فلورندا مصلح ومجموعتها القصصية ” الصفعة الثانية “

 

بقلم: شاكر فريد حسن
كانت الصديقة الكاتبة الفلسطينية ابنة غزة، الأستاذة فلورندا فخري مصلح، أرسلت إلي الكترونيًا، مجموعتها القصصية الأولى ” الصفعة الثانية “، الصادرة العام 2018 عن دار الكلمة في غزة، والواقعة في 106 صفحات من الحجم المتوسط، وضمت بين طياتها 21 قصة قصيرة تطرح قضايا مجتمعية باختلافاتها وتنوعاتها، وصمم غلافها الفنان خالد عيسى.
وفلورندا مصلح كاتبة وشاعرة وأكاديمية أنهت دراستها العليا في رام اللـه، وحاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، اشتغلت معلمة لمبحث اللغة العربية في مدارس وكالة الغوث بمخيم البريج، مسقط رأسها، لمدة ثمان سنوات، وبعدها تم ترقيتها لوظيفة مديرة مدرسة غزة الابتدائية المشتركة(ب).
شغفت فلورندا بالقراءة والكتابة ولغة الضاد منذ نعومة اظفارها، وهي تكتب القصة القصيرة والشعر وللأطفال، ونشرت بعضًا من قصصها في مجلات الوطن، وكانت تراسل مجلة ” الفجر الأدبي ” وصحيفة ” الميثاق “، وفازت بجائزة الحرية للأسرى سنة 2010. وإلى جانب القصة القصيرة، تكتب الشعر ونشرت عددًا من قصائدها في مواقع الكترونية محلية وفلسطينية، خصوصًا في موقع دنيا الرأي، ولديها مجموعة ناجزة لم تر النور بعد.
وتأتي هذه المجموعة القصصية لتكشف أننا أمام كاتبة ناضجة على طريق الإبداع، تمتلك أدوات الكتابة ولغة السرد، وعلى دراية بمنهجية الكتابة القصصية السردية.
قصص فلورندا في مجموعتها ” الصفعة الثانية ” تمزج بين الهم الاجتماعي الإنساني والوطني، وتعكس ثيمات الواقع وهموم المجتمع والناس، وتعري الواقع وتكشف تناقضاته الاجتماعية، وترسم صورة للحياة اليومية القاسية في غزة ومخيماتها. وهي قصص واقعية مستمدة ومستوحاة ومستلهمة من واقع البؤس والشقاء والفقر والجوع والعذاب، وذات مضامين وأبعاد اجتماعية واضحة، تركز على المكان، تحاكي الواقع والحياة، وتسلط الضوء على قضايا معيشية واجتماعية، وتكشف عن جوانب مظلمة تعاني منها المرأة الغزية بشكل خاص، والمرأة الفلسطينية والعربية عامة.
فلورندا مصلح قدمت للقارئ قصصًا واقعية رائعة، بلغة جميلة وصور أجمل، لغة بسيطة قريبة للذوق الشعبي، ومما يدور على ألسنة الناس في حياتهم اليومية، ولغة شعرية مكثفة جسدت اللحظة الزمنية الراهنة، وطرحت موضوعات إنسانية بعيدة عن التكلف، بأسلوب قصصي سردي شائق، بعيدًا عن السرد والقص الممل.
وهي تغوص بعمق في التفاصيل والجوانب الإنسانية الخفية، وتتفاعل مع الحدث، وتصوره بتفاصيله الدقيقة.
ويمكننا القول، أن قصص المجموعة مرتبطة بالإطار الواقعي الاجتماعي العام، وتظهر مقدرة فنية وبراعة أدبية ملموسة لدى الكاتبة فلورندا مصلح، في استخدام وسائل التكنيك الفني الحديث في القصة القصيرة، والانتقال سريعًا إلى أكثر من لقطة وحادثة وحكاية، وتكديس الحوادث والشخوص واستغلال الحركة في الزمان والمكان، وتتسم قصصها بعباراتها الوصفية الحسية.

وتبدو نصوص ” الصفعة الثانية ” على غاية من الترابط والتمساك اللغوي والحكائي الفني، وجميعها مكتظة بالوصف، والتركيز على فكرة محددة، ونظرًا لثراء هذه النصوص على المستوى الفني والحبكة القصصية والتمكن من السرد والبناء القصصي وتطور الأحداث، فهي مفتوحة على قراءات كثيرة، لغوية، سيمائية، واجتماعية نفسية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .