي ارتكبت داخله من قبل مستوطن اسرائيلي، وراح ضحيتها 29 مصليا، إضافة إلى 150 جريحا، حيث يتعمد استباحته لسوائب المستوطنين، بالإضافة إلى منع رفع الأذان او دخول الموظفين في كثير من الاحيان.

إن ما تقوم به سلطات الاحتلال من تضييق على الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية، يأتي  مخالفا لقواعد القانون الدولي التي اكدت على ضرورة حماية الأماكن المقدسة لضمان ممارسة الشعائر الدينية بحرية، إضافة إلى مخالفته للإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م في مادته “18” والتي نصت على  “لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

كما يتناقض مع اتفاقية الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1965م حيث نصت المادة “5” منها على أنه: إيفاء للالتزامات الأساسية المقررة في المادة 2 من هذه الاتفاقية، تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بالحقوق التالية: ……وذكرت منها الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين…”.

 ويخالف  قرار الأمم المتحدة بشأن مكافحة قذف أو ازدراء الأديان لعام 2005م حيث أصدرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قرارا بشأن مكافحة قذف أو ازدراء الأديان بتاريخ 12ابريل 2005 : وهو يعتبر من أهم القرارات الدولية التي تحظر الإساءة إلى الأديان بحيث عبرت اللجنة فيه عن بالغ قلقها بشأن النمط السلبي المتكرر ضد الديانات ومظاهر عدم التسامح والتمييز في الأمور المتعلقة بالدين أو العقيدة التي تتجلى في العديد من أنحاء العالم، واستهجانها الشديد للهجوم والاعتداء على مراكز الأعمال والمراكز الثقافية وأماكن العبادة لجميع الديانات.

ان استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسات الدينية في المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، وفي الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل، وفي سائر الكنائس والمقدسات المسيحية، وتواصل الانتهاكات ضد حرية وحق ممارسة الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين، لشعائرهم الدينية يتطلب من المنظمات الحقوقية الدولية ذات الصلة،  وخاصة هيئات الأمم المتحدة، الضغط على حكومة الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني، وللقانون الدولي لحقوق الانسان، ولقرارات الشرعية الدولية، كما يتطلب  تدخل منظمة اليونسكو القيام بمسؤوليتها لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة. ويقع على عاتق منظمة المؤتمر الإسلامي، القيام بواجباتها ومسؤولياتها لوضع حد لهذه الممارسات العنصرية من قبل قوات الاحتلال، والتي تمنع الحق والحرية في ممارسة الشعائر الدينية.

 

كما يتطلب من دولة فلسطين وبعثاتها الدبلوماسية والقانونية لدى المنظمات الدولية الحقوقية، إلى التحرك العاجل من أجل ممارسة هذه المنظمات، المزيد من الضغوطات على حكومة الاحتلال، لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة التي تمنع حق وحرية العبادة للمسلمين والمسيحيين، كما يقتضي منها التوجه للمحكمة الجنائية الدولية، لطلب التحقيق في هذه الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال، وفرض العقوبات القانونية على مرتكبيها.

*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.                 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .