عندما يُفكِّر المرء كيف أصبح على ما هو عليه اليوم، كيف اصبح ناجحًا ومثقَّفًا يخدم شعبه بإخلاص، يكون هذا، كلُّه، بفضل من ربَّاه منذ طفولته، ورافقه بخطواته الأولى.
ولكن دون شكٍّ، حيث لا أقلَّ من هذا الفضل، يعود لمن علَّمه ورافقه خلال سنوات دراسته. فخلال هذه السَّنوات تُستكمل شخصيَّة الطَّالب، وتتكوَّن طموحاته وتطلُّعاته، إلى ماذا سيكون أو إلى ماذا سيُصبح في المستقبل.
من الصَّعب أن استذكرَ بهذه العجالة، جميع من لهم فضل عليَّ وعلى ابناء جيلي بأكمله، لكنِّي أحني رأسي لكلِّ من ساهم بتثقيفنا وتعليمنا.
أذكر في خطواتي الأولى الأستاذ وجيه عوض، الأستاذ جبران كسابري، ولاحقًا الأستاذ والشَّاعر الكبير حنَّا أبو حنَّا، متمنيًا لهم طول العمر والبقاء..
أذكر ايضًا الأستاذ شكري الخازن، طيِّب الذِّكر، بمحبَّته للطُّلاب وحمايته ورعايته لنا.
امَّا اليوم فأنا أخصِّص هذه الكلمات وأقف إجلالاً ومحبَّةً للمعلِّمة والمُدرِّسة والأستاذة المثقِّفة والمثقَّفة، سلمى الماضي، التي فارقتنا قبل أيَّام. من الصَّعب أن انسى إخلاصها ومحبَّتها للطُّلاب، وجهدها الكبير الذي بذلته، من أجل إنجاحنا لنصل إلى ما نحن عليه اليوم.
كانت معلِّمةً قلَّ ما يجود الزَّمان بأمثالها، لتكن ذكراها خالدة..
امَّا بالنِّسبة لي شخصيًّا، فهي ايضًا والدة صديق العمر د. ربيع أبيض، الذي رحل عنَّا باكرًا وهو في قمَّة عطائه، قبل عدَّة سنوات..
وهي أيضًا الصَّديقة الوفيَّة لوالدتي، أولغا، التي رحلت عنَّا قبل ثلاث سنوات..
ستبقى المربية سلمى الماضي معلِّمتي الحبيبة، طالما يجري الدَّم في عروقي، وسأذكرها ما حييتُ..
وستذكرها الأجيال التي تربَّت على أيديها بالخير والتَّقدير والمحبَّة والامتنان، بالسِّيرة الطَّيِّبة والحسنة..